روزا لوكسينبورغ: رائدة الدفاع عن حرية الفكر
اهتمام روزا لوكسيمبورغ بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية دفعها لجمع الأخبار والمعلومات القادمة من روسيا في داخل سجنها في بريسلاو في بولندا. ونظرا لمطالبتها بالحرية وحق الشعوب في تقرير مصيرها تم وضعها في السجن الاحترازي في الفترة ما بين 1915 حتى 1918. لكن سنوات الانتظار الطويلة كادت بأن توصلها لليأس في تحقيق أهدافها من نيل الحرية للشعوب وخاصة بعد فترة الحرب العالمية الأولى. وكانت ابنة الـ 47 عاما قد رحبت بالثورة البلشفية في عام 1917 تحت قيادة لينين. وكانت المرأة الحديدية قد كتبت من سجنها. "إن الحرية التي تمنح لأعضاء الحكومات والمقربين منهم، حتى لو كانوا أعدادا كبيرة، لا تعتبر حرية. إن الحرية هي حرية التعبير والتفكير الآخر، ليس بسبب التعصب للعدالة، ولكن لان إحياء وشفاء وتنقية الحرية السياسية يعتمد على هذه الروح، وإن مفعولها لن يكون له تأثير إذا كانت الحرية شيئا خاصا."
الهرب والهجرة إلى برلين
ولدت روزا في عائلة يهودية غنية، حيث كان والدها يعمل في التجارة، ولذا فقد استطاعت التعلم في المدرسة الثانوية في وارسو، المدينة التي كانت تابعة للقيصرية الروسية في ذلك العصر. وهناك عملت ابنة السابعة عشرة على تأسيس حركة ماركسية مع بعض زملائها، مما اضطرها للهرب إلى سويسرا عام 1889 بعد كشف هذه المجموعة. وبعد إنهاء الدراسة والحصول على درجة الدكتوراه من جامعة زيوريخ انتقلت في العام 1898 للعيش في برلين، وهناك قامت بالانتماء إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحرب الأقوى في أوروبا في تلك الفترة. واستطاعت الحصول على الجنسية الألمانية من خلال زواجها الصوري على الورق. وكانت السياسية المحنكة تجيد ثلاث لغات وهي الروسية والبولونية والألمانية، الأمر الذي ساعدها من تخطي الحواجز وعبور الحدود دون عقبات.
الحضور السياسي ونقد قيادة النخبة
استطاعت اليهودية البولونية من خلال خطابها السياسي وحنكتها من كسب شعبية واسعة، واستطاعت أيضا من خلال نفوذها في التوجه اليساري داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي من التغلب على التوجه اليميني في الحزب الذي كان يسعى إلى تحويل الحزب إلى حركة إصلاح اجتماعي من خلال استخدامه للشعارات الماركسية. وقد انتقدت لوكسيمبورغ من خلال حضورها للمؤتمرات الدولية لينين في توجهاته من جعل قيادة الحركة الاشتراكية، قيادة النخبة، وكانت تؤمن بقدرة الجماهير على تنظيم نفسها بنفسها.
القتل السياسي والاغتيال
كادت روزا لوكسيمبوغ الوصول إلى تحقيق أفكارها السياسية خاصة بعد أن تم الإطاحة بالقيصرية الألمانية بالقوة العسكرية في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 1918. واستطاعت بعد ذلك وبمساعدة كارل ليبكنيشت من تولي قيادة الجناح اليساري المتطرف للتجمع الاشتراكي، الذي تحول ليصبح في 31 كانون الأول/ديسمبر الحزب الاشتراكي الألماني. وكانت لوكسيمبورغ تؤيد دخول هذا الحزب في انتخابات الجمعية الوطنية، بهدف المشاركة في العملية الديمقراطية وتربية الجماهير أيضا على العملية الديمقراطية. لكن وبعد أن قام المتطرفون من حزبها ذوي التوجه اليميني بالاشتراك مع ليبكنيشت وبقوة السلاح من محاولة الوصول إلى قمة الحزب، قامت بدعم الانقلابيين، معارضة بذلك مبادئها وقيمها السياسية. وبعد أن تم القضاء على الانقلاب، تم إلقاء القبض عليها في يوم 15 كانون الثاني/يناير من عام 1919 واغتيالها. وقد قام القتلة بإلقاء جثتها في القناة الزراعية، الأمر الذي استغرق شهورا حتى تم العثور على جثتها لتدفن في مقبرة حقل فريدريش في برلين، ولتعتبر بعد ذلك شهيدة الوطن.