روما تستقبل الملايين والكرادلة يبحثون مستقبل الكنيسة الكاثوليكية
تستعد العاصمة الإيطالية روما لاستقبال ملايين الزوار ممن سيشاركون في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني الذي وافته المنية مساء يوم السبت الماضي. وبدأت الشرطة الإيطالية في اتخاذ الإجراءات الضرورية لمواجهة أكبر تحدي لوجستي في تاريخها حيث تعد الملاعب الرياضية والأماكن العامة من أجل استيعاب ملايين الضيوف. ومن الجدير بالذكر أن نحو 130 ألف كاثوليكي من شتى أنحاء المعمورة احتشدوا يوم أمس في ميدان القديس بطرس في روما لسماع الصلاة التي أديت على البابا المتوفى. ولم يستطع بعض المشاركين تحمل هذا الموقف المشحون بالعواطف مما أدى إلى فقدان بعضهم الوعي واحتياج الكثير منهم إلى إسعافات طبية أولية.
تدابير أمنية مشددة لم يسبق لها مثيل
وفي غضون ذلك اتخذت السلطات الإيطالية تدابير أمنية مشددة لضمان النظام العام وحماية الشخصيات السياسية المهمة التي ستشارك في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني. كما أنها أشارت إلى أن 1500 جندياً من عناصر الوحدات الخاصة في الشرطة والدرك الإيطاليين سيقومون بتوفير الحماية لرؤساء الدول، كما سيكلف 5000 شرطي بتأمين النظام العام وحماية "الأهداف الحساسة" في المدينة. وترمي هذه الإجراءات، التي أُعدت بتعاون وثيق مع شرطة الفاتيكان وأجهزتها الأمنية، إلى تأمين السلامة القصوى لهذه الشخصيات المهمة. وعلاوة على ذلك سيساهم سلاح الجو الإيطالي مساهمة فاعلة في تطبيق التدابير الأمنية حيث سيتم حظر الطيران في المجال الجوي للعاصمة الإيطالية يوم الجنازة، وستتولى طائرات مقاتلة وطائرة أواكس تابعة لحلف الناتو حمايته، كما ستشدد تدابير المراقبة في المطارات ومحطات القطار. ومن المفترض أن يتم تعبئة ما بين 10000 و15000 شرطي وعسكري في إطار الخطة الأمنية المخصصة لضمان سير مراسم جنازة البابا بسلام. ومن المنتظر أن تُنظم الجنازة في ساحة القديس بطرس بحضور قادة الدول وكبار المسئولين والزعماء الدينيين، كما ستنظم القداسان في كل بولندا التي ستكون في حداد وطني يستمر عدة أيام. وفي واشنطن اعلن الناطق باسم البيت الأبيض اليوم الاثنين ان الرئيس الامريكي جورج بوش وزوجته لورا سيشاركان في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني الجمعة في روما. وقال سكوت ماكليلان في تصريح صحافي ان "الرئيس وزوجته يعتزمان المشاركة في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني". وأعلن المستشار الألماني غيرهارد شرودر عن اعتزامه المشاركة في مراسم الدفن.
أين سيُدفن البابا؟
من المعروف أنه يحق لكل حبر أعظم أن يحدد مراسيم جنازته ومكان دفنه، وهو ما فعله البابا يوحنا بولس الثاني في وصيته بهذا الخصوص والتي قام بإعدادها عام 1996. ولأن البابا يوحنا بولس الثاني يحتل منزلة خاصة في قلوب البولنديين، وهو ما عبرت عنه صحيفة "جينك بولسكي" الأكثر انتشارا في بولندا على صفحتها الأولى بكلمة واحدة هي"أبونا"، فقد أُثيرت شائعات مختلفة خلال فترة مرض البابا أفادت بأنه من الممكن أن يكون قد أعرب في وصيته عن رغبته في أن يدفن في بلاده. وفي هذا الصدد تقول بعض التقارير إن مسئولين بولنديين طلبوا أن يستأصل قلب البابا ليدفن في كراكوف، حيث كان كاردينالا هناك. لكن الكثير من المختصين بشؤون الفاتيكان يستبعدون ذلك، رغم أنه كان يُعمل بذلك حتى القرن التاسع عشر، فقد جرت العادة آنذاك على دفن قلب البابا منفصلا عن باقي جسده.
القناة الأولى للتلفزيون الإيطالي العام أفادت بأن البابا سيوارى الثرى في المدفن تحت كاتدرائية القديس بطرس حيث الأشغال جارية حاليا لهذا الغرض. ويتوقع أن يدفن إلى جانب أسلافه المباشرين، تحت المحراب في كنيسة القديس بطرس. كما أضافت صحيفة "كوريرا ديلا سيرا" التي تتمتع بصيت صحافي طيب وإطلاع جاد على مجريات الأمور داخل الفاتيكان أن البابا لم يترك في وصيته أية إشارة حول مكان دفنه، كما أنها كشفت محتوى وصيته بقولها "إن جثمان البابا الراحل سيدفن في مكان ترك شاغرا إثر نقل جثمان البابا يوحنا الثالث والعشرين بعد تطويبه إلى موضع آخر في المدفن". ويتوقع المختصون في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية أن تستغرق مراسيم الجنازة أجلا أقصاه 9 أيام، ولكنهم أجمعوا على أن البابا يوحنا بولس الثاني يجب أن يدفن بعد 4 إلى 6 أيام من وفاته. الا أن مجلس الكرادلة أراد أن يضع حدا لكافة التكهنات حول موعد دفنه واصدر اليوم مرسوما حدد فيه رسميا الجمعة القادم في الساعة العاشرة صباحا موعدا لدفن البابا في الفاتيكان.