حصيلة ثقيلة بعد عام من رئاسة محمد مرسي
في الثلاثين من يونيو/ حزيران 2012 تولى محمد مرسي منصب رئيس جمهورية مصر العربية، بعد انهيار نظام مبارك وتسلم الجيش للسلطة خلال فترة انتقالية. وبعد عام من حكم مرسي، تبدو الحصيلة متواضعة بالنظر للآمال التي ولدتها الثورة.
غموض حول من يحكم مصر
تميزت الأسابيع الأولى من تولي محمد مرسي للسلطة بغموض كامل حول آليات صنع القرار السياسي في مصر ودور المؤسسات الدستورية، إضافة إلى وظيفة الجيش في العهد الجديد، ما خلق حالة من الارتباك والالتباس سرعان ما سيحاول مرسي رفعه بسلسلة من القرارات التي أثار بعضها الكثير من الجدل.
ترويض المؤسسة العسكرية
في بداية حكمه، نجح مرسي في إظهار نفسه كرجل دولة من طراز رفيع، إذ قام في 12 آب/ أغسطس بإحالة وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ورئيس الأركان الفريق أول سامي عنان إلى التقاعد وعينهما مستشارين له. وزادت التكهنات بشأن ما دار خلال ذلك اليوم وحول ما إذا كانت هناك صفقة بين الجيش وجماعة الإخوان المسلمين، إلا أن طنطاوي وعنان آثرا الصمت حتى اللحظة.
من الثورة... إلى التسلط؟
في 22 تشرين ثاني/ نوفمبر 2012 أصدر الرئيس مرسي إعلاناً دستورياً مثيراً للجدل أقال فيه النائب العام وحدد فترة منصبه، إضافة إلى تعزيز صلاحياته كرئيس للبلاد. وتضمن قرار مرسي أن تكون الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن بأي شكل، وهو ما أدى إلى موجة من الاحتجاجات أشعلت النار في الشارع المصري.
تعميق الاستقطاب في الشارع المصري
رفضت جبهة الإنقاذ المصرية المعارضة الإعلان الدستوري لمرسي وكذلك الاستفتاء على الدستور المقرر منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر 2012، وأكدت أن إجراء استفتاء وسط "تهديدات مليشيات الإخوان وجماعات أخرى يشكل خطورة على الأمن القومي الوطني". وتضم جبهة الإنقاذ الوطني محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور وحمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي وعمرو موسى، المرشح الرئاسي السابق، بالإضافة لأحزاب ليبرالية ويسارية.
الأقباط قلقون من هيمنة الإخوان على الدولة
يخاف المسيحيون في مصر من سلطة الإسلام السياسي ومما يصفونه برغبة جماعة الإخوان المسلمين في الهيمنة على البلاد، إضافة إلى تعرضهم لحملات عنف من قبل السلفيين المتشددين، ما يجعل تعدد الهوية المصرية على كف عفريت. ولم ينجح الرئيس مرسي بالوثيقة الدستورية في إحداث توافق وطني وبإعطاء الانطباع بأنه رئيس لكل المصريين كيفما كان انتمائهم العقائدي.
غليان الشارع المصري
نشر الجيش المصري دبابات أمام مقر الرئاسة في القاهرة، وذلك إثر المواجهات بين أنصار الرئيس محمد مرسي ومعارضين له، أوقعت قتلى وجرحى. هذا أعاد مشاهد الانتفاضة ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى الأذهان. في الصورة معارضون لمرسي يطالبونه بالرحيل عن السلطة.
سيناء: الجماعات المتشددة تهدد الأمن القومي لمصر
شهدت شبه جزيرة سيناء خلال السنة الأولى من حكم مرسي أحداثاً أمنية خطيرة تميزت بمواجهات بين قوات الجيش والشرطة من جهة والجماعات المسلحة "التكفيرية" من جهة أخرى، ما ألقى بظلاله على أمن واستقرار المنطقة.
تدهور الاقتصاد المصري
وصل الاقتصاد المصري خلال السنة الأولى من حكم مرسي إلى حالة كبيرة من التردي، فقد واصلت السياحة تراجعها، مثل المؤشرات الاقتصادية الكبرى. فبعد الإعلان عن انتهاء الاستفتاء، أعلنت وكالة "ستاندرد آند بورز" تخفيض التصنيف الائتماني لمصر، كما تراجع الجنيه بصورة لافتة أمام الدولار. ولم تعد الحكومة قادرة على إخفاء الوضع الحرج للاقتصاد. ورغم المساعدات السخية من بعض الدول كقطر، فإن اقتصاد البلاد يبقى حرجاً.
حرية التعبير في الميزان!
بمرحه ونقده اللاذع، أصبح الإعلامي المصري باسم يوسف، مقدم برنامج "البرنامج" نجماً شعبياً تعرض أكثر من مرة لمضايقات قضائية بسبب انتقاده لسياسات الرئيس مرسي وجماعة الإخوان. وبات مجرد بقاء برنامجه الساخر "البرنامج" مقياساً لحرية الإعلام والتعبير في مصر.
ثورة يهددها إعادة استنساخ الماضي!
بدا سقوط نظام حسني مبارك وكأنه فتح أمام المصريين عهداً جديداً ينقلهم من الاستبداد إلى الديمقراطية. إلا أن المجتمع المصري اليوم بات منقسماً أكثر من أي وقت مضى، إذ لا يزال الطريق إلى الديمقراطية طويلاً ومليئاً بالأشواك.