جيش المختار ومسيرة بغداد صبرا
١٥ فبراير ٢٠١٣توالي الجُمع على تظاهرات الانبار قاد إلى تعيين جمعة النعمان ( وسميت أيضا جمعة بغداد صبرا)، حيث قرر المنظمون أن يسيروا بالتظاهرات إلى بغداد ليصلّوا في حرم مسجد النعمان بن ثابت بالأعظمية. هدف التظاهرة المعلن نقل التظاهرات إلى بغداد.
هذه التظاهرة بهدفها المعلن أثارت ريبة كثيرين، وبدأ الطرف الآخر بدوره يحشد قواه ضمن الإطار المذهبي، فقد أعلن منذ أسبوعين تشكيل جيش المختار. وأعلن بعدها أن متطوعي هذا الجيش بلغ عددهم 8000 مقاتلا وقد غسلوا في الفرات وفي نهر العلقمي غسل الشهادة كما أعلنت صفحات هذا الجيش على فيسبوك.
وبهذا أجج الطرفان اللهيب في الجمر الخابي لتستعر حرب طائفية جديدة في العراق.
هذا الوضع بمجمله يثير أسئلة حول الشخصية العراقية، لماذا يتوجه الناس إلى وقائع التاريخ الدامية لحل مشكلاتهم في القرن الواحد والعشرين؟
وهل تحتاج المذاهب إلى دماء وحروب للدفاع عنها؟
ولماذا لا ينصرف السياسيون إلى حل مشكلات العراق المزمنة ، الفساد والجريمة والإرهاب والكهرباء والبنية التحتية المخربة؟
"التصعيد الحالي هو حملة إعلامية مبكرة للانتخابات القادمة"
وهكذا يبدو أن عناوين التغيير في العراق تسير باتجاه الشحن الطائفي، فهناك جيش المختار مقابل مسيرة النعمان، والى ذلك ذهب الناشط والكاتب السياسي حامد الشريفي الدبلوماسي السابق في حديثه إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم من DWعربية معتبرا أن ما يجري ليس بتغيير، بل انتقام، ومتسائلا لماذا جرى انتخاب الشخصية التاريخية الجليلة المختار لهذه الغاية؟
ومضى الشريفي إلى القول في المقابل إذا كانت المسيرة تزمع مجرد الصلاة في مسجد النعمان فمن واجب الحكومة حمايتها حتى تصل إلى غايتها، إما إذا كانت المسيرة تتوخى إثارة الفتن والتصعيد الطائفي فهي لا تفرق كثيرا عن جيش المختار.
وأكد الدبلوماسي العراقي السابق أنّ " العملية السياسية في العراق مبنية أساسا على الخوف والتخويف، والمالكي مطمئن في هذا الوضع إلى نتيجة الانتخابات". وفي معرض شرحه للتصعيد الطائفي، أشار الشريفي إلى ضرورة تشخيص من هو المستفيد من الشحن والتصعيد الطائفي " والتصعيد الحالي هو حملة إعلامية مبكرة للانتخابات القادمة بعد سنة من الآن"، مبينا أن التخويف بالتصعيد الطائفي من الطرف الآخر سيدفع الناس إلى انتخاب رجل من مذهبهم لحمايتهم طائفيا.
وفي إشارة إلى التيار الصدري المعارض للمالكي تساءل الشريفي عن نوع المعارضة المشاركة في السلطة والبرلمان، "فهم يصوتون للمالكي في الانتخابات ، وما ان يخرجوا من قاعة البرلمان حتى يذهبوا إلى المعارضة" . ودعا الشريفي السياسيين المعارضين في الحكومة والبرلمان إلى الاستقالة بشكل جماعي لإسقاط الحكومة، " لكنهم لا يفعلون لأن الموضوع يتعلق بملايين الدولارات" .
علي في اتصال من بغداد أبدى استغرابه مما ذهب إليه الناشط حامد الشريفي مبينا ان تحميل المالكي وحده مسؤولية ما يجري غير جائز، إذ ما هو موقع الكرد، وما موقع الكتلة العراقية وما موقع التيار الصدري الذي هو ألد أعداء المالكي؟ " اعتقد أن المالكي متورط بهذه الأطراف المشاركة في الحكومة والسلطة والمشاركة في المعارضة في نفس الوقت". وأشار علي إلى ان تنظيم القاعدة وما يسمى جيش العراق الحر يحتاج إلى ما يوازنه ، وهذا يتجسد في جيش المختار، وإذا اعترض شخص ما على هذا التوازن بان الحكومة هي التي يجب أن تتولى التصدي للتنظيمات المسلحة، فحكومة الشراكة الوطنية ثبت أنها عاجزة عن الحركة.
"الصراع في حقيقته يجري على الثروة النفطية"
خطورة ما يجري في العراق يتجلى في انه قد يقود البلد إلى حرب طائفية، لاسيما وان المنطقة مهيأة الآن لمثل هذا التوجه، فالحرب في سوريا اتخذت طابعا طائفيا واضحا، بل إن التحالفات لجانب الأسد والاصطفاف مع خصومه يقوم على أساس تحشيد طائفي بحت، وهذا يزيد من فرص أن يمتد لهيب الوضع السوري إلى العراق، وإذا أخذنا هذا بنظر الاعتبار فلا عجب إذا أن تشتعل التظاهرات في الانبار وهي الامتداد الجغرافي لسوريا.
الكاتب والمحلل السياسي د. مؤيد عبد الستار في حواره مع برنامج العراق اليوم من DWعربية أبدى مخاوفه من تفاقم الأوضاع إلى حرب طائفية، لكنه نبّه إلى حقيقة أن " الصراع يجري على الثروة النفطية التي يضمها البلد، وهو يكتسي بظاهر قديم يرجع إلى الانتماءات الطائفية، وللأسف فإن القوى السياسية لم ترتق إلى مستوى يمكن أن يقود البلد نحو التقدم والتحضر والمدنية".
د. عبد الستار، أشار إلى أن النخب السياسية الحالية ورثت تركة صدام حسين المتخلفة بما فيها من جهل وطائفية وتفرقة وأقامت على هذه التركة بناءها السياسي.
ونبه د. عبد الستار إلى أن الحكومة الحالية هي ليست حكومة مكون واحد، بل هي حكومة شراكة، والجميع يتقاسمون المسؤولية حتى إذا كان رئيس الحكومة هو رئيس حزب الدعوة .
"لا يمكن مقارنة التظاهرات بالزيارات المليونية"
ولفت د. مؤيد عبد الستار الأنظار إلى المخاطر المترتبة على نقل التظاهرات إلى بغداد مشيرا إلى أن العاصمة مختنقة بسبعة ملايين نسمة تنقصهم الخدمات والبنية التحتية، ودخول مئات ألوف المتظاهرين إليها سيزيد مشكلاتها، وهذا غير صحيح.
كما نبه إلى حقيقة أن هذا الموضوع قد يشكل سابقة للمحافظات الأخرى، وبالتالي ففي كل أزمة سياسية سيسير المتظاهرون من المحافظات إلى بغداد للضغط على الحكومة، وهذا سيجعل الوضع مستحيلا.
وأشار د. عبد الستار إلى أن التظاهرات لا يمكن مقارنتها بالزيارات إلى الأضرحة المقدسة، لأن الغرض من الزيارات ديني خالص ولا علاقة له بمطالب سياسية.
"الإسلام هو الوسيلة المثلى لجمع الناس حول الساسة"
عقيل في مداخلة من السويد أشار إلى أن العراق لا يشبه العراق في سبعينات أو ثمانينات القرن الماضي، بل انه قد تراجع، وصار المجتمع جاهلا، ودليل ذلك أن 60% منه أميون" ومن الصعب أن تجمع الناس في مثل هذا الوضع إلا باللجوء إلى الإسلام ، فهو الشيء المقبول عندهم". وأشار عقيل إلى ظاهرة تنتشر على فيسبوك، حيث أن اغلب الشباب الملحدين، صاروا يتمسكون بانتمائهم الطائفي.
أبو سيف في اتصال من بغداد اعترض على ما ذهب إليه د.مؤيد متسائلا:لماذا تتسع بغداد للتظاهرات المليونية المؤيدة للمالكي، ولا تتسع للتظاهرات القادمة من الرمادي؟
أبو زينب في اتصال من بغداد أشار إلى وجود مظالم متراكمة تقود إلى مثل هذا النوع من الاحتقان، مطالبا الحكومة برفع الظلم الواقع على ألوف الناس.
أم عبد الله من بغداد أشارت إلى أن العراقيين رضوا بالديمقراطية أملا في أن ترفع عنهم الظلم والحيف الذي أصابهم،وجزء من لعبة الديمقراطية وجود تظاهرات تسمح للناس بالتعبير عن رأيهم ، والمتظاهرون شرعوا توا في تظاهراتهم ولكن لا احد يستمع إلى أصواتهم.
فراس الاعظمي من بغداد دعا الساسة إلى مغادرة العراق معتبرا أنهم مصدر وسبب كل المشكلات بسبب صراعهم على السلطة والجاه، وتساءل:" ما ذنب الشعب، ولماذا يقطع رزق الناس بانسداد الشوارع وإغلاق الطرق المستمر بسبب التظاهرات والمسيرات والهجمات بالقنابل؟"