حجم الانفاق العسكري يتحول إلى قضية في الانتخابات الألمانية
٩ أغسطس ٢٠١٧
تعتبر ألمانيا بلداً عملاقا من ناحية السياسية الاقتصادية، ولكن في مجال السياسة الأمنية مازال ينقص البلد الكثير. إذ أن الجيش الألماني، الذي يتكون حالياً من 178 ألف جندي، يمتلك معدات جد قديمة. بالإضافة إلى عناوين الصحف المحرجة حول المشاكل الفنية التي يعاني منها الجيش الألماني في الوقت الحالي. افتقار الجيش الألماني إلى الكثير، يجعله يحصل على ميزانية تزيد عاما بعد عام من أجل تزويده بأفضل المعدات والكوادر.
ويؤيد الحزب الاشتراكي الديموقراطي، الذي لا يزال طرفاً في الائتلاف الحاكم، قرار وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين بوضع حد لأزمة الجيش المالية، ولكن لا يؤيد تصورها حول زيادة ميزانية الدفاع في السنوات المقبلة – وهو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2024.
وعلى حجم الإنفاق العسكري، اتفق أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) في قمتهم في ويلز عام 2014، لتكون نسبة 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهو ما يذكر به الرئيس الأمريكي دونالد الأوروبيين في كل مناسبة. "ليس معنا" يعرب الحزب الديموقراطي الاشتراكي عن معارضته ويصف المشروع بـ" الجنون". وتحول النقاش حول الانفاق العسكري لموضوع مثير للجدل في الحملة الانتخابية الألمانية.
مضاعفة ميزانية الدفاع؟
الحكومة الألمانية أنفقت هذا العام 37 مليار يورو للدفاع، وهوما يعادل 1.26 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وللوصول إلى 2 في المائة، وهو حجم الانفاق، الذي يوصي به حلف شمال الأطلسي، يجب أن يرتفع الانفاق العسكري إلى أكثر من 70 مليار يورو في عام 2024، أي ما يقرب من الضعف.
ولا يحبذ الحزب الاشتراكي الديمواقراطي فكرة الزيادة في الانفاق العسكري. وانتقد مارتن شولتس، المرشح عن الحزب لمنصب المستشار، هذه الخطة وقال عنها إنها أمر غير واقعي، وأن الهدف منها لا يخدم مصلحة ألمانيا، إن أصبحت إلى حد بعيد أكبر قوة عسكرية في أوروبا، وهو ما لن يرغب به أحد.
ووصف وزير الخارجية زيغمار غابرييل في حملته الانتخابية في ولاية بادن فورتنبرغ مشروع زيادة الانفاق العسكري بأنه "فكرة مجنونة نوعا ما"، ودعا بدلا من ذلك إلى انفاق المزيد من الأموال في مجال التعليم. كما عَلَّق بسخرية على نفس الموضوع في وقت سابق فكتب إنه لا يعرف كم عدد حاملات الطائرات، التي على ألمانيا بناؤها، لانفاق 70 مليار يورو.
"خسارة ثقة الجنود والدول الصديقة"
ومن جانبها اتهمت وزيرة الدفاع الألماني، فون ديرلاين، الحزب الاشتراكي الديموقراطي بأنه تخلى عن تحسين تجهيزات الجيش الاتحادي. وقالت فون دير لاين إن الحزب الاشتراكي الديموقراطي يدمر ثقة الجنود والدول الصديقة من خلال "حملته الانتخابية الفوضوية." وتابعت السياسية، المنتمية لحزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي، والتي ترغب في المحافظة على منصبها كوزيرة دفاع بعد الانتخابات: "الجيران الأوروبيون ينتظرون من ألمانيا أن تفي بوعودها."
في الواقع، معظم الحلفاء الأوروبيين يبلغ حجم إنفاقهم العسكري أقل بكثير من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وهناك عدد قليل فقط من البلدان، بما في ذلك بريطانيا وبولندا، تتعدى نفقاتها العسكرية هذا الحجم، والذي يرتبط دائما بقوة الاقتصاد الوطني. بينما تخصص الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 3.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لنفقات الجيش.
قرار ملزم ؟
وتختلف نظرة الأحزاب بخصوص الالتزام بقرار الناتو بشأن حجم الانفاق. إذ يرى الحزب الاشتراكي أن نسبة "2 في المائة"، ما هي إلا إشارة توجيه، في حين يعتبرها حزب الاتحاد المسيحي واجبا ملزما. وهذا ينعكس أيضا في البرامج الانتخابية، إذ وعد كل من حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد الاجتماعي المسيحي ناخبيهما، بالتوجه "تدريجيا نحو زيادة الإنفاق العسكري إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي."
ومن جهته حذر الحزب الاشتراكي الديموقراطي من "إقرار" هذا المخطط ورفض ما وصفه بـ"معدلات زيادة غير ضرورية وغير واقعية" في ميزانية الدفاع. وقال "نعم لتجهيز أفضل للجيش الألماني، ولا لمضاعفة الميزانية العسكرية". و بدلا من زيادة حجم الانفاق العسكري طالب الحزب الاشتراكي في المقابل باستثمار المزيد من المال في الحماية من الأزمات والمساعدات الإنسانية.
الاتحاد المسيحي يقف بمفرده
الحزب الاشتراكي الديموقراطي ليس هو فقط من يقف ضد مخطط "2 في المائة"، فهناك أيضا حزبا الخضر واليسار، اللذان يعارضان مخطط الزيادة. ويخشى حزب الخضر من موجات تسليح جديدة، أما حزب اليسار فيريد حل حلف شمال الأطلسي بشكل تام. ويقول رئيس الحزب بيرند ريكسينغر: "في عالم يتهاوى، يجب تجريد الإنسان من السلاح، بدلا من تزويده أكثر بالسلاح".
أما الحزب الليبرالي (الديمقراطي الحر)، الذي يأمل في العودة إلى البرلمان، فهو يؤيد، و"بدون حدود"، حلف شمال الأطلسي والقرارات التي يصدرها الحلف خلال قممه. وفي البرنامج الانتخابي لليبراليين يجري عموما القول بأنه يجب أن تعرف الميزانية العسكرية الألمانية زيادة إلى 2024، لكن البرنامج لا يتطرق إلى ذكر نسبة الـ2 في المائة. بينما يدعو حزب "البديل"، اليميني الشعبوي، إلى "عودة القوات المسلحة إلى حالة الاستعداد والجاهزية" وإعادة التجنيد الإلزامي، وجعل التأثير الأوروبي أكثر قوة في حلف شمال الأطلسي، لكنه لم يتطرق إلى ذكر التكلفة المالية لهذه المطالب.
نينا فركهويزا / إ. م