خبير دولي: "الناتو لن يتورط في حرب من أجل أوكرانيا"
٢٦ أبريل ٢٠١٤DW: برأيك كيف سيكون رد فعل حلف شمال الأطلسي "الناتو" إذا ما تدخلت روسيا عسكرياً في أوكرانيا؟
يان تيشاو: سيدين الناتو مثل هذه الخطوة بأشد العبارات. لكن من يعتقد أن الناتو سيدافع عن شرق أوكرانيا عسكرياً فهو على خطأ. لا أعتقد أن أي دولة عضو في الحلف مستعدة لإرسال قوات إلى هناك. لن يكون هناك أي رد عسكري وهذا مؤكد، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعرف ذلك جيداً.
أوكرانيا ليست دولة عضو في حلف الناتو، لكن ألن تشعر دول أعضاء في الحلف، مثل بولندا أو دول البلطيق، بالتهديد في حالة دخول قوات عسكرية إلى أوكرانيا؟
تيشاو: منذ وقت طويل تشعر هذه الدول بالتهديد من التطورات في أوكرانيا. وقام الناتو بالكثير من الخطوات من أجل تعزيز حماية هذه الدول. على سبيل المثال، من خلال زيادة عدد القوات. كما تقوم الولايات المتحدة في الوقت الراهن بتدريبات عسكرية في بولندا، وألمانيا ستقوم بإرسال طائرات إلى منطقة البلطيق خلال العام الجاري من أجل مراقبة أجواء دول هذه المنطقة. وهناك دول أخرى تفعل الشيء ذاته. لكن بالرغم من هذا، لن يكون هناك رد عسكري إذا ما اجتاحت قوات روسية أوكرانيا.
وهل هناك تأثير لقيام حلف الناتو بتعزيز تواجده العسكري على حدوده الشرقية؟
تيشاو: ليس من الواضح بعد كيفية تلقي موسكو لهذه الخطوة. تراهن روسيا على استعادة سيطرتها السياسية على أوكرانيا. وهذا الأمر يجري بصورة نظامية. لا يهتم بوتين بأمر دول أخرى، إنه يريد استعادة أوكرانيا فحسب.
من أجل المزيد من الوضوح: تقول إن روسيا تريد استعادة سيطرتها على كل أوكرانيا، وحتى على غرب البلاد والعاصمة كييف؟
تيشاو: أتحدث هنا عن سيطرة سياسية، وليس عن احتلال للبلد بأكمله. لا أعتقد أن روسيا تخطط لعملية عسكرية في جميع أرجاء أوكرانيا. الأمر يتعلق هنا بمن يحكم أوكرانيا. الرئيس يانكوفيتش مثل لفترة طويلة مصالح روسيا. الآن تحاول روسيا ربط المنطقة بها بأكبر درجة ممكنة. لهذا يجب أن يكون هناك مجدداً رئيس مقرب من روسيا، وألا يُسمح للحكومة الجديدة في كييف بتحقيق نجاح في مهامها، إذ يجب أن تُمنى بالفشل الذريع. وليس من المعروف بعد ما إذا كانت روسيا تريد تحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن، أي حتى الانتخابات في أيار/ مايو المقبل، أو ما إذا كانت موسكو تحاول تطبيق ذلك على مدى سنة أو سنتين. لكن هذا هو الهدف الواضح.
ما هي النتائج التي تتوقعها لمحادثات بين روسيا والولايات المتحدة؟
تيشاو: لطالما رأت روسيا، حتى على المستويات الرسمية، أن أوكرانيا ليست دولة مستقلة. وهذا ما أكده بوتين مراراً. ومن المحظورات التي تضعها روسيا هو أن أوكرانيا تريد اليوم تقرير مستقبلها السياسي بنفسها. أما الولايات المتحدة فتقول أنه يجب أن تتمتع أوكرانيا بحق تقرير المصير. ونقطة الخلاف الرئيسية هذه تقف في طريق أي اتفاق.
يبدو أنه لم يتم الالتزام باتفاق جنيف. ولذلك هدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو. هل تعتقد أنه سيقوم بفرض هذه العقوبات فعلاً؟
تيشاو: في البدء يجب أن أوضح هنا أن اتفاق جنيف كان بالنسبة لروسيا فرصة لكسب الوقت فقط. وبطريق ذكية للغاية استغلت موسكو نتائج اتفاق جنيف لتبرير سياستها واتهمت حكومة كييف بعدم الالتزام بالاتفاق. أما فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية، فأعتقد أن أوروبا لن تشترك بفرضها، كما أن ألمانيا لن ترغب في فرضها، حتى ولو فرضت روسيا هيمنتها السياسية على أوكرانيا. الولايات المتحدة تريد فرض عقوبات مشددة، لكن أوروبا لا ترغب في ذلك، إذ تفضل المحاولات الدبلوماسية والعقوبات المخففة. لا نرى إذاً انقساماً داخل أوروبا فحسب، بل وبين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة كذلك. وهذا لا يبشر بموقف قوي ومتفق عليه تجاه روسيا.
هل تعتقد أن بإمكان أوكرانيا أن تبقى بلداً ذا سيادة؟
تيشاو: جميع الاحتمالات مفتوحة. إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن – وهذا ما أتوقعه – فإن الوقت لن يكون في صالح أوكرانيا، وستكون صفعة قوية لمنظومة السلام الأوروبية برمتها بعد الحرب الباردة. فحتى الآن كان من الواضح أن السيادة الإقليمية لبلد ما مضمونة. لكننا نعود الآن إلى فترات العنف التي يجب فيها على دولة من الدول إعادة ترسيم حدودها فقط لأنها تتحلى بالجسارة والقوة. هذا الشكل من أوروبا يمضي باتجاه مستقبل غامض.
يرأس يان تيشاو معهد كارنيغي أوروبا في بروكسل، وهو الفرع الأوروبي لمعهد كارنيغي للسلام الدولي في واشنطن.
أجرت الحوار: نينا هاسه
ترجمة: عماد غانم