حركة "الجهاد" الفلسطينية في غزة.. ذراع إيران الجديدة؟
١٠ أغسطس ٢٠٢٢منذ مساء الأحد (السابع من آب/ أغسطس) مازالت الهدنة بين إسرائيل وحركة "الجهاد الاسلامي" الفلسطينية صامدة، وذلك بعد نحو ثلاثة أيام من القتال، وبفضل الوساطة المصرية تم الاتفاق على وقف إطلاق النار.
وقبل أيام قليلة من بدء تبادل الضربات، عقد زعيم حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين، زياد النخالة، سلسلة من الاجتماعات مع أعضاء بارزين في الحكومة الإيرانية، حيث التقى الأربعاء الماضي بوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، تلاه يوم الخميس لقاء مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. وبعد يومين، اندلع القتال بالفعل، حيث ظهر النخالة بجوار قائد الحرس الثوري الإسلامي، حسين سلامي، والذي وضح موقفه على الفور وقال مخاطبا نخالة، "نحن نرافقكم على هذا الطريق حتى النهاية - ولتعرف فلسطين والفلسطينيون أنهم ليسوا وحدهم". وأضاف أن "الإسرائيليين سيدفعون ثمنا باهظا لجريمتهم الأخيرة"، وفقا لوكالة تسنيم الإخبارية الإيرانية.
"أوامر مباشرة" من طهران
تأسست حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين عام 1981، وكانت على الدوام قريبة من أيديولوجية الثورة الإيرانية 1979، كما أن مؤسس المنظمة، فتحي الشقاقي، استوحى أفكاره من الخميني.
أصبح التقارب الأيديولوجي بين إيران والحركة يتوطد أكثر فأكثر سياسيًا وعسكريًا. وتحت قيادة نخالة، تطورت حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية إلى "مؤسسة تابعة بنسبة 100 في المائة" لإيران، وفقًا لتعليق في صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية. في الواقع، قال نخالة العام الماضي إن حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين تتلقى "أوامر مباشرة" من الحرس الثوري الإيراني. بالإضافة إلى ذلك، قال نخالة، إن إيران زودت قطاع غزة بصواريخ استخدمت لشن هجمات على تل أبيب.
وبحسب جيروزاليم بوست، فإن "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية بالنسبة لإيران في قطاع غزة مثل "حزب الله" بالنسبة لها في لبنان، والحوثيين بالنسبة لها في اليمن. ويرتبط كل من حزب الله والحوثيين بعلاقات وثيقة مع إيران ويعتمدون عليها جزئيًا على الأقل اقتصاديًا وعسكريًا.
ويمكن الإشارة أيضا إلى تأثير إيران على التصعيد الأخير في قطاع غزة في تعليق نشرته صحيفة القدس الفلسطينية، الصادرة من القدس، بعنوان "ماذا وراء استهداف الجهاد والحرب على غزة"، حيث يرى الكاتب أن معظم الأصوات التي تدق طبول الحرب وتطالب بتوسيع نطاقها تصدر من أشخاص في الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعي لا يقيمون في القطاع ولن تطالهم نيران القتال أو يعانوا ويلاته وهؤلاء مستعدون لمحاربة إسرائيل حتى آخر طفل غزي".
الاستثمار في الإرهاب
في الواقع، لطالما دعمت إيران حماس ، التي صنفها الاتحاد الأوروبي على أنها منظمة إرهابية والتي تحكم قطاع غزة. لكن حماس في طهران تعتبر الآن متساهلة للغاية مع إسرائيل. وهذا هو سبب اعتمادهم بشكل متزايد على حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين. تتبع إيران أيضًا استراتيجية تتبعها في الشرق الأوسط وهي الحفاظ على العلاقات مع الجهات الفاعلة غير الحكومية مثل حزب الله اللبناني أو الحوثيين اليمنيين، أو الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران - وإذا لزم الأمر يتم توجيهها أيضًا لتصبح نشطة عسكريًا.
وبهذه الطريقة، تبني إيران نوعًا من الجدار الأمنية لحماية نفسها من الهجمات الخارجية. فإذا شعرت بالتهديد، فإنها توجه شركائها إلى اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين تعتبرهم إيران المعتدين، على سبيل المثال من خلال القيام بأعمال إرهابية ضد السكان المدنيين في البلد المعني. ويمكن أن يكون لهذا المنطق دور في الصراع في غزة في الأيام القليلة الماضية. لأنه في الأشهر القليلة الماضية، شنت إسرائيل مرة أخرى مئات الهجمات ضد وجود القوات الإيرانية أو الميليشيات المرتبطة بإيران في سوريا.
لقد ثبتت إيران وجودها هناك نتيجة للحرب الأهلية السورية، وبوجود قواتها أو قوات شركائها على مقربة شديدة من إسرائيل، وهذا يشكل تهديدا كبيرا لدولة إسرائيل. وهو ما يعطي أهمية لدور حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية في أية معارك مستقبلية. وفي هذه الحالة سيكون المتطرفون الفلسطينيون لاعبين في حرب بالوكالة.
قائد الحرس الثوري الإسلامي اللواء حسين سلامي أشار بنفسه إلى أن الصراع الأخير لا يقتصر على الجهاد الإسلامي الفلسطيني وإسرائيل فقط. وقال يوم الخميس الماضي، قبل يوم واحد من الاشتباكات المسلحة بين إسرائيل والجهاد الإسلامي، إن أكثر من 100 ألف صاروخ في لبنان جاهزة لإحداث جحيم "للصهاينة". وهو يشير بهذا إلى الصواريخ الموجودة في مستودعات حزب الله.
الهدف: مركز قوة شيعي
إيران تسعى أيضا إلى تحقيق هدف آخر من خلال دعم حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، حسب مدير شبكة مكافحة الإرهاب الإسكندنافية في هلسنكي لموقع The Media line المتخصص في سياسات الشرق الأوسط، إذ يُنظر إلى المنظمة الفلسطينية في طهران على أنها جسر يمكن من خلاله الجمع بين الطائفتين السنية والشيعية في الشرق الأوسط. وبالنسبة لإيران يتعلق الأمر بـ "التسلل إلى المجتمعات السنية لقبول سياسات إيران وفرض أيديولوجياتها الإسلامية".
والهدف من ذلك هو إنشاء مركز قوة شيعي تسيطر عليه إيران. من ناحية أخرى، تستطيع حركة "الجهاد الإسلامي" الفلسطينية أن تقدم نفسها لأتباعها والمتعاطفين معها كمنظمة أكثر إصرارًا وشجاعة من حماس. وهذا من الممكن أن يخلق انطباعا جيدا عنها وتكسبه من خلاله أعضاء محتملين.
كيرستن كنيب/ ع.أ.ج