خبراء: ليس من مصلحة إسرائيل وحماس خوض حرب في الظرف الراهن

تتزامن الذكرى الثانية لحرب غزة مع ارتفاع وتيرة التوتر على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة الذي أحيا ذكرى الحرب المدمرة وسط مخاوف من نشوب حرب جديدة، لكن الخبراء يستبعدون نشوب مثل هذه الحرب على الأقل في الوقت الراهن. فهل تلوح في الآفق نذر حرب جديدة؟ أم أن الطرفين قد استفادا من الحرب الأولى ولن يغامرا بخوض حرب جديدة؟

يعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، هاني المصري أن حماس أعلنت أنها تريد التهدئة، في إشارة إلى تأكيد الحركة قبل يومين التزامها بالهدنة: "وهذا يعني أنها لا تريد دفع الأمور نحو الحرب، لكنها في وضع محرج للغاية لأن القوات الإسرائيلية تتوغل وتغتال وتستفز حماس بشكل دائم مما يعرضها لانتقادات داخل وخارج الحركة لأنها تظهر وكأنها تتخلى عن المقاومة"، حسب المصري.

وورغم ارتفاع وتيرة التوتر إلا أن المصري أعرب في حديث لـ "دويتشه فيله" عن اعتقاده بأن الأمور قد لا تسير "بسرعة نحو حرب شاملة لأن الطرفين سيفكران في الأمر أكثر من مرة. صحيح سيكون هناك تصعيد يجعل احتمال التوجه للحرب في الوقت الملائم مسألة مفتوحة، لكن إسرائيل تتذكر ما جاء في تقرير جولدستون والإدانة الدولية الواسعة لها جراء عدوانها على القطاع، وكذلك حماس تتذكر الثمن الكبير الذي دفعته ودفعه الشعب الفلسطيني خلال الحرب".

الحرب ليست في مصلحة الطرفين

وعن تقديره للقوة العسكرية الراهنة لحركة حماس، قال المصري حسب المعطيات فإن حماس الآن أقوى من السابق لكن لا يمكن المقارنة بين قدراتها وقدرة الجيش الإسرائيلي المتفوق عسكريا، التي لاتسمح لحماس بالمنافسة. "السؤال هو إلى أي مدى تستطيع حماس إيقاع خسائر. وأنا أعتقد أن مدى ذلك محدود، لأن إسرائيل لا تريد أن تدفع ثمنا لحروبها واحتلالها بل تريد حروبا نظيفة وسهلة".

وفي حين اتفق روي نحمياس، مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، مع المحلل الفلسطيني في أن كلا الطرفين ليس من مصلحتهما الخوض في حرب وشيكة، إلا أن الصحفي الإسرائيلي يختلف مع الممصري في الرآي حول القدرات العسكرية لحماس. في هذا السياق يعتقد نحمياس في حوار مع دويتشه فيله أن "حماس تستطيع تحمل تصعيد عسكري، لكنها اليوم تريد تعزيز قدراتها وبناء ترسانتها العسكرية". وأضاف "لذلك هي لا تريد التصعيد الملموس في الوقت الحالي، هي معنية ببناء قوتها للمستقبل البعيد، ولا مصلحة لها الآن في ذلك، وكذلك الحال مع سائر الفصائل التي تحافظ على التهدئة غير الرسمية".

ويؤكد نحمياس بأن "الوضع في غزة غير مستقر وهش، وكل الاحتمالات مفتوحة من حيث المبدأ"، لكنه قال "من وجهة نظري لا توجد أي مصلحة لدى إسرائيل ولا الفصائل الفلسطينية لشن حرب متبادلة الآن في غزة". وبينما أكد أن حماس ليس من مصلحتها التصعيد العسكري، أعرب عن قناعته بأن إيران هي المستفيدة "من اندلاع الحرب بين إسرائيل والمنظمات الأخرى مثل حماس والجهاد، بمعنى حرب استنزاف". ومع ذلك نفى إمكانية أن يكون "استنزاف" قدرات حماس العسكرية سببا قد يجعل إسرائيل تقدم على حرب جديدة في القطاع.

وضع عملية السلام

وحول آفاق الوضع السياسي الفلسطيني والإسرائيلي في ظل تعثر عملية السلام ورفع أمريكا يدها عن مسألة الاستيطان، بدا نحمياس أكثر تفاؤلا من المصري، وقال "أمريكا تحاول الآن بلورة صيغة جديدة لإطلاق المفاوضات". وأشار إلى الزيارة المقبلة لجورج ميتشل، المبعوث الأمريكي إلى المنطقة، معرباً عن أمله وتوقعه لحدوث "انفراجة بعد أسبوعين أو ثلاثة".

في المقابل، رأى المحلل الفلسطيني أنه لا يجب الرهان على الدور الأمريكي، لأن العلاقات التي تربط أمريكا بإسرائيل أكبر من مجرد لوبي مؤيد لإسرائيل". وأضاف "هناك مصالح وأهداف مشتركة. أمريكا كانت وستظل طبعا في صف إسرائيل، ما لم يقم العرب والفلسطينيون بجمع أوراق القوة والضغط لممارسة ضغط حقيقي عليها لتشعر أن دعمها لإسرائيل قد يعرضها لخسائر ولكننا مازلنا بعيدين عن هذه النقطة".

واعتبر المصري أن عملية السلام متوقفة تماما ولا يمكن تحريكها بدون تغيير جدي، "وهذا أيضا ليس واردا الآن، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان التي وصف فيها سلطة رام الله بأنها غير شرعية. إسرائيل تريد فرض إملاءات، وتريد التفاوض حول الأمن والاقتصاد فقط، وتصفية قضايا الحدود والقدس واللاجئين والاستيطان، وهو ما لا يقبله أي فلسطيني مهما كان معتدلا".

أميرة محمد

مراجعة: عبده جميل المخلافي