دول الخليج تعقد قمتها السنوية في ظل تسريبات ويكيليكس
٦ ديسمبر ٢٠١٠تنطلق اليوم (السادس من ديسمبر 2010) في أبوظبي قمة دول مجلس التعاون الخليجي وهي قمة تتزامن مع تسريبات موقع ويكيليكس التي كشفت عن قلق قادة المنطقة البالغ إزاء الملف النووي الإيراني. وقال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية للصحافيين مساء الأحد ان القمة "تنعقد في توقيت هام لجهة تسريع وتيرة العمل الخليجي المشترك والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة". وأضاف أن "القمة ستقر عددا من الاستراتيجيات التي ستهم دفع مسيرة العمل الخليجي المشترك ومنها الاستراتيجيات المطروحة والخاصة بالربط الكهربائي والسكة الحديد والاستخدام السلمي للطاقة النووية"، دون أن يشير بشكل مباشر لتسريبات ويكيليكس. ويجتمع الاثنين والثلاثاء في ابوظبي قادة السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين التي تملك مجتمعة 45% من الاحتياطات النفطية المثبتة في العالم إضافة الى خمس احتياطات الغاز.
قلق من الهيمنة الإيرانية
ومع استمرار المواجهة المحتدمة بين إيران والمجتمع الدولي وتزايد نشاط تنظيم القاعدة في اليمن فضلا عن الانسحاب الأميركي من العراق، فان امن المجموعة الخليجية يبدو العنوان الرئيسي لقمة ابوظبي في الجانب السياسي بحسب المراقبين. وأظهرت الوثائق الدبلوماسية الأميركية السرية المفترضة التي نشرها موقع ويكليكس قلقا كبيرا لدى حلفاء واشنطن الخليجيين إزاء توسع النفوذ الإيراني وبرنامج طهران النووي، وظهر قلق دول الخليج، حسب الوثائق التي نرت، في مطالبة عدد من دول المنطقة للولايات المتحدة ضرب إيران.
وفي سياستها العلنية، حرصت دول مجلس التعاون الخليجي دائما على ابقاء مستوى من الهدوء في الخطاب تجاه ايران مع التشديد على مخاوفها ازاء نفوذ طهران المتزايد في العالم العربي. وقد سعى وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي في المنامة نهاية الأسبوع الماضي إلى طمأنة هذه البلدان، مؤكدا ان ايران لن تستخدم قوتها ضد الدول العربية المجاورة لها ونفى مجددا سعي طهران لامتلاك سلاح نووي. وتأتي القمة الخليجية بالتزامن مع بدء المفاوضات النووية بين إيران, ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون وممثلي الدول الست الكبرى. إلا أن مسؤولين خليجيين دعوا إلى إعطاء دول الخليج دورا في المفاوضات.
انزعاج أمريكي من الحلفاء الخليجيين
من ناحية أخرى، سيعكف قادة دول الخليج على دراسة ملف الإرهاب وتنامي تنظيم القاعدة في المنطقة سيما في اليمن المحاذية للسعودية التي تعتبر أول منتج للنفط في العالم. وكانت وثائق ويكليكس المسربة كشفت أن كبار المسؤولين الأمريكيين يشعرون بإحباط متزايد بشأن مقاومة حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط للمساعدة في وقف الدعم المالي للإرهابيين. وتشير رسائل وزارة الخارجية الأمريكية الداخلية التي حصل عليها موقع ويكيليكس وأصبحت متاحة لوسائل الإعلام إلى أن ملايين الدولارات تصل إلى جماعات متطرفة من بينها تنظيم القاعدة وحركة طالبان برغم تعهدات دول المنطقة بالعمل على وقف هذا التمويل.
وقالت صحيفة نيويرك تايمز إن مذكرة سرية أرسلتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في ديسمبر كانون الأول الماضي أظهرت أن مقيمين بالسعودية والدول المجاورة لها هم الداعم الرئيسي للعديد من الأنشطة المتطرفة. وجاء في المذكرة بحسب ما نقلته الصحيفة "لقد كان تحديا مستمرا أن نقنع المسؤولين السعوديين بأن يتعاملوا مع تمويل الإرهابيين الوارد من السعودية على أنه أولوية إستراتيجية." وخلصت إلى أن "متبرعين في السعودية يشكلون أكبر مصدر لتمويل الجماعات الإرهابية السنية على مستوى العالم"، كما تضمنت انتقادات مماثلة لدول أخرى في المنطقة. ووصفت الإمارات بان لديها "فجوة إستراتيجية" يمكن للإرهابيين استغلالها فيما اعتبرت قطر "الأسوأ في المنطقة" من حيث مكافحة الإرهاب ووصف الكويت بأنها " نقطة عبور رئيسية".
وتضمنت الرسائل التي نقلتها صحيفة نيويورك تايمز قائمة طويلة مفصلة للأساليب التي يستخدمها من يشتبه بانهم ارهابيون لتمويل أنشطتهم ومن بينها السطو على بنك في اليمن العام الماضي والاتجار في المخدرات في أفغانستان واستغلال مواسم الحج.
وذكرت الصحيفة أن إحدى الرسائل تحدثت عن مخطط محتمل من قبل الإيرانيين لغسل ما بين خمسة وعشرة مليارات دولار من خلال بنوك دولة الإمارات في إطار محاولة أوسع "لإثارة قلاقل " فيما بين دول الخليج.
مطالب بالديمقراطية
من جانب أخر دعا نحو 50 ناشطا ومثقفا خليجيا في بيان قادة دول مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز الحريات العامة والمشاركة الشعبية في صنع القرار خصوصا عبر الانتخابات. واعتبر الموقعون ان دول المجلس، اي السعودية والامارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين، "تعيش أوضاعا متباينة في هذا المجال"، ودعوا "الدول التي لم تقر بعد مبدأ المشاركة الشعبية في صناعة القرار ولم تشرع عمل جمعيات المجتمع المدني الى المبادرة لاتخاذ القرارات القانونية في هذا الصدد". وشدد الموقعون على "تمكين المواطنين من انتخاب ممثليهم في المجالس النيابية ليقوموا بدورهم التشريعي لسن القوانين او إجازتها والعمل على أداء أدوارهم الرقابية والمحاسبية على أداء أجهزة السلطة التنفيذية". كما دعا الناشطون قادة دول المجلس الى "نبذ الطائفية ومعالجة قضايا غير محددي الجنسية" الذين يقدر عددهم بعشرات الآلاف في دول الخليج.
وما زالت الديمقراطية غائبة جزئيا او كليا عن دول مجلس التعاون الخليجي، فدول مثل السعودية وقطر ليس فيها اي هيئة تمثيلية تشريعية منتخبة، بينما ينتخب نصف اعضاء المجلس الوطني الاتحادي الاماراتي في اقتراع يشارك فيه ناخبون معينون. وفي البحرين ينتخب المقترعون مجلسا للنواب يقابله مجلس شورى معين يتمتع بالصلاحيات التشريعية نفسها وعدد الاعضاء نفسه، اما في سلطنة عمان فهناك انتخابات لمجلس شورى لا يملك صلاحيات واسعة.
الا ان الكويت تحتضن حياة برلمانية نشطة منذ العام 1962، اذ يملك مجلس الامة المنتخب صلاحيات واسعة تصل الى حد امكانية عزل امير البلاد، الا انه لا يستطيع حجب الثقة عن الحكومة ورئيسها. كما تحظر دول الخليج قيام الأحزاب السياسية، بيد ان الجمعيات السياسية التي تنشط في الكويت والبحرين هي بمثابة احزاب بحكم الامر الواقع.
(ي ب / ا ف ب . رويترز)
مراجعة: حسن زنيند