حزب "النور" السلفي انتهازية أم واقعية سياسية؟
١١ ديسمبر ٢٠١٣يقول بسام الزرقا، عضو المجلس الرئاسي ونائب رئيس حزب النور السلفي لـ DWعربية "دعونا، مؤخراً، للتصويت بنعم على مسودة الدستور المُعدل مراعاةً للظروف العصيبة التي تمر بها البلاد. بعد تصويتين داخليين، بالهيئة العليا للحزب ومجلسه الرئاسي، كان قرارنا بالموافقة"، ويوضح الزرقا "رغم قناعتي بأن مصر تستحق الأفضل، حيث كنّا نستحق أن يتم انتخاب جمعية تأسيسية بشكل مباشر من جانب الشعب المصري".
لقد مرّ حزب "النور" بالعديد من التحولات، بدأت بالتحالف مع جماعة الإخوان المسلمين لحظة الانتخابات الرئاسية، ومشاركته في الجمعية التأسيسية التي شرّعت دستور 2012. بعدها تحول الحزب للمعارضة حيث كان مؤيداً لمظاهرات 30 يونيو/ حزيران المطالبة بعزل مرسي، وكان من القوي المشاركة في بيان العزل ووضع خارطة الطريق أيضاً. حول هذه التحولات يعلق الزرقا موضحا "علاقتنا بالإخوان كانت علاقة تعاون وليست تحالف، في البداية رفعت الجماعة شعار مشاركة لا مغالبة، وكنّا نتفق معها تماماً، وكنّا نرى أن هذه الطريقة هي الأنسب لبناء مصر بعد الثورة، لكن الجماعة اتجهت للـ"مغالبة" وعملت وفقاً لإستراتيجية كل شيء أو لا شيء، ثم حدث استقطاب، وقد حاولنا أن نكون بعيدين عنه".
"التعايش بعيداً عن الاستقطاب الإخواني العلماني"
وحين سألته DW عربية، لماذا يتخذ الحزب موقفاً مختلفاً عن بقية أطياف التيار الإسلامي؟ أجاب قائلاً "المنطلق الفكري والسياسي للحزب يختلف عن بقية فصائل الإسلام السياسي، وذلك يرجع لرؤيتنا الخاصة للإصلاح التدريجي أو الناعم. كما أن الوضع الحالي يبدو وكأن جماعة الإخوان تجسد فيه رأس التيار الإسلامي، وبقية أطياف هذا التيار ينبغي أن تكون تابعة لهذا الرأس، ومن لا يوافق على هذا يعتبرونه خارجا عن السرب أو خائنا".
ويري الزرقا أن مواقف الحزب الحالية "لا تحتاج لتبرير، لأنها "نابعة من فلسفة خاصة"، ويوضح ذلك بقوله "مصر حالياً في مرحلة تأسيس الديمقراطية، والبناء يتطلب التعايش وليس التنافس. أغلب القوى في مصر تتبنى إستراتيجية "كل شيء أو لا شيء"، سواء كنا الحديث عن الإخوان أو العلمانيين، هناك استقطاب واضح بينهما، و"النور" "يرى أن هذه الإستراتيجية مدمرة لدولة تمر بمرحلة بناء"..هكذا يري النور أن الأولوية ينبغي أن تكون في "انتقال السياسة من الشارع وهتافات المظاهرات إلي المؤسسات السياسة، كما يجب أن يحدث اتفاق حول قواعد اللعبة السياسية، حينما يحدث ذلك تصبح السياسة جزءاً من الثقافة الراسخة لدى الشعب المصري".
من ناحية أخرى يعتبر "النور" الذراع السياسية للدعوة السلفية، وكان ذلك دافعاً للتشكيك في استقلاليته، حول هذه النقطة يعلق الزرقا "هناك اختلاف في الإدارة بين الدعوة السلفية والحزب، لكن المواقف أحيانا تبدو متقاربة، ويجب مراعاة أننا كحزب وليد نهتم بالجهة التي تمثل الأنصار والدعم لنا، لهذا نتبنى القضايا التي تريدها الطبقة الانتخابية الداعمة لنا". لن يدخل الحزب السلفي أية تحالفات سياسية في الاستحقاقات الانتخابية القادمة حيث يؤكد الزرقا "نرى أننا نسير في طريق مختلف يبتعد عن حالة الاستقطاب القائمة حالياً . هو طريق ثالث".
السلفيون يؤيدون "الانقلاب"
بينما يقول محمد الكردي، عضو الهيئة العليا لحزب "الوطن"، صاحب المرجعية السلفية أيضاً لـ DWعربية "حزب النور مع "الانقلاب"، بل كان بمثابة الغطاء الشرعي لعملية الانقلاب على الشريعة، بينما ترى كافة أطياف الإسلام السياسي أن هناك انقلاب حدث على الشرعية، وعليها مواجهته". كما يشير الكردي أيضاً إلي أن "مواقف الحزب محرجة للدعوة السلفية، حيث لا يوجد فصل بين إدارة الجهة الدعوية والحزب السياسي".
يرى الكردي أن دعوة النور للتصويت بـ"نعم" على الوثيقة الدستورية "لم تكن خطوة موفقة أو ذكية، حيث تعتبر توجيها للناخبين وساهمت في تقليل شعبيته، بعد مشاركته في لجنة تعديل الدستور"، ويتساءل الكردي مستنكراً "كيف يساهم الحزب الذي يدعي أنه يحافظ علي هوية مصر الإسلامية في عملية تهميش دور مصر الإسلامي؟".
مراحل التطور الثلاث
المحلل السياسي والنائب السابق بمجلس الشعب المنحل محمد منيب صرح لـ DWعربية "أن حزب النور بدأ حياته السياسية بالخروج من "كهوف" الدعوة السلفية إلي عالم السياسة الرحب، وربما يكونوا قد أصيبوا بعمي الأضواء حيث اختلطت الأمور لديهم بين "الشرعي"، بما يقصد به الشريعة والقانون، وقد زاد من ارتباكهم تجربة الإخوان ، حيث لم تحقق الجماعة أية خطوة نحو تطبيق الشريعة، بل كانوا يبتعدون عن تطبيقها سواء في البرلمان المنحل أو في فترة حكم مرسي".
يرى منيب أن تجربة حزب النور السلفي يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل، حيث أوضح لـ DWعربية "المرحلة الأولي بدأت في البرلمان المنحل حينما كان أعضاء النور يرفعون أيديهم بالموافقة على أي تصويت يؤيده أعضاء حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسة لجماعة الإخوان المسلمين، وقتها كانوا أتباعاً، ثم ما لبث أن أصبح النور حليفاً، فبدأت مراجعة قرارات الجماعة، حيث خالفوا بعض مواقفها، لكن فجأة اكتشفت قيادات الحزب السلفي أن الإخوان انتهازيون ويسعون لمصلحة التنظيم الخاصة.
وهنا بدأت المرحلة الثالثة حيث بدأ حزب النور يأخذ مواقف متباينة ومختلفة عن بقية أطياف التيار الإسلامي، حدث ذلك مع تزايد موجات معارضة مرسي". يعلق منيب على هذه المرحلة من حياة الحزب الذي تأسس عقب الثورة المصرية "كانوا يتمسكون بوجود الحاكم الإسلامي، حتى وإن كان فاشلاً، حتى لا تتوقف تجربة الحكم الإسلامي، لكنهم بعد عزل مرسي قرروا ألا يعودوا للكهوف وألا يكونوا أتباعاً واختاروا مشاركة المصريين باعتبارهم حزباً سياسياً وليس دينياً ". كما يؤكد منيب لـ DWعربية "إذا عقدنا مقارنة بين مشاركة الحزب السلفي في الجمعية التأسيسية الأولى، التي أعدت دستور 2012، وتواجدهم بلجنة تعديله سنكتشف أنهم أدركوا اللحظة، حيث قرروا ألا يقفوا في مواجهة الشارع المصري حتى لو تطلب ذلك منهم التخلي عن ما يفترض أنه تصورهم عن الشريعة، مع مراعاة أن ما انتهت إليه اللجنة، فيما يخص الشريعة الإسلامية، ليس فيه تماس مع العقيدة".
أحمد وائل / القاهرة