رغم شعبية السيسي ـ لم يعد "الرجل القوي" دون منتقدين
٢٦ مارس ٢٠١٤رغم الشعبية الهائلة التي يحظى بها المشير عبد الفتاح السيسي "الرجل القوي" في مصر، إلا أن هناك فئات وطبقات مختلفة تنتقده وتعارض خارطة الطريق التي أعلن عنها الجيش عقب الإطاحة بالرئيس محمد مرسي. ويضم المعسكر المعارض نشطاء وطلبة من مختلف التوجهات في ظل تضييق الخناق على المظاهرات والوقفات الاحتجاجية، بعد إصدار قانون التظاهر الأخير. وأضحت مواقع التواصل الاجتماعي الطريق الأسهل للسخرية والنقد مما يحدث في مصر، مع ابتكار وسائل جديدة بعيدا عن معسكر جماعة الإخوان المسلمين أشد المعارضين للسيسي التي تحمل الأخير مسؤولية "الانقلاب على الشرعية".
الصوت الثالث
"نحن كمهتمين بالسياسة والوضع السياسي في مصر، وفي ظل عدم الاستقرار بات توجهنا نقدي لإبراز الأخطاء، إما لتفاديها أو لتعرية مرتكبيها"، يقول أحد المدونين بصفحة "أنا طابور خامس" رفض الكشف عن اسمه. وهي صفحة سياسية تسخر من النظام الحاكم في مصر. وعن المشير عبد الفتاح السيسي، يقول المدون في حواره مع DW عربية "السيسي كشخص يقوم بتشويه ثوار يناير واعتقالهم بل وتصفيتهم، وأي شخص غير متابع للأحداث يتصور أن الأخير يطمع إلى السلطة".
وفي هذا السياق أردف المدون قائلا "الإخوان يحلمون بترشح السيسي للرئاسة وفوزه، لأن ذلك سيؤكد روايتهم بأن ما حدث انقلابا؛ في ما تؤيد الغالبية العظمى السيسي لكرهها الشديد للإخوان المسلمين. ومن ثمة فإن من مصلحة السيسي وجود الإخوان على الأقل صوريا، حتى لا يصبح هو الآخر تحت المجهر".
من جانبه، ترى دينا قابيل، وهي صحفية مصرية، في حديثها مع DWعربية، أن دائرة انتقاد السيسي اتسعت، مع ارتفاع الصوت الثالث المعارض للسيسي وللإخوان المسلمين. وتأسف قابيل على تضييق وسائل الاحتجاج في مصر بسبب تزايد أعداد المعتقلين والمسجونين، تقول الأخيرة، مضيفة أن الحكم القضائي بإعدام 529 شخصاً من أنصار الرئيس السابق محمد مرسي، جعل الناس تخشى من المصير ذاته.
ومع ذلك، وفقاً لقابيل، لن تمتد حالة الخوف إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بل ستصبح هذه المواقع منبراً للاحتجاج والتعبير عن الآراء. وتتوقع قنديل أن يحكم السيسي سيطرته على وسائل الاحتجاجات في الفترة المقبلة، وبرهنت ذلك، بالأوامر التي ترسل للقنوات التلفزيونية بمنع أشخاص بعينهم من الظهور.
ترشح السيسي للرئاسة سيوفر مادة للسخرية
في غضون ذلك، ظهرت صفحة ساخرة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك باسم "هات حاجة لمصر"، تسخر من خطاب المشير عبد الفتاح السيسي الذي طالب فيه الشباب بالذهاب إلى الجامعات سيراً على الأقدام، والمصريين المقيمين بالخارج بالتبرع بمرتب شهر واحد من أجل دعم الاقتصاد.
ويقول أحمد كونان، أحد المدونين في هذه الصفحة في حوار مع DW عربية: " في السابق كانت هناك متاجرة بالدين والآن بمصر"، مضيفا أن فكرة "هات حاجة لمصر" هي "طريقة للتسول" كانت مرفوضة في عهد المعزول، لكن الناس تقبلتها الآن. ويوضح أحمد كونان أن السخرية من السيسي لا تعني "أننا نهاجم مؤسسة محترمة مثل المؤسسة العسكرية، لأنه لا أحد فوق النقد والسخرية وهي فن الحريات...فنحن نتبنى حرية السخرية بشكل ديمقراطي، وهي أحد أهداف الثورة ".
السيسي بين الشعبية والنقد
وفي نظرة تحليلية للموضوع يقول زياد عقل، باحث بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، في حديثه مع DW عربية، إن الانتقادات للدولة وللمشير عبد الفتاح السيسي ليست جديدة في مصر، لكن أساليبها تطورت، ورغم ذلك لن تؤثر على نجاح الأخير في الانتخابات، لكون أن "غالبية الشعب المصري تقبله حتى وإن تنوعت أساليب المعارضة سواء للهجوم عليه أو السخرية منه".
ومع ذلك، أكد عقل أن هذه الانتقادات سيكون لها تأثير على صورة السيسي بالأخص في الإعلام الدولي، مع المس من قدسيته وهيبته بعد خلعه الزيّ العسكري. ولا يتوقع عقل في حالة فوز السيسي بالرئاسة، الدخول في خلاف عنيف مع المعارضة، وإنما أن يلجأ إلى أدوات أخرى للمواجهة من بينها القضاء.