حملة شعبية مصرية ضد "جهاز الكفتة"
١٦ يناير ٢٠١٥أطلق عدد من الأطباء، حملة لجمع توقيعات من الأطباء والمواطنين وتقديمها إلى نقابة الأطباء برفع دعاوى قضائية ضد مخترع جهاز "الكفتة"، الذي يعالج مرض الإيدز وفيروس سي، وتستهدف الحملة الذين أعلنوا أو روجًوا للجهاز، وكانت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة أكدت بدء العلاج بالجهاز مطلع يوليو الماضي، ثم تأجيله لشهر ديسمبر، وإعلان تأجيله إلى شهر مايو، مما أثار ضجة كبيرة، يبدو أن هذه المرة لن تمر مرور الكرام . إذ في الوقت ذاته، تقدًم خالد أبو بكر المحامي ببلاغ إلى النائب العام المستشار هشام بركات، طالب فيه بالتحقيق في عدم الإعلان عن تفعيل استخدام الجهاز التابع للقوات المسلحة. ومنذ الإعلان عن هذا الجهاز، والجدل يثار حوله تارة بالسخرية وتارة بالاتهامات، خاصة وأنها جعلت مصداقية الجيش على المحك، في ظل الصمت التام حول هذا الجهاز، وعدم الإدانة أو حتى الدفاع. DWعربية تسلط الضوء على تلك القضية وأبعادها المختلفة ومدى تأثيرها.
"غرور المؤسسة العسكرية وعدم الاعتراف بالأخطاء"
عضو مجلس نقابة الأطباء المصرية، الدكتور عمرو الشورى، يقول في حوار لـ DWعربية: "هذه حملة لتجميع التوقيعات لرفع قضايا على الأطباء وغير الأطباء الذين شاركوا في الترويج لجهاز كشف فيروس سي والإيدز". ويضيف :"هذه التوقيعات ستقدم لمجلس النقابة في يوم الأربعاء الأخير من الشهر الجاري، وفي الاجتماع سيكشف من مساندي هذه الحملة ومن يناهضها". وعن مدى فاعلية الإجراءات المتبعة، يقول شورى : "لا ندرك حتى الآن مدى قانونيتها، ومدى تصنيفها على أنها قضية مدنية أم عسكرية". ولا يتوقع شورى أن تتخذ أية إجراءات تصعيدية ضدهم، حتى في حالة المحاكمة فسيتم في النهاية حفظ القضية.
وأكد الشورى أنها جزء من حملة تضامن مع عضو نقابة الأطباء الدكتور محمد فتوح، الذي كان أنتقد الدكتور أحمد مؤنس عضو لجنة جهاز كشف فيروس سي والإيدز، لأنه لم يتبع الإجراءات العلمية وأجرى تجارب على البشر دون تصاريح. وتابع: "في المقابل، أقام أحمد مؤنس دعوة ضد فتوح في قضية السب والقدح".
ولكن الحملة وجهًت دعواتها ضد أشخاص وليس المؤسسة العسكرية، ويفسًر الشورى ذلك بالقول: "الحملة دعا إليها أشخاص يتحملون المسئولين، كما أن هناك إجراءات قانونية معقًدة في حال توجيه الدعوات ضد المؤسسة العسكرية".
ولا ينفي الشورى أن طريقة الإعلان عن الجهاز كانت تحمل نوعا من الدعاية السياسية للمؤسسة العسكرية. ويأسف الشورى على عدم اعتذار المؤسسة العسكرية عن طريقة الإعلان عن الجهاز، وعدم محاسبتها لصاحبي الإعلان عن الجهاز. وأرجع الشورى ذلك إلى غرور المؤسسة العسكرية التي لا تعترف بأخطائها.
ووصف استمرار التأجيل عن الإعلان بالفضيحة العالمية والاستغلال السياسي للعلم. وأعتبر الشورى أنها ليست المرة الأولى في تاريخ المؤسسة العسكرية أن تبيع مشروع وهمي للناس. وأردف" "المؤسسة العسكرية غير خاضعة لأية رقابة حتى مستشفيات الجيش والشرطة، سواء حتى السماح لدخول المستشفيات أو الرقابة عليها".
"صمت غير مبرًر"
وفي سياق متصل، كان المحامي عبد الحميد سعد ومستشار قانوني لمؤسسة نديم لحقوق الإنسان، قدم دعوة قضائية ضد عبد الفتاح السيسي بصفته، والفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع، بصفته، والدكتور عادل عدوي، وزير الصحة، بصفته أيضا، مطالبا بإلزام المحكمة للواء إبراهيم عبد العاطي بالكشف عن مؤهلاته العلمية، والتحقيق فيما وصفه بـ"المهزلة".
وقال في حوار لـ DWعربية، أنه لن يقدم دعوات ضد أشخاص بل مؤسسات. وشرح ذلك بالقول : هناك دولة تحكمها رئيس ووزير مختص. وتساءل بدهشة " لماذا اوجًه دعوة ضد أشخاص بعينهم، إذا ماتوا لن يكون هناك قضية؟!". وأضاف: "يا دولة طلعتوا قلتوا إن فيه جهاز أعطوني مستندات وأوراق تبرهن ذلك ".
وشدًد بالقول انه لا يعادي أحد، ولكن هناك حساسية شعبية ومؤسسية في التعامل مع القائمين على الجيش، وهي محاولة لدق ناقوس الخطر. وأعتبر أن البلاغات للنائب العام لن يكون لها تأثير، أما الدعوات فهي تطالب بالحصول على أوراق تثبت البراءة أو الإدانه.
ويتساءل لماذا تصمت وزارة الصحة على ذلك، ففي حالة الاشتباه في أي دواء تعلن مصادرته، ولكنها لم تحرك ساكناً حيال هذا الجهاز. وهذا ينطبق أيضا على المؤسسات الثلاثة فهناك صمت غير معلل وإهدار مال للدولة .
مصدر عسكري: علينا الانتظار
وفقاً لمصدر عسكري رفيع المستوى، رفض ذكر اسمه، تحدث مع DWعربية، قائلاً "موعد الإعلان عن المشروع لم يحن حتى الآن. وأشار إلى أن البلاغات المقدمة ضد الجهاز، هي حرية شخصية فالإجراءات القانونية تأخذ مجراها.
وقال عندما كان الرئيس عبدالفتاح السيسي وزيراً للدفاع، شكل لجنة علمية، وبالتالي من المتوقع أن يحدث ذلك وستعلن عن النتائج التي سيتم التوصل إليها سواء بالإيجاب أو بالسلب. ودعا إلى الانتظار وعدم الالتفاف إلى محاولات التشويه، وعدم استباق الأحداث. وأكد على وجود رد على كل هذه التهم ولكن في الوقت المناسب.
وفي نظرة تحليلية للموضوع، يعتقد محمد العربي، باحث علوم سياسية بمكتبة الإسكندرية، أن مثل هذه البلاغات والتحركات لا تمثل انقلابًا على النظام أو خصامًا معه، بقدر ما هي محاولة لإنقاذ مصداقية المؤسسة العسكرية التي تقف وراء النظام. وتابع "تخرج هذه البلاغات عن حالة الصراع بين النظام الحالي وخصومه المتربصين له".
واعتبر العربي أن النظام سعى إلى إيجاد سبل بناء شرعية أخرى كالحديث عن إنجازات مزعومة تداعب أحلام البسطاء. وحاول البرهان على ذلك بالقول: "النظام لم يكن متماسكًا كوضعه الحالي، فلم تكن هناك مؤسسة مركزية قادرة على ضبط إيقاع حركته، وبالتالي كثرت هفواته الخطابية وكذلك قرارته".
ويعتقد العربي أن هذه التحركات، في حال نجحت سترسل رسالة ضمنية للسلطة الحاكمة أنه لا مجال للعب على أن المصريين شعب كثير النسيان ويتغاضى عن حكامه في حال تلاعبوا به. وبالتالي لن يكون أمامه سوى النجاح في المشروعات القومية التي أطلقها وقام الرئيس نفسه بتحديد مداها الزمني، حسب العربي.