خبير: مصر لا يمكن لها السيطرة على سيناء دون دعم إسرائيلي
٦ فبراير ٢٠١٨DW ـ ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إسرائيل تشن منذ 2015 هجمات جوية بموافقة مصر على شبه جزيرة سيناء. أليس بمقدور مصر التحكم في مشكلة الإرهاب في شمال سيناء، وهي تعول على مساعدة إسرائيل؟
شتاينبيرغ ـ مصر تواجه منذ يوليو 2013 أي منذ تولي الرئيس السيسي السلطة في البلاد أنشطة متزايدة لجماعة جهادية في سيناء. والجيش المصري لم يكن وليس قادرا على التحكم في الوضع هناك، وأحد ردود الفعل كان أن اتفقت مصر مع إسرائيل. فإسرائيل تحارب بصفة مشتركة مع مصر هذه الجماعة الجهادية التي تطلق على نفسها "ولاية سيناء" لتنظيم داعش.
هل تعني جماعة أنصار بيت المقدس التي انضمت لتنظيم داعش؟
بالتحديد. هذه الجماعة سبق وأن نفذت اعتداءات في 2004 و 2005 في شبه جزيرة سيناء. وبعدها انضمت أنصار بيت المقدس في نوفمبر 2014 رسميا لتنظيم داعش. ومنذ خريف 2013 ترمي حملتها ـ كانت تستهدف أولا سياحا أجانب ثم إسرائيل ـ لضرب قوات الأمن المصرية. والوضع تدهور جدا منذ 2015 بحيث أن إسرائيل وجدت نفسها مضطرة للتدخل هناك.
ما هو الحدث الذي كان حاسما كي تتدخل إسرائيل؟
لقد كان الهيمنة القصيرة على مدينة صغيرة في شمال سيناء قريبا نسبيا من الحدود الإسرائيلية. هذه المدينة هي شيخ زويد وهناك أظهرت "ولاية سيناء" أنها قادرة على تنفيذ عملية أكبر ضد أهداف محمية جيدا، بل السيطرة لوقت قصير على مدينة صغيرة. ويبدو لي هذا هو الزناد في إطلاق المحادثات بين الإسرائيليين والمصريين، وبعدها بداية الالتزام الإسرائيلي القوي في سيناء.
منذ 1979 يعم رسميا سلام بين إسرائيل ومصر. والحكومة المصرية تظهر رسميا في اتجاه الخارج منتقدة لإسرائيل وتدعي التضامن مع الفلسطينيين، لأن الشعب المصري منتقد لإسرائيل. كيف يروج السيسي لهذا التعاون مع الجارة غير المحبوبة لدى الشعب في الداخل؟
من جهة مصر تظهر في العلن دوما جد منتقدة لإسرائيل. ومن جهة أخرى يظهر جليا أن مصر وإسرائيل تقاربتا منذ 2013 بصفة كبيرة، لاسيما عندما تؤكد الحكومة المصرية من جديد أهمية محاربة الإرهابيين داخل البلاد. وهي لا تعني بذلك فقط تنظيم داعش، بل أيضا الإخوان المسلمين وتعلل بذلك إجراءات واسعة ضد المعارضة السلمية. وهنا تلتقي مصالح البلدين، لأن إسرائيل أيضا تنظر إلى داعش وللإخوان المسلمين كخطر. والمصريون يدركون بأن حكومتهم تلعب لعبة مزدوجة. وليس في مقدورهم فقط التظاهر، كما كان ممكنا في السابق.
هل تعني، لأن انتقاد الحكومة يُقابل بعقوبة السجن؟
نعم، نحن نعايش تكثيفا قويا للتعسف يتجاوز بكثير ما كان عليه الوضع أيام مبارك حتى 2011. وهذا يؤدي أيضا إلى أن الحكومة المصرية لم تعد تخشى أن تتم مناقشة هذا التناقض في سياستها. والعواقب يمكن أن تكون كبيرة بالنسبة إلى الصحفيين المصريين والمواطنين عندما ينتقدون بوضوح الحكومة.
يبدو أن الطائرات بدون طيار والقنابل التي تستخدمها إسرائيل ليس عليها علامات بحيث لا يمكن لأحد أن يتعرف عليها ويقول بأن هناك تعاونا. هل هذا صحيح؟
نعم هذا جزء من الصفقة. فالموضوع مثير للجدل في مصر ومقاومة السكان قوية ضد هذا التعاون المتقدم مع إسرائيل. وتفضل الحكومة المصرية وكذلك الحكومة الإسرائيلية عدم الكشف للرأي العام عن تعاونهما. فعدم وضع علامات يشكل تنازلا من الإسرائيليين للجانب المصري. فهم يريدون تمكين الدولة المصرية من الاستقرار وتفادي إثارة مقاومة سياسية داخلية جديدة.
هل أدت الهجمات الجوية للإسرائيليين إلى تمكن مصر من بسط يدها عسكريا مجددا على سيناء؟
لا نشاهد هذا فقط في سيناء، بل أيضا في أماكن أخرى بأن الهجمات الجوية يكون لها مفعول فقط عندما تتحرك وحدات المشاة بفاعلية على الأرض. ولدي شكوك كبيرة في ما كان ذلك على هذا النحو. أولا يجب القول بأن داعش ضعف، وهو بوجه خاص تحت الضغط بسبب الهجمات الجوية. والجيش المصري لم يجد إلى يومنا هذا أسلوبا في محاربة الإرهابيين بشكل فعال. وهذا له علاقة بعدم توفرهم على أهداف محددة، ففي كل عملية هناك خطر استهداف مدنيين. وتحصل خرقات جسيمة لحقوق الإنسان. وبصفة عامة يمكن القول بأن المشاعر الرافضة تجاه الدولة المصرية في ازدياد في سيناء. وبما أن هذا هو الوضع، فإن الوضع لا يتحسن بشكل مستدام. كما أن الإرهابيين ينتقلون منذ 2016 من سيناء إلى داخل البلاد المصرية ويهاجمون مثلا مسيحيين. وهذه نتيجة لمحاربة الإرهاب المشوبة بالأخطاء التي ينهجها الجيش المصري.
مصر وإسرائيل تتعاونان منذ مدة ، فيما يتعلق بأجهزة الاستخبارات وكذلك مراقبة الحدود في اتجاه قطاع غزة. وإيران تمثل بالنسبة إلى العربية السعودية وإسرائيل تهديدا مشتركا. ويبدو أن الاحتياجات الإقليمية تتغير. هل تتحول إسرائيل تدريجيا إلى صديق؟
بصفة عامة يمكن القول بأن إسرائيل والعربية السعودية ومصر وكذلك الإمارات العربية المتحدة ـ يعني أهم الدول الموالية للغرب في المنطقة ـ على أبعد تقدير منذ يوليو 2013 تتكاتف أكثر. وهذا حصل، لأن أولويات السعوديين وشركائهم العرب تغيرت. هم يخشون بوجه خاص إيران وأقل من ذلك إسرائيل. وعلى هذا الأساس هم يتعاونون في قضايا السياسة الخارجية والأمنية أكثر مع العدو السابق. فرادع التعاون مع إسرائيل هو اليوم ضعيف خلافا لما كان عليه قبل سنوات.
+ غيدو شتاينبيرغ خبير شؤون الشرق الأوسط والإرهاب من مؤسسة العلوم والسياسة في برلين. من 2002 إلى 2005 كان مستشارا لقضايا الإرهاب الدولي في المستشارية الألمانية.
أجرت المقابلة ديانا هودالي/م.أ.م