رأسية بيول الإسباني تنهي الحلم الألماني
٨ يوليو ٢٠١٠كان من المفترض أن تتحول شوارع المدن الألمانية الكبرى في ليلة السابع من تموز/ يوليو إلى مسرح لعرس جماهيري منقطع النظير، ترفع فيه الأعلام الألمانية، وتهتز له الأجساد رقصاً وطرباً ببلوغ ألمانيا نهائي مونديال جنوب إفريقيا 2010. لكن لم يحدث أي شيء من ذلك، فألمانيا هُزمت أمام الماتادور الإسباني بهدف دون رد في مباراة نصف النهائي، ولم يعد أمامها سوى المنافسة على المركز الثالث يوم السبت القادم (10 تموز/ يوليو 2010) أمام منتخب الأوروغواي.
والجماهير التي خرجت بالآلاف لمشاهدة المباريات في مراكز المدن الألمانية الكبرى، حيث نصبت الشاشات العملاقة، تركت المكان فور انتهاء المباراة ومعالم الحسرة والألم تسيطر على محياها. الأمر الذي يعكس مدى الثقة التي كانت تعلو صفوف الجماهير الألمانية، في أن ألمانيا ستصبح بطلة النسخة الإفريقية للمونديال بسبب العروض الرائعة التي قدمتها طيلة البطولة.
صدمة شفاينشتايغر
الصدمة التي ألمت بالأوساط الشعبية، لم تكن مختلفة عن تلك التي أصابت نجوم المنتخب الألماني، وعلى رأسهم لاعب الارتكاز باستيان شفاينشتايغر، الذي لم يحرك ساكناً بعد نهاية المبارة. في حين أن مديره الفني يوآخيم لوف كان قد توجه منذ مدة إلى كابينة اللاعبين. شفاينشتايغر لحق به بعد أن تبادل القميص مع النجم الإسباني أندريس إينيستا، وبخطى تذكر بقائد سفينة تغرق. وكثيراً ما حمل تاريخ كرة القدم الألمانية مشاهد حزينة كهذه، ففي بطولة 2002، اتكأ العملاق المعتزل أوليفر كان على قائم المرمى، ولم يحرك جفنا لأكثر من خمس دقائق بعد خسارة منتخب بلاده أمام البرازيل. والشيء ذاته قام به زميله الحارس يانس ليمان، عندما دخل مرماه هدفان في نصف نهائي 2006 أمام إيطاليا، التي توجت بعدها بطلة الدورة على حساب فرنسا.
وفي وقت لاحق، قام بعض الصحفيين بتوجيه السؤال إلى شفاينشتايغر عن تقييمه للبطولة وما إذا كانت ناجحة، فرد قائلاً " حتى ولو ردد الجميع بأننا لعبنا بمستوى رائع جداً، فإننا الآن منكسرون". وسبب الانكسار يتمثل في أن هذا اللاعب، الذي بات مرشحاً لنيل لقب أفضل لاعب في المونديال، حث زملاءه قبل خوض مباراة نصف النهائي بعدم مغادرة جنوب إفريقيا "بيدين فارغتين". وكان قصده من ذلك أنه يجب انتزاع اللقب بأي وجه. غير أن العائق الإسباني وبشهادة شفاينشتايغر كان قوياً، إذ وصف عقب المباراة المنتخب الإسباني "بأفضل منتخب في العالم".
وعن أسباب الهزيمة، تحدث بعض اللاعبين عن الاحترام المفرط -الذي وصل إلى درجة الخوف- والذي بدا على الألمان ومنعهم من زعزعة السيطرة الإسبانية على الكرة في وسط الملعب. وقد لخص يوآخيم لوف ذلك بالقول "إن المنتخب لم يلعب بتلك القناعة والجرأة اللتين لعب بهما في المباريات السابقة".
وقد يكون هذا أحد الأسباب المحتملة فقط، لأنه في حقيقة الأمر استفادت بطلة أوروبا وربما بطلة العالم لاحقاً، من المعسكر الكاتالوني الذي يحمل معه خبرة السنين وبراعة فنية عالية ميزت ولا زالت تميز منتخب برشلونة. وكان الماتادور الإسباني القدوة التي وضعها لوف دائما صوب عينيه، وهو يطمح أن يصل منتخب بلاده إلى مستوى براعة النجوم الاسبان. لكن قبل ذلك على لوف حسم أمر بقاءه كمدير فني داخل الاتحاد الألماني لكرة القدم من عدمه. وإلى غاية اللحظة رفض الأخير التعقيب عن هذا السؤال، بدعوى أنه سيركز بداية على مباراة السبت القادم حول المركز الثالث، ثم بعد العودة إلى ألمانيا يوم الاثنين القادم سيأخذ قسطاً من الراحة "للتفكير بهدوء في المستقبل".
الصحافة تشيد بالمانشافت
"تبخر الحلم"، "إسبانيا قضت على سحر أبنائنا"، أو "للأسف، إنها نهاية حلم لذيذ"، كانت هذه بعض العناوين البارزة على صفحات الجرائد الألمانية عقب الخروج من سباق بطولة العالم. وإذا كانت الحماسة التي ميزت التقارير الإعلامية عقب مباراتي انكلترا (دور الستة عشر) والأرجنتين (ربع النهائي) قد غابت اليوم عن التغطية الإعلامية، إلا أن هناك إجماع على أن المنتخب الألماني، المفعم بالمواهب الشابة، حقق المعجزات في مونديال جنوب إفريقيا وخلال وقت وجيز. كما أنه حرر الكرة الألمانية من الصورة النمطية ككرة ماكينات تقدم أداءً فعالاً لكنه غير جذاب. فقد أبلى المنتخب الألماني الشاب بلاءً كبيراً، أبهر به أنظار عشاق كرة القدم.
الكاتبة: وفاق بنكيران
مراجعة: عماد مبارك غانم