خبير قانوني ألماني: الترحيل ليس حلاً لأزمة اللاجئين
٥ فبراير ٢٠١٦DW: من يرتكب كلاجئ جناية كبيرة يمكن ترحيله. وهذا يعني الترحيل إلى وطنه الأم. لكن الواقع يعكس صورة أخرى، وهي أن الكثير من الأشخاص لا يغادرون ألمانيا حتى بعد صدور أمر الترحيل. لماذا لا ينجح في العادة الترحيل؟
الصعوبة تتمثل في غالب الأحيان في انعدام وثائق هوية. فإذا هربت من مناطق الحروب والأزمات لإنقاذ جلدتي، فإنني لا أذهب أولا إلى الإدارة لاستصدار جواز سفر. وفيما يخص دول المغرب العربي، أي المغرب وتونس والجزائر، فإنه غالبا ما يُذكر مؤخرا أن دول المنشأ لا تستقبل أولئك الأشخاص. ويعود ذلك لانعدام وجود أوراق هوية صالحة. فدائما عندما تكون الهوية مجهولة، تقول الدولة المعنية: بما أننا لا نعرف إن كان الشخص من رعايانا، فلماذا يتوجب علينا استقباله؟
في هذه الحال يمكن العودة إلى مقترح رئيس المستشارية بيتر ألتماير الذي يوصي بترحيل أولئك اللاجئين المرتكبين لأعمال جنائية إلى دول ثالثة آمنة مثلا إلى تركيا. كيف يمكن تطبيق هذا المقترح؟
لا أعتبر ذلك سبيلا ناجعا لحل مشاكل اجتماعية عن طريق الترحيل. وهذا لا ينجح عمليا إلا إذا كانت الدولة الأخرى مستعدة لاستقبال مواطنين أجانب. وهذا الاستعداد ليس له أية تغطية في القانون الدولي. هناك اتفاقية لإعادة الاستقبال مع تركيا يتوقع أن تدخل حيز التنفيذ منتصف هذا العام، تتضمن شروطا لتستقبل الدولة الثالثة ـ في هذه الحال تركيا ـ اللاجئين.
ما هي تلك الشروط؟
اتفاقية إعادة الاستقبال تمس فقط مواطني الدول الثالثة الذين سافروا مباشرة من تركيا إلى أوروبا. ففي حال السفر عبر إيطاليا لن تكون تركيا ملزمة بأي شيء.
يعني أنه في حال ما تأكد دخول اللاجئ عبر تركيا، فإنه لا شيء يعترض عملية الترحيل؟
إذا لم أنجح في ترحيل شخص ما إلى وطنه الأم بسبب انعدام أوراق هوية، فإنني سأواجه على الأرجح صعوبات أكبر في التخلص منه لصالح دولة ثالثة، لأن هذه الدولة الثالثة ستقول بحق إذا كنتم لا تعرفون هذا الشخص وغير قادرين على إثبات البلد الذي مر منه، فإننا لا نرى سببا في استقباله. وبناء على هذه الخلفية يمكن اعتبار مقترح السيد ألتماير دخانا. والهدف منه هو تهدئة الجدل السياسي المحتدم.
منظمة "برو أزول" المدافعة عن اللاجئين تنتقد أن تركيا ليست "دولة آمنة". ما هي الشروط التي يجب على الدولة الوفاء بها لتتمكن الحكومة الألمانية من ترحيل اللاجئين إليها؟
إذا لجأت حكومة ما إلى ترحيل أشخاص يستحقون الحماية، فإن اتفاقية جنيف لحماية اللاجئين هي التي تُطبق، وهي تفيد بأنه لا يحق لي إبعاد شخص إلى مكان به مخاطر عليه. كما لا يحق لي دفعه إلى وضع يُسلم فيه من دولة إلى أخرى. فتركيا مثلا لا تطبق اتفاقية جنيف بحق السوريين، ما يعني بأنني لن أقدر جزئيا على إبعاد لاجئين معترف بهم في ألمانيا إلى تركيا
ماذا يمكن للحكومة التركية أن تجنيه من إيواء أشخاص ارتكبوا جنحا في ألمانيا؟
الاتفاقية التي يتفاوض عليها الاتحاد الأوروبي مع تركيا تعرض في المقابل مثلا تخفيف إصدار تأشيرات. وحتى عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي باتت مجددا على طاولة النقاش. هذه الاتفاقية لا تتعلق في الأساس بترحيل جناة، بل تطال بالدرجة الأولى أشخاصاَ لا يملكون حق الإقامة في أوروبا وسافروا عبر تركيا. فقضية ارتكاب أعمال جنائية أثارها السيد ألتماير.
على هذا الأساس كيف تقيمون مقترح ألتماير من الناحية السياسية؟
نحن نركز هنا على فئة صغيرة وهم الأشخاص الذين دخلوا كطالبي لجوء وليس لهم حق مبرَّر في الحصول على الحماية. كما نتعامل هنا مع أولئك الذين ارتكبوا جنحا. وهؤلاء يشكلون فئة ضيقة جدا من مجموع الذين وصلوا إلينا السنة الماضية. وأمام هذه الخلفية أعتبر النقاش الحالي غير لائق. نعم يجب علينا الرد على هذه المجموعة. لكن يجب علينا بوجه خاص مناقشة كيف نتمّم إيواء اللاجئين في إطار إنساني وكيف يمكن دفع الاندماج إلى الأمام، لأنه إذا عرضنا على الناس آفاقا مستقبلية، فإننا سنتفادى على المدى البعيد مشاكل اجتماعية.
*هايكو هابه محام مختص في قانون اللجوء والإقامة ومناهضة التمييز