دور سيدات الأعمال العربيات- من التهميش إلى قوة اقتصادية صاعدة
٩ يونيو ٢٠١٠تزايد دور المرأة العربية في المجال الاقتصادي بالوطن العربي في السنوات الماضية وبات يشكل مؤشراً على أن سيدات الأعمال العربيات قوة اقتصادية عربية لايستهان بها في دعم الاقتصاد العربي. وفي ضوء هذا التطور تم في العالم العربي إنشاء مصارف خصيصاً خصيصا لتمويل أنشطة سيدات الأعمال العربيات، مثل البنك الدولي للاستثمار في مصر، كما تقول سيدة الأعمال المصرية هدى يسى. وفي المحور الخاص بدور سيدات الأعمال العربيات في الاقتصاد العربي حاولت مجموعة من سيدات الأعمال العربيات إلقاء الضوء على دور المرأة في اقتصاديات الدول العربية، وذلك في حوار فعال مع سيدات أعمال ألمانيات ضمن فاعليات الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الثالث عشر في برلين. وشارك في الملتقى سيدات من مختلف البلدان العربية، يمثلن بعض جمعيات الأعمال والاقتصاد.
البداية والدعم في العالم العربي
لم تكن البداية سهلة لسيدات الأعمال في العالم العربي، إلا أنه مع بعض التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص في بعض البلدان العربية، قد خلقت هذه الأجواء ثقافة جديدة ساهمت في تحسين وضع المرأة في مجال الأعمال. إضافة إلى ذلك دعم بعض العائلات العربية لبناتهن في إثبات ذاتهن في مجال الاقتصاد والاستثمار. في هذا الإطار تقول سيدة الأعمال الأردنية ريم بدران: "كنت محظوظة فقد تلقيت تعليماً عالياً، وتتمتع المرأة في الأردن بهامش من الحرية، ثم أن دعم العائلة لي كان بمثابة دفعة قوية في مجال عملي، فعائلتي تعطي التعليم أولوية كبيرة والفتاة مثل الولد في هذا الشأن".
أما سيدة الأعمال الإماراتية مريم المرشدي فتقول عن تجربتها: "لدينا ثقافة جديدة، وهى أن المرأة أصبحت تقف إلى جانب الرجل سواء في العمل أو الدراسة، وهذه الثقافة قد قبلها الجيل القديم على الرغم من أنه عاش ثقافة أخرى". وتضيف المرشدي أن الجيل القديم يدعم المرأة في التعليم والعمل سواء في المجال الاقتصادي او غيره من المجالات. إلا أن مثل هذا الدعم يصعب وجوده في السعودية، عن هذا تقول سيدة الأعمال السعودية داليا راحيمي: "إن للسعودية ظروفها الخاصة، وإن المرأة في السعودية ما تزال تبحث عن الحرية". وتضيف راحيمي أنه لولا دعم عائلتها لم تمكنت من أن تصبح سيدة أعمال.
البداية والدعم في ألمانيا
وأما عن البداية لسيدات الأعمال الألمانيات ودعمهن في ألمانيا، فتقول كلوديا شميتس سيدة الأعمال الألمانية في لقاء مع دويتشه فيله: "إن بداية سيدات الأعمال في ألمانيا تختلف تماماً عن نظيرتهن في العالم العربي، فالدعم الذي تلقاه سيدة الأعمال العربية من عائلتها غير متوفر لدينا". وتضيف شميتس بالقول إنه في الثقافة الغربية تقوم المرأة بكل شئ، فهى تعتمد على نفسها لدرجة أنه إذا كانت من عائلة ذات شهرة ومال لا تعلن عن ذلك. وتقول شميتس أن سيدات الأعمال الألمانيات بدأن بالأعمال التي لايريد الرجل القيام بها، مثال على ذلك مجال تكنولوجيا المعلومات. "فلم ينل هذا المجال من قبل الرجاء في البدء الاهتمام الكافي، إلا أن سيدات الأعمال في ألمانيا جعلن من هذا المجال قوة اقتصادية، مما جعل الرجال الأن ينافسونا في هذا المجال".
خبرات في مجال الأعمال واقتناص للفرص
حاولت سيدات الأعمال العربيات على مدار السنوات الماضية إيجاد بعض الفرص، بل وعلمن على تطوير تلك الفرص التي إقتنصتهن سواء في مجال العمل والاستثمار أو مجال التدريب والتأهيل. بالإضافة إلى ذلك أقدمن على إنشاء جمعيات خاصة بسيدات الأعمال العربيات، التي أصبحت معنية بالتدريب وتقديم الاستشارات. عن تجربتها تقول يسى: "أعمل منذ 25 عاماً في مجال الاستثمار والأعمال، فقد بدأت بمشروع صغير حتى أصبح من أكبر المشروعات في مصر". وتضيف يسى أنها ساهمت على أساس هذا المشروع في إنشاء جمعية لسيدات الأعمال بالاسكندرية، كما أنها حظيت بدعم السيدة سوزان مبارك من مصر والشيخة فاطمة من الإمارات العربية لإنشاء هذه الجمعية التي تعد الأكبر لسيدات الأعمال العربيات. أما الهدف من وراء إنشائها فهو المساهمة في دعم سيدات الأعمال العربيات وتدريبهن في مجال الاقتصاد".
من جانبها تعلق الباحثة في مجال السياسة والاقتصاد في جامعة برلين الحرة، آنيا زورب قائلة: "بحثت في شبكة الإنترنت عن معلومات تتعلق بموضوع الندوة، فوجدت أن عدد جمعيات سيدات الأعمال العربيات مرتفع، هذا دليل على التقدم الملحوظ في خطواتهن، الأمر الذي يبعث في النهاية على التفاؤل".
احتكار الرجل لمجالات الاستثمار الكبيرة
وعلى الرغم من تفاؤل المشاركات العربيات في الملتقى في جوابهن على سؤال كريستيان هانالت، مدير مؤسسة دعم وتنمية الشرق الأوسط في ألمانيا، حول مستقبل سيدات الأعمال العربيات في العشرين سنة القادمة، إلا أن هذا التفاؤل كان مشوباً بالحذر في ظل العوائق التي تواجهها المرأة في مجالات الاقتصاد المتعددة. وترى المشاركات أن مجالات الاستثمارات الكبيرة، مثل مجال الصناعات الكيماوية والإنشاءات، ما تزال حكراً على الرجل.
وفي هذا السياق تقول سيدة الأعمال المصرية الدكتورة عزة محفوظ: "إن المشكلة لا تكمن فقط في أن الرجل يحتكر بعض المجالات، إنما المشكلة أيضاً لدى النساء. فعلى سبيل المثال في مصر نحن سيدات الأعمال في حاجة الى بعض القوانين والتشريعات، التي لا يمكن أصدراها إلى بعد أن تنال المرأة مكانها في البرلمان". وتضيف الدكتورة محفوظ بالقول إنه النساء، اللواتي يحاولن التصدي لهذه المسألة من خلال ترشيح أنفسهن، لا يحصلن في النهاية على صوت النساء، فأصوتهن تذهب إلى الرجال، وكأن النساء أنفسهن لايقبلن نساء أخريات في دائرة صنع القرار.
أما على الجانب الألماني فترى أن كلوديا شميتس أن المنافسة الرجالية حاضرة أيضاً، وتضيف قائلة: "من المشاكل التي تقف في طريق تطور سيدات الأعمال الألمانيات، أنه عندما ينجحن في مجال ما، فسرعان ما يهجم الرجال على هذا المجال وينافسوهن فيه، ويصل حد التنافس إلى خروج السيدات من مجال التنافس، وأعود وأذكر مثال الـ أي تي، والذي أصبح بعدما كان حوالي 90 في المائة من العاملين في هذا المجال من السيدات، تحولت هذه النسبة تقريباً إلى الرجال، وأصبحت نسبة النساء ضئيلة جداً". كما أن المشروعات الاستثمارية الكبيرة مازال يسيطر عليها الرجال، وأما النساء لا يبقى أمامهن سوى الأعمال الصغيرة".
الكاتب: هاني غانم
مراجعة: عماد مبارك غانم