زيارة فيسترفيله توقظ آمال الليبيين في تعاون وثيق
٥ يناير ٢٠١٢أثناء زيارة وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله للعاصمة الليبية طرابلس في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعد سقوطها بأيدي الثوار، أكد وقتها، أثناء مباحثاته مع رئيس المكتب التنفيذي ومسؤول ملف الخارجية بالمجلس الانتقالي، محمد جبريل، على دعم برلين غير المشروط لليبيا الجديدة سياسياً واقتصادياً، وعلى مساهمة الشركات الألمانية في عملية إعادة الإعمار.
ومن خلال الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الألماني، ينتظر الليبيون الكثير من ألمانيا، فهم يعولون عليها في فتح أبواب العلاقات المشتركة وتبادل المصالح مع دول الاتحاد الأوروبي. كما ينظر الليبيون إليها كبلد الحريات والحقوق العامة، وبلد التقنية والرائدة في مجال القطاع الخاص، بالإضافة إلى الاعتماد عليها في مجالات نقل التقنية وتأهيل الأيدي العاملة.
آمال في المساهمة بإعادة إعمار ليبيا
ويقول الناشط الاجتماعي مفتاح بلعيد إنه يأمل "أن يتم التركيز في هذه الزيارة على فتح برامج تدريب الشباب الليبي، وعلى تطوير الشركات المتوسطة والصغيرة والتقنية، من خلال إيفاد المتفوقين في الدورات التدريبية لألمانيا، والاهتمام بمراكز التكوين المهني في ليبيا، التي أهملها النظام السابق". وأعرب بلعيد عن تفاؤله بمساهمة ألمانيا في تغيير بنية الاقتصاد الليبي عبر الأبحاث والتجارب، خاصة وأن ليبيا لها مقدرات مالية كبيرة من خلال النفط والغاز.
من جانبه دعا رئيس تحرير صحيفة الأسبوع، مصطفى الثني، إلى فتح باب تأسيس الشركات والتبادل التجاري بين البلدين، خاصة الناشطة في مجال الصناعة، وتشجيع دور الصناعات المتوسطة التي يقوم عليها الاقتصاد في الدول الأوروبية.
أما الناشط الإعلامي خالد فرحات، فيشير إلى أهمية التركيز على شركات الإعمار والبناء، لما لألمانيا من خبرة في هذا المجال، وكذلك على دخول ألمانيا مجال شبكات الاتصالات والكهرباء في ليبيا، مدللاً على ذلك بشركة "سيمنز" العملاقة، التي "نأمل في تفعيل دورها بصورة كبيرة، وأيضاً لمساعدة ليبيا في مجال الطاقات البديلة والنظيفة التي تعتبر رائدة فيها. وكذلك تطوير التقنيات والدفع بالتكنولوجيا الحديثة للاستفادة منها في بناء ليبيا الجديدة".
التعاون المشترك جسر إلى أوروبا
ويعتبر صلاح التركي، صاحب مكتب محاسبة ومراجعة قانونية، أن تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين مطلوب في هذه الفترة، خاصة أثناء زيارة الوزير فيسترفيله، وبالتحديد اتفاقية منع الازدواج الضريبي، وهو ما سيترتب عليه "تنشيط التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين، إضافة إلى تفعيل دور غرفة التجارة الليبية الألمانية المشتركة، والدعوة إلى إنشاء مؤسسات تدعم النشاط الاقتصادي والتجاري بين البلدين"، على حد قوله.
كما ينتظر من هذه الزيارة أن تساهم في فتح ليبيا الجديدة على الاتحاد الأوروبي، والمساهمة في توطين جزء من الصناعات الأوروبية في ليبيا، وما يصاحب ذلك من نقل التقنية وتدريب الأيدي العاملة وخلق فرص عمل وتقوية الروابط الاقتصادية بين البلدين. ويشير التركي إلى أن هذا لابد أن يندرج في إطار القانون رقم 9 لسنة 2010، الخاص بتشجيع الاستثمار الأجنبي داخل ليبيا، والذي يعطي المستثمرين الأجانب حقوقاً وضمانات.
كما ينتظر أيضاً دعم التجربة الليبية في مشروع حاضنات الأعمال والابتكار، الذي تقوم به ألمانيا بنجاح منذ عام 1983، وهي من أنجح التجارب في هذا المجال. وبالإضافة إلى ذلك يتوقع صلاح التركي أن تساهم ألمانيا في إعمار ليبيا وإقامة المعارض المتعددة، التي تخدم فترة إعادة البناء، لاسيما في مجالات تدريب وتطوير وتنمية القوى البشرية، والتنسيق بين الجامعات في البلدين في مجال البحث العلمي وتطوير المناهج وتبادل الزيارات الثقافية والعلمية بين الطلاب.
إعادة الإعمار والحاجة إلى الشركات الألمانية
ويقول مدير عام اتحاد غرف التجارة والصناعة، عبد الرزاق البرعصي، إن أهمية الاتحاد تأتي من باب تطوير العلاقات وتبادل الزيارات، من خلال عضويته في الغرفة العربية الألمانية. ويضيف البرعصي أن "حضورنا فيها يجعلنا قريبين من التعامل مع ممثلي المؤسسات الاقتصادية الألمانية. فقد تم تنظيم عدد من المنتديات الاقتصادية بين البلدين في السنوات الماضية، منها الملتقى الألماني الليبي عام 2009، الذي شمل مواضيع النفط والغاز والكهرباء والصحة والتدريب ونقل التقنية والمرافق والإسكان. ونقترح تفعيل هذه المنتديات وتطوير العلاقات بما يخدم مصالح البلدين".
ويوضح البرعصي أن الغرفة ستدعو وفداً من رجال الأعمال الليبيين، إذا ما رافق وزير الخارجية فيسترفيله وفد اقتصادي ألماني، مؤكداً أن هدف الغرفة لن يقتصر على "عقد الصفقات التجارية، بل وإقامة استثمارات مشتركة بين رجال الأعمال من الجانبين".
من جهة أخرى يشير مستشار الشؤون الخارجية والتعاون الدولي باتحاد الغرف، عبد الناصر الناجح، إلى تجربة ألمانيا الكبيرة والناجحة في إعادة هيكلية المحليات، مضيفاً أنها "تجربة قدمت لدول شرق أوروبا كي تندمج مع الاتحاد الأوروبي، وتنتقل من النظام الاشتراكي إلى نظام هيكلة المؤسسات الاقتصادية ووضعها في مستوى تنافس وإنتاج. كما أن لألمانيا خبرة في التدريب المهني، خاصة في مجالات الصناعة ورفع كفاءة المصانع وتدريب العاملين بها وتأهيل كوادرها".
ويتوقع الناجح أن تحقق الزيارة هدف مساعدة ليبيا على استحداث مدن جديدة بتقنية عالية، وعلى الاستفادة من خبرات الشركات الألمانية في رفع كفاءة الخدمات والمرافق السياحية، لاسيما قطاع السياحة الصحراوية.
دور في التعليم ودمج الثوار
أما مدير مكتب شؤون مجلس إدارة اتحاد عام الغرف، وحيد الجبو، فيتابع بالقول إنه يرحب "بالوفد الاقتصادي، الذي نأمل أن يكون مرافقاً للوزير. ففي السابق كان لرجال الأعمال الليبيين تعاون كبير مع العديد من الشركات الألمانية. وليبيا في المرحلة القادمة بحاجة إلى الشركات الألمانية في مجال بناء الطرق ومد شبكات الكهرباء وإنشاء الجسور والمطارات، وفي مجال المعدات الطبية".
ويرى الجبو أن الكثير من الطلبة الليبيين الذين يدرسون في ألمانيا "سيتولون مناصب عليا (في ليبيا)، وهم من سيقودون المؤسسات الاقتصادية والخدمية في ليبيا. أعتقد أن مجال التعاون مع ألمانيا سيكون شاملاً، خاصة وأنها تعتبر ثاني أكبر مستورد للنفط الليبي بعد إيطاليا. كما أنها تحتوي على مصاف خاصة لتكرير النفط الليبي، مما سيساهم في تطوير العلاقات بين البلدين".
ويعرج علي الأقاري، أحد الثوار الليبيين، على تميز ألمانيا في الرعاية الصحية، مشيراً إلى أنه يأمل بأن تزيد هذه الزيارة من حظوظ المصابين من الثوار في تلقي العلاج بالمراكز الصحية الألمانية، وأن تساعد الخبرات الألمانية ليبيا على دمج الثوار بالمجتمع وتحسين أوضاعهم، من خلال تدريبهم وتأهيلهم لدخول سوق العمل، وفتح فرص الدراسة في الجامعات لمن يريد ذلك.
عصام الزبير – طرابلس
مراجعة: ياسر أبو معيلق