حفر من باطن البحر الميت تنذر بكارثة طبيعية
يشعر السائح في بداية استحمامه في مياه البحر الميت بخدوش خفيفة في عظمة ساقه، ثم بخدوش أخرى على رأس أظافره و فجأة يثير انتباهه أن الماء يرفعه إلى سطح البحر دون أن يقوم بأية حركة. وغالباً ما يمد السائح يديه، ثم ساقيه ثم نصفه الأعلى وأخيرا يميل بجسده إلى الخلف ويستلقي ليتمتع بأشعة الشمس. هذه الخصوصية التي يقدمها البحر الميت تجعله قبلة للسياح الراغبين في التمتع بطبيعة فريدة من نوعها.
وعلى الرغم من أن البحر الميت يقدم فرصة الراحة والاسترخاء لزواره في أدنى منطقة مستوى الأرض والتي تقع 400 متر تحت سطح البحر، يخشى قطاع السياحة الإسرائيلي من عواقب أضرار بيئية خطيرة الأبعاد تهدد جو الاستحمام فيه. فعلى مدى الساحل الإسرائيلي تنتشر لافتات مكتوب عليها:"انتبه! هنا حفر مفتوحة". وفي "عين جدي" وهي إحدى المزارع الإسرائيلية الواقعة على الشاطئ تم إغلاق مخيم يستوعب 80 مكانا بسبب الحفر الغريبة التي خرجت فوق سطح الأرض. ويصف جابي طارق مدير التسيير بالقسم السياحي للقرية السياحية "عين جدي" هذا التطور السلبي:"نواجه كارثة طبيعية ضخمة. الطبيعة تنتقم منا".
أجزاء من أعماق البحر أصبحت يابسة
تنخفض نسبة ارتفاع ماء البحر سنويا بما يعادل مترا. ففي واحة "عين جدي" على سبيل المثال يتراجع ماء البحر سنويا بنسبة 50 مترا تقريبا، وتتبخر سنويا حوالي مليون و700 ألف متر مكعب من مياه البحر الميت الذي يبلغ عرضه 17 كلم وطوله حوالي70 كلم، كما أظهر قياس نسبة التبخر والتدفق ما بين 30 إلى 35 عاما الأخيرة. لقد أدى انخفاض نسبة الماء إلى جفاف كامل في أعالي قلعة "مسعدة" وذلك على مساحة تبلغ 5 كيلومترات منذ حوالي 15 سنة. وعلى وجه خاص لم يعد نهر الأردن يزود بالماء الكافي ذلك لأن عرض سيل النهر لا يزيد عن متر واحد. ويرجع هذا بالدرجة الأولى الى الاستهلاك المفرط للماء في الحقول الزراعية.
انتقام الطبيعة
وبسبب انخفاض نسبة الأملاح في الماء يحدث نوع من الانجراف الباطني في التربة وهو الأمر الذي يحدث تشققات داخلية يصل تأثيرها إلى منطقة البحر الميت. لقد أعطيت من قبل إشارة إنذار لمركز البحر الميت السياحي حيث أن فنادق المنطقة الضخمة والمتكونة من17 طابقا مهددة هي الأخرى بالسقوط بسبب الانجراف الباطني في الأرض. ومن أجل تفادي المشاكل أقيمت دراسات تناولت كيفية إنقاذ هذه المجمعات السياحية وقرر المسئولون تثبيت أعمدة ضخمة تحت سطح الأرض. لكن وحسب تقرير وزارة السياحة الإسرائيلية يرجح إغلاق هذه الفنادق وبناء فنادق جديدة في مناطق أخرى. والجدير بالذكر أن قطاع السياحة الإسرائيلي يشكو من قسوة وجفاف الطبيعة المتزايد في هذه المنطقة، فهو يسجل منذ سنوات أرقاما سياحية متراجعة نظرا للأوضاع السياسية المتوترة.
البحر الميت قبلة مرضى الأمراض الجلدية
يعد البحر الميت قبلة لمرضى الأمراض الجلدية نظراً لتركيبة مياهه الفريدة من نوعها والتي تحتوي على أملاح معدنية تساهم في التخفيف من آلامهم. وفي العادة تستغرق مدة علاج هؤلاء المرضى ثلاثة أسابيع حيث يتعرضون لأشعة الشمس بشكل تدريجي ومستمر. وفي أكثر من %80 من الحالات تتعافى أو تختفي أعراض المرض لمدة 8 أشهر على الأقل. وتتراوح تكاليف العلاج بما فيه الإقامة لمدة 4 أسابيع وتذكرة الطائرة ما بين 2000 و2500 يورو للشخص الواحد.