حقوق الإنسان محور السياسة الخارجية.. ماذا بقي من وعود بايدن؟
١٣ سبتمبر ٢٠٢١لم تكد تمر ساعات على خروج آخر الجنود والدبلوماسيين الأمريكيين من أفغانستان حتى أعلن الرئيس جو بايدن في كلمة ألقاها بالبيت الأبيض أن واشنطن ستواصل دعم الأفغان، الذين تركتهم قواته خلفها عند رحيلها وستدافع عن حقوقهم الأساسية خاصة حقوق النساء والفتيات.
وقال بايدن مكررا وعده في الحملة الانتخابية الذي ذكره كثيرا في خطبه منذ أن تولى منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني "لقد أوضحت أن حقوق الإنسان ستصبح محور سياستنا الخارجية".
وغذى هذا التعليق شكوكا متنامية بين معارضين لنهجه. فقد اتهم بايدن بأنه تخلى عن هؤلاء الناس وتركهم لحركة طالبان التي لها سجل في سحق حقوق النساء باسم تطبيق تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية.
وتكشف مراجعة لسجل إدارة بايدن حتى الآن عن استبعاد المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان عدة مرات لصالح أولويات الأمن القومي ولضمان استمرار التواصل مع القوى الأجنبية. ويقول أصحاب هذا الرأي إن بايدن تراجع في لحظات حاسمة.
دعم حكام متسلطين في الشرق الأوسط
ففي الشرق الأوسط استمر التأييد لحكام متسلطين مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رغم التصريحات الطنانة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وفي السعودية نشرت الإدارة تقريرا داخليا للمخابرات ربط بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي في المملكة وبين مقتل الصحفي جمال خاشقجي لكنها تجنبت اتخاذ أي إحراء بحق الأمير نفسه.
وفي اجتماع واحد على الأقل على مستوى عال مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قالت مصادر مطلعة على ما دار فيه إنه تمت تنحية المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان وحرية الصحافة لصالح قضايا أخرى.
ويقول مدافعون عن حقوق الإنسان إن الإدارة ركزت على حقوق الإنسان بدرجة أكبر من الرئيس السابق دونالد ترامب الذي امتدح حكاما مستبدين منهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون غير أنه لا يمكن اعتبار ذلك إنجازا.
وقالت إيمي هوثورن نائبة مدير الأبحاث بمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط وهي جماعة مدافعة عن الديمقراطية "ليس هذا بالمعيار السليم".
دبلوماسية في السر
دفاعا عن سجل بايدن قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن الدبلوماسيين كثيرا ما أثاروا المخاوف الخاصة بحقوق الإنسان مع قادة أجانب حتى في محادثات صعبة مع خصوم مثل الصين وروسيا.
وقال المسؤول لرويترز إن إثارة حقوق الإنسان في بعض الحالات سرا قد يكون نهجا أكثر فاعلية ولا يشكل تراجعا من جانب الولايات المتحدة. وأضاف أن الأمر قد يكون من الصعب إثارته في بعض الأحيان في لقاءات غير علنية.
وقالت مصادر مطلعة إنه في اجتماع مع أردوغان في يونيو/ حزيران الماضي لم يتطرق بايدن إلى المخاوف الخاصة بسجل تركيا في حقوق الإنسان وركز بدلا من ذلك على أمور مثل مستقبل مطار كابول الذي كان يمثل أولوية لانسحاب القوات من أفغانستان.
وتوجد خلافات حالية بين أنقرة وواشنطن العضوين في حلف شمال الأطلسي حول أمور منها شراء تركيا نظم دفاع جوي روسية. وقال المسؤولون الأمريكيون إن إثارة معاملة تركيا للمعارضين والصحافة قد تؤدي إلى مزيد من التوتر.
وأضافت المصادر أن المسؤولين الأتراك اعتبروا ذلك إشارة على أن واشنطن لن تضغط فيما يتعلق بحقوق الإنسان رغم الانتقادات العلنية المتكررة لمعاملة أنقرة لجماعات معارضة والاعتراف الأمريكي الرسمي بأن قتل الأرمن في 1915 إبان الامبراطورية العثمانية كان إبادة جماعية.
مصر.. اختبار قريب
يلوح في الأفق اختبار لإدارة بايدن يتمثل فيما إذا كان وزير الخارجية أنتوني بلينكن سيواصل سياسة سلفه بتجاهل قيد فرضه الكونغرس على المساعدات العسكرية لمصر وذلك بمنحها استثناء للإفراج عن مساعدات قيمتها نحو 300 مليون دولار لحكومة السيسي على أساس أن ذلك في مصلحة الأمن القومي الأمريكي.
ومن المتوقع صدور قرار بنهاية سبتمبر/ أيلول الجاري.
وكانت أكثر من عشر منظمات حقوقية أبلغت بلينكن في رسالة خلال أبريل/ نيسان الماضي أنه إذا رفض الإفراج عن المساعدات فإن "الولايات المتحدة سترسل رسالة واضحة مفادها أنها جادة في التزامها بدعم حقوق الإنسان في الخارج".
وكان السيسي الذي أطاح بجماعة الإخوان المسلمين في 2013، قد أشرف على حملة على المعارضة في السنوات الأخيرة. وينفي السيسي وجود سجناء سياسيين في مصر ويقول إن الاستقرار والأمن لهما الأولوية.
ويقول مسؤولون امريكيون إن واشنطن تراجع علاقاتها مع حكومات في الشرق الأوسط من بينها حكومة السيسي. وقال مسؤول لرويترز: "لقد أوضحنا على الملأ وفي السر مخاوفنا بشأن انتهاكات حقوق الإنسان الكثيرة جدا في مصر وسنواصل ذلك".
ص.ش/ أ.ح (رويترز)