سر عشق الألمان للتجول في أرجاء الطبيعة
١٠ مارس ٢٠٠٧
يعرف الألمان بأنهم شعب متحضر تلعب التكنولوجيا دوراً كبيراً في حياته اليومية، إذ لا يكاد أي منزل في ألمانيا يخلو من جهاز كمبيوتر إن لم يكن اثنان أو أكثر. أما عن السيارات فحدث ولا حرج. ففي ألمانيا التي يبلغ عدد سكانها حوالي 80 مليون نسمة هناك أكثر من 60 مليون سيارة. إلا أن الكثيرين من الألمان يبحثون في خضم هذا الزخم الحضاري اليومي عن الهدوء والاسترخاء. هذا هو على ما يبدو السبب الذي يدفع أكثر من 40 مليون ألماني إلى التجول في رحاب الطبيعة للترفيه عن النفس والتمتع بالمناظر الخلابة.
تقليد قديم ينبعث من جديد
كان التجول في غابات ألمانيا حتى فترة ليست بالبعيدة تقليداً قديماً لا يتناسب مع عصرنا هذا، عصر الإنترنت والعولمة والهواتف المحمولة. أما اليوم فالجيل الجديد يحرص على ممارسة هذا النوع من الرياضة. راينر بريمر، الباحث في جامعة ماربورغ الألمانية يرى أن الإنسان الغربي يبحث في التجول عن منفذ من الحياة اليومية التي تزداد تعقيدا جراء اقتحام التكنولوجيا الحديثة لكافة مجالاتها. وتساعد البنية التحتية المتطورة في ألمانيا على تشجيع ممارسة هذا النوع من النشاط الجسمي، حيث تنتشر اللوحات التوضيحية على معظم الطرق في الغابات والمحميات الطبيعية الألمانية. حتى أن جامعة كاسيل الألمانية قد افتتحت فرعاً جديداً يختص بأمور التنزه . ويقول مارتين شميت الأستاذ في هذا القسم: "هدفنا التركيز على دراسة إدراك الناس لوسطهم الخارجي. فالكثيرون يفضلون العيش في الريف للتمتع بالطبيعة، لكنهم يعودون في نهاية المطاف إلى المدن. "
التجول صناعة تجارية حقيقية
وبما أن الشعب الألماني شعب قارئ لذلك فإن سوق الكتب التي تتناول موضوع التجول تزدهر في الوقت الحالي بشكل غير مسبوق. فالمواطن الألماني يحب في البداية الإطلاع على الموضوع والقراءة عنه قبل الممارسة. وتحتوي هذه الكتب على نصائح حول أجمل مناطق التجول وشرح تفصيلي لكل طريق مع درجات الصعوبة والمشاهد والمدة الزمنية إلى غير ذلك. وتوجد خرائط تحتوي على طرق التجول المختلفة في كافة الأقاليم الألمانية ومن الممكن أيضاَ التنقل من أقصى الشمال الألماني إلى أقصى الجنوب سيراً على الأقدام.
كما أن التجول لم يعد هواية للاستجمام والنشاط الرياضي فحسب، بل أنه أصبح مجالاً هاماً لتسويق الأماكن السياحية والفنادق وتجهيزات التجول من ملابس وأحذية وحقائب. وهناك أيضاً المئات من نوادي التجول المنتشرة في البلاد والتي تنظم الرحلات الدورية. لكن غالبية أعضاء هذه النوادي كما يقول الباحث الألماني بريمر من المتقدمين في السن والمتقاعدين. فهؤلاء تدفعهم الرغبة في الحركة بالإضافة إلى الاهتمام بثروات بلادهم الطبيعية للتجول في ربوع ألمانيا.
أما الشباب الألماني فيفضل أنواع الرياضة الأكثر إثارة مثل السير على العجلات Inline-Skating أو ركوب الدراجات الجبلية. وكما يقول بريمر : "إنه امر طبيعي فالإنسان يبحث دائما عن النشاط الرياضي الذي يناسب عمره."