حيرة المسلمين في ألمانيا بين الأطعمة "الحلال" و "الحرام"
١١ أغسطس ٢٠٠٨يعيش في ألمانيا الملايين من الأجانب كما أن كل واحد من بين خمسة مواطنين ألمان ينحدر من جذور أجنبية. الكثير منهم لا يعتمدون في تسوقهم على المتاجر الألمانية ويبحثون عن منتجات بلادهم في محلات تجارية صغيرة تخصصت في بيع مواد غذائية مستوردة من بلدان هؤلاء الأجانب الذي غالبا ما يعتقدون أن طعام هذه المنتجات مختلف عن تلك التي يشترنها في المتاجر الألمانية. هذا ما دفع صاحب أحد المتاجر التركية إلى اعتبار أن الطماطم التركية على سبيل المثال لها طعم مختلف عن الطماطم الألمانية. أما إذا ما تعلق الأمر بالزبائن المسلمين، فإن المشكلة في التسوق تصبح أكثر صعوبة، لأنهم يضطرون في غالب الأحيان إلى مراعاة ما هو "حلال" وما هو "حرام" من منظور تعاليم الدين الإسلامي عند شراء اللحوم أو بعض المنتجات الغذائية.
"الحلال الأوروبي"
ورغم أن القوانين الألمانية تحظر ذبح الحيوانات وتعتبره أمرا غير مسموح به، إلا أن المحكمة الدستورية الألمانية أصدرت مؤخراً حكماً سمحت بموجبه بذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية ولكن ضمن نطاق ضيق، حيث لا يسمح إلا لأشخاص محددين بمزاولة عملية الذبح. وتحمل منتجات اللحوم في بعض المتاجر الإسلامية ختم "الحلال الأوروبي"، وهو المعهد الذي يمنح شهادة "حلال" للذبائح وذلك لتجنيب المشتري المسلم الغوص في متاهات قد تحرمه من تناول اللحوم التي يحبها.
ويخضع معهد "الحلال الأوروبي" الذي يديره يوسف كلكارا، من الجانب التمويلي والتنظيمي لكل من مجلس الإسلام الألماني واتحاد الجماعات الإسلامية في شمال ألمانيا. لكن معهد "الحلال الأوروبي" ليس المعهد الوحيد الذي يقوم بختم الذبائح الإسلامية في ألمانيا، حيث يوجد إلى جانبه هيئات ومراكز أخرى تقوم بإصدار أختام مشابهة. لذا فإن كثرتها وتعدد الجهات التي تمنحها يقوض بشكل كبير من مصداقية هذه الأختام.
جدل حول تخدير الأبقار
ورغم التسهيلات التي منحها المشرع الألماني للمسلمين في ألمانيا فيما يتعلق بمسألة اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية، إلا أن بعض جونب الموضوع مازالت مثار جدل ونقاش، حيث تعكف لجنة مؤلفة من ناشطين في مجال حماية الحيوان وفقهاء مسلمين ومنتجي اللحوم بمناقشة الجوانب التفصيلية المرتبطة بطريقة الذبح.
وفي هذا الإطار يقول أحمد يازجي من اتحاد الجماعات الإسلامية في ألمانيا: "فيما يخص ذبح الغنم والدواجن ليس لدينا مشكلة في تخدير تلك الحيوانات قبل ذبحها، ولكن المشكلة تكمن في ذبح الأبقار وبالتحديد فيما يتعلق بتركيز الجرعة المخدرة المسموح إعطاؤها للبقرة قبل الذبح" وأضاف في الساق: "نتناقش اليوم فيما إذا كان تخدير الأبقار بواسطة صدمة كهربائية قصيرة يتطابق مع تعاليم الدين الإسلامي أم لا"، فالذبح على الطريقة الإسلامية لا يتنافى مع ما تسمح به النظم الخاصة بحماية الحيوان".
ليست اللحوم وحدها هي المشكلة
وإلى جانب الكحول الموجودة في بعض الحلويات والشوكولاته مثلاً، هناك ثمة مشكلة أخرى؛ فبعض المأكولات يدخل في تركيبها مكونات من الخنزير كالجلاتين مثلاً كما تقول إحدى السيدات. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكثير من الشركات الأوروبية لجأت إلى استعمال مكونات الخنازير في إنتاج مادة الجلاتين وذلك في أعقاب ظهور فضيحة مرض جنون البقر. وبات الأمر يطرح مشكلا بالنسبة للمسلمين لأن الجلاتين يدخل في إنتاج العديد من المواد الغذائية، حيث تقول إحدى السيدات: "بدءا من دواء السل وانتهاء بعقاقير الدواء، كلها تحتوي على مادة الجلاتين. يمكن أن نترك الكثير من الأشياء لكن لا يمكننا أن نستغني عن الدواء".