حزب الخضر يؤيد التحادث مع "حماس" ويرفض إيران نووية
٢٤ سبتمبر ٢٠٠٩تشير الاستطلاعات الأخيرة إلى أن حزب "اتحاد التسعين ـ الخضر" سوف يحصل على نحو 10 في المائة من أصوات الناخبين الألمان. وإذا صحت نتائج هذه الاستطلاعات، التي جرت قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات النيابية العامة التي ستجري في 27 الشهر الجاري فإن ذلك سيعني أن الاتحاد المسيحي والحزب الليبرالي لن يتمكنا من الفوز لوحدهما بغالبية مقاعد البرلمان الاتحادي، وسيحاولان استمالة حزب "اتحاد التسعين ـ الخضر" إليهما لتشكيل حكومة مشتركة. لكن الحزب جدد أخيرا رفضه المشاركة في ما يسمَّى بـ "تحالف جامايكا" (نسبة إلى علم هذه الدولة المكَّون من اللون الأسود والأصفر والأخضر، وهي على التوالي الألوان التي تعتمدها الأحزاب الألمانية الثلاثة).
"المسؤولية البيئية وتعزيز حقوق المستهلكين"
من المعروف أن حزب الخضر الألماني تكوَّن في بداية نشأته من تيارات سياسية يسارية مختلفة انبثقت عن الثورة الطلابية التي حدثت عام 1968 في عدة دول أوروبية، وبخاصة في ألمانيا. واكتشفت، هذه المجموعات في حماية الأرض والإنسان والبيئة من الحروب المدمرة والخطر النووي، موضوعا سياسيا واجتماعيا، ومن ثم علميا بامتياز مع بدء مطالبتها بتطوير طاقات متجددة وبديلة، من هناك ميزت نفسها باللون الأخضر. وبعد تحقيق الوحدة الألمانية عام 1990 واندماج حركات وأحزاب من شرق ألمانيا مع أخرى من غربها، اندمجت مجموعة "اتحاد التسعين" الشرقية مع "حزب الخضر" الغربي، في حزب واحد حمل اسم "اتحاد التسعين ـ الخضر"، لكن تعبير "الخضر" غلب على الاسم الرسمي.
ونقرأ في برنامج الحزب "أن المسؤولية البيئية وتعزيز حقوق المستهلكين يشكلان عنصرين رئيسيين في سياسة الخضر وشرطان لحماية البيئة والتطوير وضمان العمل المستقبلي". وشهد الحزب صراعات سياسية داخلية انتهت بخروج الغلاة من أعضائه منه وغلبة الاتجاه اليساري المعتدل فيه الذي مثله وزير الخارجية السابق، يوشكا فيشر، أفضل تمثيل.
مع حل الدولتين والتحادث مع "حماس"
وإلى جانب تركيز الخضر معظم جهودهم على قضايا حماية البيئة والمناخ واستبدال الطاقة النووية بالطاقات المتجددة من شمس ورياح ومياه التفتوا أيضا، خاصة بعد وصولهم إلى البرلمان الاتحادي، أكثر فأكثر إلى القضايا السياسية الدولية، وبشكل خاص إلى أزمات الشرق الأوسط. ويلمس المرء هنا فرقا واضحا بين برامج الحزب، التي تخصص مساحة ضيقة جدا للعرض والتحليل، وبين تصريحات كبار السياسيين فيه حول مثل هذه القضايا السياسية. وإذا كان برنامج الحزب لا يتطرق مثلا إلى مسؤولية ألمانيا التاريخية إزاء إسرائيل واليهود، كما لا يشير إلى حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية بأية إشارة، كما هو الحال في برامج الأحزاب الأخرى، إلا أن بيانات الحزب وتصريحات مسؤولي الشؤون الخارجية فيه، مليئة بالمواقف الواضحة في هذا الجانب. وفيما نقرأ عن الشرق الأوسط جملة قصيرة تقول، "ندعم الحوار وعملية التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط"، فإن موقف الحزب من الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني يشدد بدوره على أمن إسرائيل من جهة، وعلى ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقادرة على الحياة من جهة أخرى. وفي رفضه الاستيطان الإسرائيلي وتأييده للسلطة الوطنية الفلسطينية يتشابه موقف حزب الخضر مع مواقف الأحزاب الأخرى. أما في تأكيده على ضرورة فتح قنوات الاتصال مع حركة "حماس" فإنه يتجاوز حدود مواقف الأحزاب الأخرى، باستثناء حزب اليسار.
ضد حرب العراق ونووي إيران
فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط الأخرى، ندد حزب الخضر، على سبيل المثال، بشدة بالحرب الأمريكية على العراق، وجاء في برنامجه الانتخابي في هذا الشأن: "نؤيد العمل الجماعي، لكننا ضد العمل الأحادي الجانب وضد كل إستراتيجية تضعف الأمم المتحدة وتفرِّغ محتوى القانون الدولي، ولهذا السبب وللنتائج المدمرة المنتظرة رفضنا الحرب على العراق". أما في موضوع أفغانستان، فقد شارك الحزب، حين كان في الحكم بين 1998 و2005، سويا مع الحزب الاشتراكي، في اتخاذ قرار إرسال قوات ألمانية ضمن قوات دولية إلى هناك. أما فيما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، فقد اكتفى الخضر في برنامجهم الانتخابي بدعوة القوى العظمى إلى حل الأزمة النووية مع إيران عن طريق الحوار، علما أنهم يؤيدون فرض عقوبات اقتصادية على طهران لدفعها إلى وقف تخصيب اليورانيوم.
مجتمع متعدد الثقافات
وفي موضوع الاندماج في ألمانيا يعرض الحزب موقفا واضحا وسبَّاقا من الأجانب والمهاجرين الذين يعتبرهم مصدر غنى وتعددية ثقافية (مولتي كولتي) مطلوبة للمجتمع الألماني. ويقول في برنامجه: "المجتمع المتعدد الثقافات أصبح واقعا نريد التعامل معه بصورة ديمقراطية، وهو مصدر غنى وتحدّ أيضا". إضافة إلى ذلك فان الحزب من أشد المدافعين عن حقوق الأقليات الاثنية في البلاد وعن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، وهي تلعب منذ تأسيس الحزب، دورا قياديا فيه وتتقاسم مع الرجل مختلف المناصب الحزبية. كما أن هناك نسبة لا بأس بها من كوادر الحزب من أصول أجنبية، منهم من يتولى مناصب قيادية عليا في الهرم الحزبي.
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: عبده جميل المخلافي