زيهوفر و"مؤتمر الإسلام".. تقليص نفوذ الجمعيات الإسلامية؟
١٧ يوليو ٢٠١٨لن يعقد "مؤتمر الإسلام" في ألمانيا بعد انقضاء العطلة الصيفية في شكله القديم. هذا ما تتمناه على الأقل الجهة الداعية لعقده، أي وزارة الداخلية الألمانية، التي يقودها هورست زيهوفر زعيم الاتحاد المسيحي البافاري. فالوزارة تنوي إدخال بعض التعديلات على المؤتمر الذي تنظمه سنوياً.
وكان وكيل الوزارة ماركوس كيربر، قد أثار نقاشا حاداً يوم الجمعة من خلال تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية قال فيها إنه: "يتعين علينا بذل جهد أكبر من ذي قبل لإشراك أكبر عدد من المواطنين المسلمين، غير المنتسبين للجمعيات الإسلامية، في مؤتمر الإسلام".
لكن ما لم يقله كيربر بصريح العبارة، ولكنه كان يقصده بالتأكيد هو رغبة وزارته في كبح التأثير القوي للجمعيات الإسلامية في ألمانيا وتأويلها المحافظ غالبا للإسلام. فخلال مرحلة التحضير لمؤتمر الإسلام للعام 2017، كان أعضاء لجنة المؤتمر مكونين فقط من ممثلي هذه الجمعيات. يومها أشار منتقدون إلى أن هذه الجمعيات لا تمثل كل المسلمين في ألمانيا. ليس هذا فحسب، بل مضت جمعيات علمانية إلى أكثر من ذلك حين أعلنت، في مارس/ آذار، فشل مؤتمر الإسلام بنسخته الحالية، أي في حال لم يتم إصلاحه.
" تهميش الجمعيات الإسلامية، لا يجدي"
بيد أن إريكا تايسن، المنحدرة من مدينة كولونيا، والتي كانت تعمل مستشارة لدى منتدى الحوار لمؤتمر الإسلام في عام 2015، تنظر بتشكك لمسألة كبح تأثير الجمعيات الإسلامية. وتقول تايسن، التي اعتنقت الإسلام قبل ثلاثين عاما وترأس مركزاً لتدريب النساء المسلمات في كولونيا لـ DW : "تهميش الجمعيات، لا يجدي". وتضيف إخصائية علم التربية: "لن يمضي الحوار المسيحي قدماً، إن تم إقحام معارضي المسيحية فقط في الحوار"، وذلك في إشارة إلى نية وزارة الداخلية الألمانية إشراك شخصيات أخرى في مؤتمر الإسلام.
وترى تايسن أن ما يفعله العديد من الساسة الألمان من خلال وضع الجمعيات الإسلامية والمساجد تحت شبهة عامة، يزعزع الشعور بالأمان لدى العديد من المسلمين.
مؤتمر الإسلام .. فضاء للنقاش
في المقابل قال جوكاي صوفو أوغلو، رئيس الجالية التركية في ألمانيا لـDW : "لا يمكن أن يستمر الحوار في مؤتمر الإسلام فقط مع الجمعيات القائمة". هناك حاجة إلى خطاب نقدي مع شخصيات ناقدة تنافس الجمعيات الحالية. ويشير رئيس الجالية التركية إلى أن "مكان هذا النقاش يجب أن يكون مؤتمر الإسلام "، إذ لهذا ليس هناك مفر من إعادة هيكلة مؤتمر الإسلام.
من جانبه أعلن كيربر أنه من المرجح أن يتم ضم أصوات جديدة للمؤتمر في نوفمبر/ تشرين الثاني، قائلا "وبالتأكيد سيكون بينهم شخصيات مسلمة لها وجهة نظر نقدية للإسلام". وبحسب كيربر، فالهدف من إصلاح مؤتمر الإسلام هو تحديد مفهوم "للإسلام الألماني". فكما "أن هناك كاثوليكية ألمانية وبروتستانتية ألمانية ويهودية ألمانية"، يجب إذن أن يكون هناك "إسلام ألماني" أيضا حسب كيربر.
وجهة نظر المسؤول الألماني تصطدم رفض رئيس الجالية التركية، الذي يرى أن البحث عن مثل هذا "الإسلام الألماني" غريب إلى حد ما، مشددا على أن "تعريف الأديان وفقًا للدول أمر صعب بعض الشيء". لكن صوفو أوغلو نفسه يأمل في أن يكون هناك أيضاً في السنوات القليلة المقبلة إسلام، ينتمي حقاً إلى ألمانيا.
غير أن رئيس الجالية التركية عبر عن شعوره بالقلق من عدم تطرق مفوضة شؤون الاندماج التابعة للحكومة الاتحادية، آنيته فيدمان- ماوتس، إلى خطط الحكومة الألمانية الرامية إلى إصلاح مؤتمر الإسلام وذلك خلال اجتماعها يوم الثلاثاء الماضي مع الجمعيات الإسلامية في ألمانيا.
وبسبب تعقيد وضع الجمعيات الإسلامية القائمة حالياً، لا توجد اتفاقيات مع الحكومة الألمانية كما هي الحال مع الكنائس. مع ذلك حدث تطور في مجال تعليم الدين الإسلامي، كما تم استحداث أقسام لدراسة الفقه الإسلامي في الجامعات الألمانية. ويبقى تدريب الأئمة في ألمانيا أحد أبرز المشاكل القائمة.
فقد انتقد وكيل الوزارة كيربر التأثير التركي في هذا المجال وقال إنه بات من الضروري "حماية مصالح المواطنين المسلمين الألمان بشكل أفضل". وقال كيربر مشيراً إلى لاعب كرة القدم الذي تعرض لانتقادات حادة بسبب صورة له مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبيل بطولة كأس العالم: "مسعود أوزيل والملايين الآخرون من الألمان من أصل تركي هم جزء منا".
وبحسب متحدثة باسم وزارة الداخلية الاتحادية، واستناداً إلى التجارب السابقة في الماضي فإنه من المحتمل أن لا تكون هناك تشكيلة عضوية دائمة، بل "تشكيلة عضوية قابلة للتغيير والتجديد وموجهة نحو موضوع معين". وما سيحدد بوصلة النقاش مستقبلا في ألمانيا هو السؤال حول من يستطيع ويُسمح له بتمثيل الإسلام في ألمانيا.
ريشارد فوكس/ إ.م