"حارة تي في": المسرح كوسيلة لمناهضة ختان الإناث في مصر
٢١ نوفمبر ٢٠١٤قضت محكمة الجنح في أجا بمحافظة الدقهلية بحفظ قضية سهير الباتع،13 عاما، الطفلة التي توفيت في يونيو/حزيران عام 2013 في مصر، نتيجة لتعرضها لعملية ختان غير قانونية. وتعد هذه القضية هي الأولى من نوعها في مصر بعد إصدار قانون تجريم ختان الإناث عام 2008. وجاء قرار المحكمة بعد تسوية تمّ التوصل إليها بين عائلة الضحية والمتهم، وبموجبها يُرفع البت بشأن ذنب الجاني، ما أسفر عن إسقاط جميع التهم الموجهة للمتهم. وأثار قرار المحكمة موجة انتقادات واسعة، خاصة من قبل المنظمات المدنية، التي اعتبرت أن الحكم قد يشجع أطباء آخرين على إجراء عمليات مماثلة دون الخوف من العواقب، ليبقى العمل التوعوي الحجر الأساس لمحاربة ظاهرة ختان الإناث. وذلك من خلال أعمال فنية، كأعمال الفرقة المسرحية "حارة تي في".
DW عربية: هل يمكن لفن كالمسرح أن يساهم فعلا في توضيح سلبيات إشكالية كبيرة وخطيرة كختان الإناث؟
ندى ثابت: طبعا يمكنه ذلك. كل المواضيع التي نتناولها هي من ضمن الطابوهات كهذا الموضوع مثلا. أعتقد أن المسرح يسمح بتناول هذه المواضيع بشكل أكبر. الناس يتقبلون فكرة أننا سنلعب لعبة ما وسنتكلم من خلال هذه اللعبة حول هذه المواضيع الحساسة. ما دمنا لا نزعم أننا نملك الحل السحري، فإنني أعتقد أن الناس يكونون أكثر ارتياحا ويمكنهم الحديث بطلاقة أكبر.
هل يتفاعل الجمهور مع هذا الموضوع بشكل إيجابي؟
طبعا لا، في مرات عدة نصطدم بمعارضة شديدة. فهناك من يقول: "نحن مع ختان البنات، رغم أن المسرحية هزلية والقوانين تجرم ختان الإناث". في هذه الحالة لا يمكننا فعل الكثير وعلينا تقبل ذلك، كما أننا نحاول الاستماع لكل الآراء المختلفة. على الناس أن يقرروا بأنفسهم إن كانوا سيستمرون في هذه العادة أم لا. أما نحن فنغادر بعد تقديم المسرحية. نحن نقدم بالدرجة الأولى عملا فنيا، ولسنا جمعية مدنية هدفها التوعية وتقوم في نهاية المطاف بتعداد من قام بفعل ما ومن لم يقم به.
لكنكم تقومون بعمل توعوي أيضا؟
طبعا. الفرق بيننا وبين الجمعيات التوعوية هو أننا لا نسعى إلى إظهار ما هو الصواب وما هو الخطأ. هدفنا الرئيسي هو الفن وهو المجال الذي نتقنه أكثر. نحن نستخدم الفن من أجل طرح أفكار ومواضيع للنقاش لا يتقبلها المجتمع بسهولة. كما أن الفن يسمح بفتح مساحات آمنة للحوار في مواضيع يصعب على العاملين في مجال الصحة أو التعليم مثلا أن يتطرقوا إليها بشكل منفتح. خاصة في مصر، لا توجد دائما مساحات آمنة تمكن الناس من الحديث عن مواضيع حساسة بحرية وطلاقة. ومن خلال الفن يمكننا فتح مساحات للحوار يمكن للجمعيات التوعوية استغلالها.
تخاطب العروض المسرحية التي تقدموها بالأساس الفتيات والنساء اللواتي تجاوزن عادة سن الختان، فما الهدف من ذلك؟
جل الجمعيات التوعوية تعمل من منطلق ضرورة القضاء على عادة ختان الفتيات. القليلون فقط يحاولون إيجاد حلول فعلية للموضوع حتى بعد حدوثه، أو يطرحون السؤال أساسا حول وضع النساء المُختنات. لا أعتقد أنه من الصحيح أن نقول: من تعرضت للختان لا تعنينا مطلقا. بالعكس، إذا حولنا توجيه نظرة هذه السيدات إلى طرق تمكنهن من تحسين علاقتهن الجنسية بأزواجهن، فقد يكون ذلك أيضا مساهمة في الحفاظ على تماسك الأسرة مثلا. كما أن هؤلاء النسوة قد يمنعن ختان أخواتهن أو بناتهن. وهذا سيشكل مكسبا آخر للمجتمع.
من خلال احتكاكك بالجمهور، هل تلمسين أي تغيرات في نظرة المجتمع وخاصة في المناطق القروية لظاهرة ختان الإناث؟
على الأقل هناك حديث حول الموضوع. لكني لا أعتقد أن من خلال عملنا أو حتى من خلال العمل التوعوي يمكننا القضاء على ظاهرة الختان في وقت قصير. هناك ميزانيات كبيرة مخصصة لمحاربة الظاهرة. وهناك برامج تعود إلى أكثر من خمسة عشر سنة. لكن للأسف الأرقام لم تتغير كثيرا خلال هذه الفترة. ليس هناك لحد الآن قفزة نوعية في اتجاه القضاء التام على هذه الظاهرة.
كيف يمكن ذلك إذن؟
أعتقد أن الأمر يتطلب مخططا شاملا يركز على العمل مع السكان بشكل مكثف، وذلك بمشاركة المؤسسات الحكومية المصرية والدولية. الحاجز الأساسي الموجود حاليا في نظري يكمن في أن جميع الأطراف تنظر إلى هذا الموضوع كإحدى المواضيع المحرمة وتفضل الابتعاد عنه. وفي نظري، يتم تناول الموضوع بشكل سطحي، كالتركيز مثلا على كون الختان شيء سيء مع محاولة فرض هذا الرأي على الناس دون توضيح الأسباب بطريقة يستوعبونها أو دون تخطي الخطوط الحمراء. وطالما يتفادى المجتمع مناقشة المواضيع بعمق، لا أعتقد أن تغييرا سيحدث.