روضة أملنا لأطفال اللاجئين السوريين في بيروت
٢٩ ديسمبر ٢٠١٢لا يمكن للطفل محمد، البالغ من العمر خمس سنوات، أن يتصور حياته بدون روضة الأطفال التي يذهب إليها خمسة أيام في كل أسبوع. إنها روضة خاصة بالأطفال من اللاجئين السوريين. وتصحب محمد أخته الكبرى أو والدته إلى الروضة الواقعة في الطابق الأرضي داخل مبنى كبير في مخيم صبرا ببيروت. هناك يلعب محمد مع أطفال آخرين في سنه ويتعلم معهم الحساب والقراءة واللغة الإنكليزية. وتحمل الروضة اسم "أملنا".
مأوى في صبرا
أفراد أسرة محمد من أهالي مدينة درعا في جنوب سوريا. وهربت أمه مع أطفالها الخمسة من الحرب في بلدها. وأتت أسر أطفال آخرين من حمص وضواحي دمشق ومحافظة إدلب في شمال سوريا. ويسكن لاجئون سوريون كثيرون في مخيم صبرا، الذي يسكن فيه لاجئون فلسطينيون وعائلات لبنانية ذات دخل محدود، لأن أجرة السكن هناك أرخص من أحياء بيروت الأخرى.
يبلغ عدد الأطفال في الروضة سبعين طفلا، وهناك عدد أكبر بكثير من الأطفال مسجلين على قائمة الانتظار لقبولهم في الروضة. وتعمل نبيلة، الناشطة الاجتماعية الفلسطينية، في الروضة منذ تأسيسها. وهي المربية المسؤولة عن إحدى المجموعات الثلاث من الأطفال. وتعرف نبيلة العديد من الأسر السورية في صبرا. ولاحظت أن أطفالا كثيرين لا يفعلون أي شيء ولا يذهبون إلى مدرسة أو روضة، والسبب هو أن طاقات المؤسسات اللبنانية ومؤسسات منظمة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط محدودة.
التزام طوعي
"قلت لنفسي إنه من الضروري على كل حال أن نعمل شيئا"، تقول نبيلة. ومن المهم أن يكون مكان روضة الأطفال قريبا من مساكنهم، فمعظم الآباء يخشون من إرسال أطفالهم إلى أحياء أخرى أو لا يستطيعون تمويل أجرة وسائل المواصلات لنقلهم إلى هناك.
تعمل مريم أيضا في روضة أملنا. وتسكن طالبة التربية عند إخوانها في صبرا. ورغم أنها طالبة في السنة الدراسية الثانية في جامعة إدلب، إلا أنها لا تستطيع مواصلة دراستها في بيروت. وعملها في روضة الأطفال يمكنها من جمع خبرات عملية. "وعلاوة على ذلك أستطيع مساعدة الأطفال"، كما تقول مريم.
تعاون ناجح
روضة أملنا مشروع غير عادي، إذ إنها نتيجة تعاون فلسطيني سوري لبناني، فالمشتغلون في الروضة والمساعدون المتطوعون فيها فلسطينيون وسوريون. وغرف الروضة تابعة لمنظمة فلسطينية تحمل اسم "جمعية المساعدات الشعبية للإغاثة والتنمية". ويقوم طبيب سوري بالعناية الطبية بالأطفال مرة في الأسبوع. وأسس ناشطون سوريون بالتعاون مع أصدقائهم اللبنانيين جمعية تساهم في تمويل عمل روضة الأطفال، ويقومون بجمع التبرعات ويبحثون عن دعم مادي طويل الأجل.
"تمثلت أكبر مشكلة في كسب ثقة الأسر السورية"، يقول السوري رامي أحد مؤسسي الجمعية، إذ إن لاجئين كثيرين اعتقدوا أن رامي وأصدقاءه يمثلون كتلة سياسية معينة. "أقمنا اتصالات مباشرة مع اللاجئين وزرناهم في بيوتهم وسألناهم عما يحتاجون إليه"، كما يضيف رامي. وكان يجب على الناشطين السوريين أن يتعلموا كيف يتم تأسيس جمعية وكيف يتم وضع ميزانية وكيف يتم جمع التبرعات. "الثورة دفعتنا إلى كل هذا"، يقول رامي.