خطاب الأسد لن يساهم في تهدئة الأوضاع في سوريا
٢٠ يونيو ٢٠١١خلافا لظهوره السابق أمام مجلس الشعب السوري في أواخر شهر مارس/آذار الماضي لم يُظهِربشار الأسد هذه المرة على الأقل انطباعاً بأنه يسخر من الاحتجاجات في بلاده. فتفادى إلقاء النكات ولم يتكلف الابتسامة، وجاء خطابه المُحضَّر له مسبقاً دون توجيهات مسبقه بتصفيق أو ابتهاج مفرط من قبل الحاضرين أمامه كما حدث في خطابه الأول. لكن الخطاب لا يعطي انطباعا بأن الرئيس السوري مدرك تماما لخطورة الوضع.
لقد ُقتل 1300 شخص بحسب التقديرات منذ بدء الاحتجاجات، وفر أكثر من عشرة آلاف سوري إلى تركيا المجاورة. إنه لاستهزاء وإهانة بمعنى الكلمة، أن يصر الأسد بعناد على أن الأزمة الراهنة لم تجعل سوريا إلا أكثر قوة. ولم تعبّر شفتاه عن أي أسف لنزوح مواطني بلاده أو لجوئهم خارج البلاد. وبدلا من ذلك، كرّر اتهاماته السابقة بأن الاحتجاجات يتلاعب بها "الإرهابيون" وأنها "موجَّهة" من الخارج. إنها نظريات للمؤامرة يعرضها مجددا دون أن يقدم أية أدلة عليها، ولا يمكن أيضاً التحقق منها في بلد لا تستطيع فيه وسائل الإعلام الحرة من التغطية إلا ما ندَر. ومن الواضح أن هذا الرئيس يفتقر إلى الشجاعة وإلى الرؤية الثاقبة وربما أيضا لا يمتلك القوة لإخراج البلاد من الأزمة. فالأجوبة الوحيدة التي قدمها نظامه على الاحتجاجات هي القوة الغاشمة والتنازلات المتأخرة التي لا يعرف أحد ما قيمتها في ظل هذه الظروف. وها هو الأسد يقدم خطوات إصلاحية مستقبلية تقضي بإقامة انتخابات برلمانية في غضون أسابيع وإجراء حوار وطني وإخلاء سبيل مَن هو مسموح بإخلاء سبيله من المعتقلين، مؤكداً على ضرورة التمييز بين "المخربين" و"المواطنين المطالببين بإصلاحات مشروعة". لكن من الواضح أن هذا التمييز لا ينطبق على الوحدات العسكرية التي يقودها شقيقه ماهر الأسد والتي أجبرت آلاف السوريين على الفرار إلى منطقة الحدود.
بشار الأسد دعا هؤلاء اللاجئين إلى العودة إلى سوريا. لكنه نسي أن يذكر لماذا عليهم أن يثقوا فيه فجأة. فالإصلاحات التي وعد بها ليست غامضة فحسب بل إنها أيضا متناقضة: فمن ناحية قال إن الإصلاحات تصب في مصلحة كل الشعب وأنها يمكن أن تؤدي إلى وضع حد لاحتكار السلطة من قِبَل حزب البعث الحاكم. لكنه قال من ناحية أخرى إن هذه الإصلاحات لا يمكن تنفيذها في مناخ من "التخريب". ولم يقل بشار الأسد شيئاً عن كيف سيضع حدا لإراقة الدماء وعمليات النزوح الجماعي للسكان. لذا قد لا يكون هذا كافياً للمعارضة، في حين أن العديد من المنتمين للأقليات الدينية في البلاد، كالمسيحيين والعلويين المتحكمين في البلاد، يسعون للبقاء تحت حماية ديكتاتورية الأسد خوفا من انتقام المتطرفين السنة. ويبقى خطر انجراف سوريا نحو انقلاب عسكري أو إلى حرب أهلية طائفية محدقاً بشكل مخيف.
راينـَر زوليش
مراجعة: هبة الله إسماعيل