حرية الإعلام في دول الربيع العربي إلى أين؟
٢٩ أغسطس ٢٠١٢كشف التقرير السنوي لمعهد فريدم هاوس حول حرية الإعلام، الذي صدر الأسبوع الماضي، تقدما ملحوظا في دول الربيع العربي. حيث سجلت كل من تونس ومصر وليبيا نقلة مهمة وتحولت من دول مضطهدة لحرية الإعلام إلى دول حرة جزئيا. في حين لم يطرأ تغير واضح على مراتب الدول العربية الأخرى، التي لم تشهد ثورات على غرار دول الربيع العربي، وإن كانت قد قامت بإصلاحات، حيث صنف التقرير الأردن في المرتبة 145 والمغرب 154. وفي تعليقه على ترتيب دول الربيع العربي قال مدير معهد فريدوم هاوس، ديفد كرامر: "إنها خطوة ايجابية"، كما أوصي بمتابعة تطور حرية الصحافة في هذه البلدان.
ولا ينكر أحد أن الإعلام بدول الربيع العربي قد أصبح أكثر حرية بعد الثورات مباشرة، إلا أن التساؤلات بدأت تطرح مع وصول الإسلاميين للحكم في هذه البلدان، فهناك من يقول إن حرية الإعلام بخير وهناك من يجادل بأن وصول الإسلاميين للحكم كان نقمة على المشهد الإعلامي. وكانت مصر قد سجلت مؤخرا حالات متعددة من انتهاك حرية الإعلام وأبرزها قضية الإعلاميين توفيق عكاشة وإسلام عفيفي. أما تونس فيتجه أبرز المختصين إلى القول بأن التوجه العام يسير نحو هامش حرية أوسع.
الإسلاميون بمصر وتونس وحرية الإعلام
عقد أغلب الإعلاميين الآمال على أن مصر بعد مبارك، ستعرف حرية أكثر، والشيء نفسه بالنسبة لتونس. لكن يبدو أن رياح التغيير لم تأت بما كان ينتظره الإعلام المصري. وفي هذا السياق يوضح الكاتب الصحفي المصري مجدي الدقاق "كان من المتوقع وفق تصورنا أن الحرية ستكون أكثر مساحة، لكن ما حدث هو العكس. فما سمي بالثورة لم يأت بجديد وخصوصا في مجال الإعلام، والنظام الحاكم الآن مرجعيته واضحة وهي معاداة حرية الإعلام".
وعلى النقيض من ذلك، فالأمور تبدو مختلفة في تونس، حيث يستطيع المتابع للإعلام التونسي أن يستشف الحرية التي أصبح يتنفسها الجسم الإعلامي بعد سنوات الخنق الطويلة التي مارسها بن علي على المجال باحتكاره وسائل إعلام عديدة أو من خلال الإنتهاكات التي طالت الصحفيين في عهده ، وفي هذا الصدد يشرح الإعلامي التونسي كمال بن يونس واقع حرية الإعلام ببلده في حديثه لdw عربية: "أوضاع الصحافة التونسية تحسنت كثيرا وتطورت إيجابا خاصة بعد انتخابات 23 أكتوبر ، وأرى بأن السلطة الحاكمة الآن لها إرادة قوية في توسيع هامش حرية الإعلام".
مصر : حرية الصحافة في خطر
شهدت مصر مؤخرا أكثر من حالة انتهاك لحرية الصحافة، وكان أبرزها قضية الإعلامي توفيق عكاشة، رئيس قناة الفراعين.حيث قررت السلطات وقف بث القناة لمدة شهر وتوجيه إنذار لها بسحب ترخيصها إذا استمرت في تجاوزاتها. كما قررت محكمة مصرية حبس رئيس تحرير صحيفة الدستور المصرية المستقلة، إسلام عفيفي، احتياطيا على ذمة التحقيق، لكن بعد ذلك بفترة قصيرة انفرجت الأمور بإصدار الرئيس المصري، محمد مرسي، لقانون يمنع الحبس الاحتياطي قي جرائم النشر، الأمر الذي استفاد منه عفيفي حيث تم الإفراج عنه. كما تم رفع اسمه من قائمة الممنوعين من السفر خارج مصر.
والتهمة الموجهة لكلا الإعلاميين هي إهانة الرئيس المصري والتحريض على الفوضى، ونشر معلومات كاذبة تؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد. ويعلق على هذا الموضوع الكاتب الصحفي المصري مجدي الدقاق ويقول " هذا هو التوجه القائم، فالصحافة المصرية الآن تعيش على إيقاع الغلق ومهاجمة مطابع الصحف كجريدة الدستور وصوت الأمة والفجر، كما أن العديد من رؤساء التحرير يحولون على القضاء كالصحفي عادل حمودة ".
تونس: حرية أكثر بعد الثورة
أما الصحافة التونسية فيبدو أنها تجني ثمار ثورة الياسمين، فقد أصبح الإعلاميون التونسيون أكثر جرأة في طرح المواضيع. وفي هذا الصدد يقول كمال بن يونس، مدير قناة الجنوبية: "الآن أصبحنا نتمتع بقدر كبير من الحرية وكل ما علينا فعله في هذا الوقت هو التخلص من الرقابة الذاتية والاشتغال بمهنية وحرفية أكثر".
وعن حالات الانتهاك التي حصلت لمجموعة من المنابر الإعلامية التونسية، ما بعد الثورة، يقول بن يونس " أعتقد بأن ما حدث يعتبر عاديا إذ لا يمكن عدم تسجيل أي حالة من هذا الشكل، وأرى بأنها حالات منفردة ومعزولة لا يمكن تعميمها على كل المشهد الإعلامي التونسي".