جوجل: حقل معلومات خصب لأجهزة الاستخبارات؟
٢٥ أكتوبر ٢٠٠٦"جوجل وأمثاله – محركات البحث بين المصالح الاقتصادية والمسئوليات الإعلامية السياسية." تحت هذا العنوان نظمت مؤسسة دويتشه فيله حلقة نقاش على هامش المؤتمر الإعلامي الدولي، الذي انعقد في ميونخ في الفترة من 18 حتى 20 أكتوبر/تشرين الأول 2006. أدار حلقة النقاش هولجر هانك، رئيس قسم وسائل الإعلام الحديثة (نيو ميديا) في مؤسسة دويتشه فيله، وشارك فيها كل من راشيل ويتستون، مديرة العلاقات العامة لشركة جوجل في أوروبا، ويوخن فيجنرن، رئيس تحرير موقع مجلة فوكوس الألمانية على شبكة الانترنت، والصحفية كاترين باسيج، بالإضافة إلى مكلف الحكومة الاتحادية في ألمانيا بشئون حماية البيانات وضمان حرية المعلومات، بيتر شار. وتمحور النقاش في الحلقة حول الاتهامات الموجهة لمحركات البحث بممارسة نوع من الرقابة والسيطرة على المعلومات في شبكة الإنترنت.
ونظراً لكون المعلومات قد باتت مصدراً للقوة والنفوذ في عصرنا الحالي، يتبادر سؤال هام إلى الأذهان هو: ما مدى سلطة أولئك، اللذين لا يقومون بصناعة المعلومات ولا بمراقبتها، بل تقتصر مهمتهم على توزيعها؟ والمقصود هنا بطبيعة الحال محركات البحث، التي تساعد مستخدمي الانترنت على الحصول والوصول إلى المعلومات. وعند الحديث عن محركات البحث على شبكة الإنترنت يخطر في الأذهان فوراً محرك البحث الشهير جوجل.
"جوجل" سلطة غير محدودة
في عام 1998 تم تأسيس شركة جوجل، التي بدأت كمشروع طوره طالبان من جامعة ستينفورد في كاليفورنيا، هما لاري بيج وسيرجي برين. ويعد جوجل اليوم اكبر محرك بحث على شبكة المعلومات الدولية ويبلغ عدد مستخدميه الملايين في كل أنحاء الكرة الأرضية، نظراً لكونه خدمة بحث مجانية تتيح في زمن قياسي البحث في حوالي ثمانية مليار موقع على شبكة الانترنت للحصول على المعلومات المطلوبة. وفي ألمانيا فقط يستخدم أكثر من 90 بالمائة من مستخدمي الانترنت محرك جوجل.
ويتساءل البعض عما إذا كان جوجل يمارس نوعاً من السيطرة على سبل الوصول إلى المعلومات كمحرك بحث وكيفية تعامل جوجل مع المعلومات، التي تعرفها عن مستخدمي محرك بحثها كشركة. فهذه المعلومات يمكن أن تكون بطبيعة الحال على درجة عالية من الأهمية بالنسبة للحكومات وأجهزة الاستخبارات. يشار في هذا السياق إلى النقد، الذي تعرضت له جوجل مؤخراً على خلفية صمتها على فرض السلطات الصينية رقابة على صفحاتها وكذلك بسبب تعاونها مع الرقابة الصينية في هذا الصدد خوفاً من حجب صفحاتها من قبل السلطات هناك. لكن ويتستون، مديرة العلاقات العامة لجوجل أوروبا، دافعت عن شركتها بالقول: "إن ذلك ينطبق فقط على محرك جوجل الصين وليس على محركات جوجل الأخرى." أما بيتر شار، مكلف الحكومة الاتحادية في ألمانيا بشئون حماية البيانات وضمان حرية المعلومات، فلخص وضع جوجل بكلمات محدودة: "جوجل لديها سلطة مثلها مثل الشركات الضخمة الأخرى. لذلك نحن نراقب هذا الوضع بقلق".
محركات البحث مرتع لأجهزة لاستخبارات
بالنسبة للصحفيين تغيرت طريقة البحث عن المعلومات بشكل كبير باستخدام محركات البحث على الانترنت بحيث أصبح من الممكن الحصول على المعلومات بسرعة وسهوله. لكن الصحفي يترك أثاراً وراءه في الانترنت مما يمثل في الوقت نفسه مادة بحث لمن يريد معرفة ما يبحث عنه هذا الصحفي. وهذا ما انتقده بيتر شار قائلاً بأنه: "أصبح من الواضح الآن أن خصوصيات مستخدمي جوجل لا يتم حمايتها بالشكل السليم." ويستشهد مكلف حماية البيانات بالقول بأنه مثلا في الولايات المتحدة يتم عملاً بمقتضيات القانون المعروف بـ Patriot Act تجميع معلومات من قبل السلطات عن الأشخاص في الوقت الذي لا تجرؤ فيه جوجل على رفض أو حتى على إعلام المستهدفين بذلك.
ومن جانبها تساءلت الصحفية كاترين باسيج التي عرًفت نفسها بالمتعصبة لجوجل قائلة: "ما مدى استعدادنا لتقديم تنازلات مقابل الحصول على هذا الكم الهائل من المعلومات التي يتيحها محرك للمستخدم ؟" الإجابة على هذا التساؤل تختلف من شخص لأخر، لكن المهم ان جوجل، في ألمانيا على الأقل، يبدي اهتماماً بحماية المعلومات الشخصية لمستخدمي الانترنت عموماً وليس فقط فيما يتعلق بمستخدمي محركات البحث.