سباق ماراتوني لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة
٢٩ مارس ٢٠١٠بعد أن حققت كتلة رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي (العراقية) تفوقا بسيطا في الانتخابات لم يتجاوز مقعدين برلمانيين على كتلة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي (ائتلاف دولة القانون)، يصطدم الواقع السياسي في العراق بالمادة 76 من الدستور التي تنص على أن الكتلة الأكبر في مجلس النواب المقبل هي التي تتولى تشكيل الحكومة، ولم يشر الدستور إلى الكتلة الفائزة في الانتخابات، من هنا اختلفت التفسيرات وتباينت مواقف الكتل السياسية.
ففيما أعلن أياد علاوي انه سيتولى تشكيل الحكومة مرحبا بأي تحالف ينضم اليه لهذا الغرض، أشار القيادي في ائتلاف دولة القانون حسن السنيد إلى أن المحكمة الاتحادية التي تبت في الخلافات الدستورية قد أوضحت بان يكلف رئيس الجمهورية الكتلة البرلمانية الأكبر ويقصد بها الكتلة التي تشكلت بعد مجلس النواب ولديها اكبر عدد من المقاعد في البرلمان بتشكيل الحكومة ولم يقصد بذلك الكتلة الفائزة تحديدا.
"على الكتل السياسية الرضوخ لإرادة الناخبين"
الصحفي الألماني فولكهارد فيندفورمدير مكتب صحيفة دير شبيغل في القاهرة أعرب لدويتشه فله عن اعتقاده "بأن الكتل النيابية في العراق لم تتعود بعد على الممارسة الديمقراطية، وعليها الرضوخ لإرادة الشعب الذي وصلت إلى مواقعها النخبوية باسمه، مشيرا إلى أن الانتماء الطائفي يلعب دورا كبيرا في هذا البلد بمعنى انه يتفوق على الانتماء السياسي والحزبي، كما ان المشاحنات التي تبدو كبيرة بين الكتل السياسية يغلب على بعضها الطابع الطائفي" مبينا "ان كتلة د.علاوي مثلا لا يمكن أن توصف بأنها طائفية" كما طالب فيندفور الجميع بان يتعلموا تقبل حقيقة وجود خاسر ومنتصر في كل انتخابات.
الا ان المحلل والكاتب السياسي العراقي المقيم في امستردام تيسير الالوسي أشار في حديث مع دويتشه فله إلى أن تشكيل الحكومة من قبل الدكتور علاوي ممكن نظريا ، لكن من الصعب على أي كتلة ان تتولى هذه المهمة دون تحالفات مع أطراف سياسية أخرى، مشيرا إلى ان الدستور العراقي لم يحسم مفهوم الكتلة الأكبر بوضوح، لكن ما ستذهب اليه المحكمة الاتحادية يقبله الجميع، كما أن الدستور سمح باستصدار قوانين تتناسب مع واقع التحالفات الجارية على الأرض" كما حذر الدكتور الالوسي من ان تشكيل حكومة دون ضم كتلة الدكتور علاوي يحمل في طياته مخاطر تهميش قوة كبرى وهو أمر يعرض العملية السياسية برمتها إلى الخطر".
الزعماء والتحالفات الإقليمية
وتتسم مواقف أياد علاوي بأنها علمانية وذات توجهات قومية عربية وقد أعلن بعد فوزه "أن حصوله على أغلبية أصوات العراقيين يؤشر حقيقة أن الشعب قد صوت له بعد أن أدرك عقم الخيار الطائفي"، معلنا في الوقت نفسه حرصه على موقع بلده في العمق العربي. من هنا يتهمه منافسوه بتلقيه الدعم من بعض الدول العربية وبالسعي إلى إحياء الدعوات القومية التي قام عليها حزب البعث الذي تولى الحكم في العراق حتى عام 2003 حين أسقطه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. من جانب آخر توجه الاتهامات إلى كتلة دولة القانون وكتلة الائتلاف الوطني العراقي بمعاداة التوجه القومي والاعتماد على الدعم الإيراني.
فولكهارد فيندفور ذهب إلى أن تحليل الواقع العراقي بهذا الشكل هو تحليل جزئي مؤكدا أن الجمهورية الإسلامية في إيران لها نفوذ نفسي على بعض الساسة، في حين أن الدكتور علاوي لا يهتم بالانتماء الديني والطائفي وان كتلته تضم عددا كبيرا من العلمانيين.
يشار إلى ان القوى العلمانية في العراق لم تحقق نتائج ملموسة في الانتخابات وقد عجز الحزب الشيوعي العراقي وهو أقدم حزب سياسي في هذا البلد في الحصول على مقعد نيابي واحد بعد فرز الأصوات ، فيما لجأ المرشحون العلمانيون الآخرون إلى التحالف مع كتل اكبر لضمان الحصول على مقاعد برلمانية.
"ديمقراطية قلقة"
وكان السفير الأمريكي في العراق، كريستوفر هيل، قد قال الأحد إن نتائج الانتخابات العراقية تعد نقطة تحول نحو الديمقراطية، إلا أنه عاد وحذر من أن التحديات لا تزال قائمة.
ومن المرجح ان تحسم التحالفات القادمة مسألة تشكيل الحكومة الا ان رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي يواجه معارضة قوية من الكتلة الصدرية التي أحرزت 40 مقعدا ضمن قائمة الائتلاف الوطني العراقي في الانتخابات، وحسب وكالة الأنباء الألمانية فقد أوفد المالكي اليوم (29 مارس / أذار 2010) اثنين من كبار مساعديه إلى إيران لإجراء مباحثات مع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المقيم في مدينة قم لإقناعه بتشكيل حكومة ائتلاف موحد تضم الائتلاف الوطني العراقي وائتلاف دولة القانون والتحالف الكردستاني .
التحالف الكردستاني الذي احرز43 مقعدا ليحتل موقع القوة الرابعة بعد الكتل الكبرى الثلاث ،شكك في نتائج الانتخابات في مدينة كركوك النفطية التي يطالب بضمها إلى إقليم كردستان شمال العراق، وقد أحرز الكرد 6 مقاعد فيما أحرزت كتلة علاوي 6 مقاعد من مجموع المقاعد الاثني عشر المخصصة لهذه المدينة ،ويتوقع في ضوء هذه النتيجة أن يمتنع الأكراد عن التحالف مع كتلة علاوي، إلا أن لديهم أيضا اعتراضات جدية على رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي.
الكاتب: ملهم الملائكة
مراجعة: حسن زنيند