خمس نتائج محتملة لفوز معسكر "نعم" في استفتاء تركيا
١٧ أبريل ٢٠١٧الاستفتاء الذي أجري يوم الأحد (17 أبريل/ نيسان 2017) بعد 94 عاما على تأسيس مصطفى كمال أتاتورك للجمهورية التركية شكَّل خطوة كبرى، لم تكن مستبعدة بعد حملة انتخابية مثيرة للجدل قادتها الحكومة التركية على مستوى الداخل والخارج. وبعد فوز معسكر "نعم" إلى أين تتجه تركيا على المدى القريب على الأقل؟
"سلطة قوية غير مسبوقة بيد رجل واحد"
منح معسكر "نعم" في هذا الاستفتاء أردوغان سلطة ممركزة إلى حد كبير، وسيبقى نظريا في السلطة حتى عام 2029. وستكون السلطة التنفيذية بيد رئيس الجمهورية، على أن يُلغى منصب رئيس الوزراء. وحسب مؤيدي الرئيس التركي، فإن هذا الإجراء ضروري لضمان استقرار الحكومة والفصل بحدود واضحة مع السلطتين القضائية والتشريعية.
بيد أن معارضيه يقولون إنه لن تكون هناك بعد الآن سلطة مضادة في النظام الجديد، مما يمهد الطريق لنظام استبدادي. ويقول آلان ماكوفسكي من مركز التقدم الأميركي "أميركان بروغرس" لوكالة فرانس برس إن هذا النظام الرئاسي "يجمع سلطة قوة غير مسبوقة في يد رجل واحد".
العلاقات مع الاتحاد الأوروبي
تدهورت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي خلال المرحلة الأخيرة من حملة الاستفتاء، واتهم أردوغان بعض البلدان وعلى رأسها ألمانيا "بممارسات نازية".
وقال أردوغان إن عملية ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي والمتوقفة منذ سنوات، ستطرح "على الطاولة" بعد الاستفتاء. كما تحدث أمس الأحد - موعد إجراء الاستفتاء - (17 أبريل/ نيسان 2017)، عن احتمال إجراء استفتاء على إعادة العمل بعقوبة الإعدام، وهو ما يعتبر خطاً أحمراً بالنسبة إلى بروكسل.
وقال مارك بييريني من مركز "كارنيغي أوروبا" إن "التكتيك القائم على مهاجمة الاتحاد الأوروبي باستمرار (...) من أجل أغراض سياسية داخلية بلغ السقف الآن".
ومن المحتمل جدا، أن يميل أردوغان بعد الفوز إلى دفن مسألة عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي وتغليب العلاقات التجارية، من خلال تعزيز الاتحاد الجمركي على سبيل المثال.
النزاع مع الأكراد
منذ انهيار الهدنة التاريخية مع حزب العمال الكردستاني في صيف 2015، غرق جنوب شرق تركيا في دوامة من المواجهات الدامية بين قوات الأمن التركية والانفصاليين الأكراد. وترافق الهجوم العسكري الذي شنته أنقرة مع ازدياد قمع الأوساط السياسية والإعلامية المؤيدة للأكراد بتهمة أنشطة "إرهابية" مرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
ومع الانتصار المحدود للمعسكر المؤيد لتوسيع صلاحيات الرئيس، قد يضطر أردوغان إلى اعتماد نهج أكثر "تصالحاً" في "المسألة الكردية"، بحسب ما تقول أصلي أيدنتنباس الخبيرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. لكن على الأرض، لا يزال الخطاب السائد حاليا هو المواجهة، وتتحدث وسائل إعلام قريبة من السلطة أن هناك عملية برية ستنطلق بعد الاستفتاء ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق.
زيادة الانقسام
في السنوات الأخيرة، شهد المجتمع التركي استقطابا كبيرا حول شخصية أردوغان. وخلال حملة الاستفتاء، قام الرئيس التركي بـ"شيطنة" معارضيه الذين اتهمهم بالتواطؤ مع "الإرهابيين" و"الانقلابيين".
وقال المحلل سونر كاغابتاي من "معهد واشنطن" للدراسات إنّ أردوغان "فاز في (الاستفتاء)، لكن في نهاية المطاف فإن نصف البلاد يحبه، والنصف الآخر يكرهه. هذا هو أصل أزمة تركيا الحديثة".
ومع ذلك، فقد أظهر أردوغان الذي تحالف مع القوميين المتطرفين لكسب معركة الاستفتاء، براغماتية كبيرة في الماضي. ويتوقع بعض المراقبين أنه سيلجأ إلى خطاب أهدأ بعد الاستفتاء. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس الأحد في خطاب الانتصار "الآن جاء وقت التضامن والوحدة وأن نكون جميعنا تركيا".
انعكاس ضبابية المشهد على الإقتصاد
توقعت الأسواق بحذر كبير فوز مؤيدي الإصلاحات على أمل أن يعود الاستقرار الغائب عن تركيا التي تشهد منذ عام ونصف العام سلسلة اعتداءات وهزتها محاولة انقلابية فاشلة في تموز/يوليو. إلا أن التوقعات للأمد المتوسط أكثر ضبابية. فضعف ثقة المستثمرين في المؤسسات واستقطاب متزايد في المجتمع وتأخر الإصلاحات الهيكلية، كلها عوامل يمكنها التأثير على النمو.
ورأى خبراء اقتصاديون في "مجموعة بي جي سي بارتنرز" في إسطنبول قبل الاستفتاء أن "الأسواق قد ترحب لأمد قصير" بفوز معسكر "نعم"، لكن النمو "قد يتوقف وتأثيرات النظام (الرئاسي) على الأمد الطويل ما زالت مجهولة".
و.ب/م.س (أ ف ب)