1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حزب الله وإسرائيل.. هل بمقدور لبنان تحمل "حرب كبرى"؟

٢٧ أغسطس ٢٠٢٤

تزايدت وتيرة مخاوف التصعيد في الشرق الأوسط عقب واحدة من أكبر جولات تبادل إطلاق النار المستمرة بين حزب الله وإسرائيل منذ أكثر من 10 شهور قرب الحدود. بيد أن ما يثير قلق اللبنانيين سيناريو إندلاع حرب كبرى تدفع بلادهم ثمنها.

https://p.dw.com/p/4iuV5
حرائق في شبعا بعد قصف إسرائيلي لأحد المباني 26.06.2024
تسود في جنوب لبنان أجواء الحرب ويحاول البعض الهروب إلى مناطق آمنةصورة من: Ramiz Dallah/Anadolu/picture alliance

 

توقع خبراء منذ وقت طويل أن يقدم حزب الله على شن هجوم على إسرائيل ردا على مقتل القيادي العسكري بالجماعة فؤاد شكر أواخر يوليو/تموز الماضي.
وقد حدث الرد يوم الأحد (25 أغسطس/آب) حيث قالت إسرائيل إنها أحبطت "جزءا كبيرا من الهجوم" الذي شنّه حزب الله على أراضيها، فيما أكد الأخير أنه استهدف بمسيرات وصواريخ كاتيوشا بشكل أساسي قاعدة للاستخبارات العسكرية قرب تل أبيب.
ونفت إسرائيل إصابة قاعدة "جليلوت" الواقعة في ضواحي تل أبيب، مشيرة إلى أنها دمّرت "آلاف منصات الصواريخ" التابعة لحزب الله في جنوب لبنان.
وقال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله إن الحزب اختار عمدا أهدافا عسكرية فقط حتى لا يعرض مفاوضات وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل للخطر وأيضا تجنب الانزلاق صوب حرب شاملة مع إسرائيل.
يأتي ذلك في واحدة من أكبر جولات تبادل إطلاق النار المستمرة بين الجانبين منذ أكثر من 10 شهور على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية.


"الرد لن يؤدي إلى حرب شاملة"

 

وعقب مقتل فؤاد شكر، فوض مجلس الوزراء الأمني المصغر في إسرائيل، رئيس الحكومة ووزير الدفاع بتحديد "نوع وطريقة وتوقيت الرد على المنظمة الإرهابية حزب الله".

وبعد الاجتماع الذي عقده مجلس الوزراء الأمني المصغر في إسرائيل وفي نهاية يوليو/ تموزالماضي، قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو: إن المجلس "فوض رئيس الحكومة ووزير الدفاع بتحديد نوع وطريقة وتوقيت الرد على المنظمة الإرهابية حزب الله".

وقبل ذلك كان نتنياهو قد هدد حزب الله بدفع ثمن باهظ، ردا على الهجوم الدامي على بلدة مجدل شمس في مرتفعات الجولان والذي أودى بحياة 12 شخصا، وتتهم إسرائيل حزب الله بإطلاق الصاروخ على ملعب كرة القدم. من جانبه ينفي حزب الله مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ.

وتعتبر دول عديدة الحزب أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية من بينها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بالإضافة إلى دول عربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كمنظمة إرهابية.

وأوضحت إسرائيل أنها تريد إلحاق الأذى بحزب الله فقط، ولا تريد جر الشرق الأوسط إلى حرب شاملة، وذلك حسب ما نقلته رويترز عن عدة مصادر إسرائيلية رفضت الكشف عن هويتها. وقال أحد المصادر "التقدير هو أن الرد لن يؤدي إلى حرب شاملة". وأضاف لرويترز "لن يكون ذلك في مصلحتنا في هذه المرحلة".

آثار الدمار في ملعب مجدل شمس في مرتفعات الجولان حيث سقط الصاروخ 27.07.2024
يتوقع العديد من المراقبين والدبلوماسيين أن يكون رد إسرائيل على هجوم الجولان مدروسا ولا يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقةصورة من: Hassan Shams/AP/picture alliance

قضاء الليل خارج المنزل

 

في الواقع تسود الآن أجواء الحرب في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل، يقول ميشائيل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في بيروت، والذي يتواجد حاليا في الأردن. وتهاجم إسرائيل مواقع لحزب الله في أجزاء أخرى من لبنان، "طبعا الآن الخوف الأكبر بالنسبة للبنانيين، هو الدخول في مرحلة جديدة من هذا الصراع".

فهم يخشون أن تختار إسرائيل أهدافا أخرى وتستخدم أنظمة أسلحة مختلفة. وصرحت شابة لبنانية لـ DW رفضت الكشف عن هويتها، بأنها قضت ليلة ثانية خارج حييها في الضاحية، التي يسيطر عليها حزب الله.

وصحيح أن خطر تصعيد غير محسوب ليس كبيرا، لكنها تفضل من الآن أن تذهب إلى مكان آمن. وقالت امرأة أخرى إنها ليست قلقة على نفسها وتعتقد أنه لا يزال يمكن التحكم بالخطر، لكنها قلقة على بعض أفراد عائلتها في جنوب لبنان.

دولة ومجتمع ضعيفان

 

إذا توسع الصراع، فإنه سيؤثر على دولة ضعيفة أصلا، فحسب تقرير للبنك الدولي، الدولة اللبنانية مثقلة بديون كبيرة، وتبلغ التزاماتها 180 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي عام 2023 وصلت الالتزامات إلى 201 بالمئة.

وحسب تقرير آخر للبنك الدولي، تضاعفت نسبة الفقر في لبنان ثلاث مرات خلال العقد الماضي، ويضيف التقرير أن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر وصلت إلى 44 بالمئة هذا العام. لكننسبة العجز التي وصلت إلى 221 بالمئة عام 2023 تراجعت هذا العام إلى 83 بالمئة.

منذ سنوات تثبت الدولة اللبنانية أنها عاجزة عن التصرف أو أن قدرتها على التصرف محدودة. وقد ظهر ضعف الدولة بشكل واضح في أغسطس/ آب 2020 من خلال انفجار مرفأ بيروت، حيث انفجر حوالي 2750 طن من نترات الأمونيوم في أحد مستودعات المرفأ وأدى إلى تدمير أجزاء من بيروت ومقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين.

كما اضطر 30 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم. وقد أهملت السلطات ولأعوام عديدة نقل المواد الكيماوية التي تعتبر خطرة (نترات الأمونيوم) إلى مكان آمن مناسب.

وما يثقل كاهل الدولة اللبنانية أكثر هو وجود حوالي 1,5 مليون لاجئ سوري هربوا من الحرب في بلدهم، بالإضافة إلى نحو ربع مليون لاجئ فلسطيني، جزء منهم يعيش منذ عقود في مخيمات.

والتصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله والذي يمكن أن يزداد، ينعكس منذ الآن على لبنان، فالعديد من شركات الطيران العالمية أجلت أو ألغت رحلاتها تماما إلى مطار بيروت. هذا بالإضافة على "تشديد التحذيرات العالمية من السفر إلى لبنان، أو إعادة التأكيد على تلك التحذيرات" فوزارة الخارجية الألمانية طلبت من جميع المواطنين الألمان مغادرة لبنان.

مطار بيروت الدولي 28.07.2024
ألغت عدة شركات طيران عالمية رحلاتها إلى مطار بيروت بعد التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيلصورة من: Mohamed Azakir/REUTERS

تهديد ما تبقى من البنية التحتية

 

قبل عدة أشهر حذر وزير الاقتصاد ونائب محافظ البنك المركزي اللبناني السابق، ناصر سعيدي، من انتشار الصراع بين إسرائيل وحركة حماس التي تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، في كل أنحاء لبنان.

وقال في تصريحات لصحيفة "ذي ناشيونال، The National" في أبو ظبي إن "الوضع الاقتصادي سيتدهور بسرعة"؛ فإذا حدث التصعيد من المحتمل أن يتم تدمير ما تبقى من البنية التحتية بما في ذلك المرافئ والمطار، "نظرا إلى اعتماد البلاد اقتصاديا على المهاجرين اللبنانيين الذي يعتبرون بمثابة شريان الحياة للبلد".

وإذااتسع نطاق الصراع، من المحتمل أن تكون له عواقب كارثية حسب ما جاء في تحليل لمركز أبحاث "المجلس الأطلسي" في واشنطن نشر في شهر يوليو/ تموز 2024، وقد يعني ذلك العودة إلى "حروب دائمة". كما يمكن أن ينضم إلى حزب الله، مقاتلون من الجماعات الأخرى المدعومة من إيران في المنطقة، ما قد يجعل الصراع أكثر تعقيدا وخطورة.

ولبنان يقع في قلب هذه التوترات، وبالتأكيد هو ليس في وضع يسمح له بتحمل أزمة أو حرب مع إسرائيل، كما يقول ميشائيل باور، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في بيروت.

أعده للعربية: عارف جابو/م.ع 

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا