سوريا ـ شكوك حول جدية الخطة الأمريكية "البديلة"
٢٥ فبراير ٢٠١٦أكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في واشنطن، متحدثا عن خطة وقف إطلاق النار في سوريا أن "البرهان سيظهر في الأفعال التي ستحدث في الأيام القادمة". واستطرد أنه إذا لم تنجح عملية الانتقال السياسي فهناك خيارات أخرى، وألمح لوجود خطة بديلة لم يكشف ملامحها بالضبط. فهل يتعلق الأمر بعمل عسكري جدي، أم أن الأمر ليس إلا محاولة للضغط على الأطراف المعنية بالصراع السوري؟
تلميحات كيري المبطنة تزامنت مع تكثيف واشنطن وموسكو لضغوطهما على حلفائهما لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي يدخل حيز التنفيذ منتصف ليل الجمعة / السبت والذي أعلنت المعارضة كما النظام أنهما سيلتزمان به. التلويح بالخطة البديلة جاءت بلغة العصا والجزرة في كلام كيري "سنعلم خلال شهر أو اثنين ما إذا كانت عملية الانتقال السياسي جادة... سيتعين على (الرئيس السوري بشار) الأسد اتخاذ بعض القرارات الحقيقية بشأن عملية حكم انتقالي حقيقية. إذا لم يحدث هذا.. فهناك بالتأكيد خيارات لخطة بديلة قيد الدراسة". وفي حوار مع DW شكك كل من حسن منيمنه من معهد الشرق الأوسط في واشنطن والدكتور ادموند غريب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة واشنطن في جدية الخطة البديلة هذه.
غموض الخطة البديلة؟
عن سؤالنا حول جدية الخطة البديلة التي تحدث عنها كيري رد حسن منيمنه بالقول "كلمة الجدية غير مناسبة تماما حين الحديث عن هذا الموضوع، فالجدية معدومة. لا أعتقد أن هذا الكلام نابع من عمق تفكير أو خطة فعلية، بقدر ما هو تلميح بحركة ما. ولتبين هذه الحركة لا بد من النظر لسجل كل من الرئيس أوباما والوزير كيري، ففي الموضوع السوري كما في موضوغات أخرى لم يقدما على أي عمل جدي حتى الآن (..) إنه كلام بدون مضمون على الإطلاق".
واستطرد منيمنه موضحا "لو أرادت أن تمطر لرأينا بعض السحب..مضت خمسة أعوام وهذه الإدارة تسوِفن وتؤجل وتتنصل وتبرر، ولا أعتقد، وقد أوشكت اليوم أن تنتهي، وباتت منشغلة بالأمور الداخلية بقدر يزيد عما كان عليه الوضع بالأمس..لا أعتقد أنها مقدمة على خطوة من هذا النوع".
وذهب ادموند غريب في نفس الاتجاه مؤكدا "عدة تطورات على الأرض غيرت دينامية الصراع منها التدخل الروسي، وتمكن القوات الحكومية من السيطرة على مناطق استراتجية، وسيكون من الصعب جدا على أي تدخلات خارجية أن تغير هذا الواقع بسهولة. كما أن أي تصعيد يقود لمواجهة بين موسكو وحلفائها من جهة وواشطن وحلفائها من جهة ثانية قد يؤدي لحرب عالمية لا أحد يريدها".
بين التقسيم والانحلال..
مضى كيري يقول "ربما يفوت الأوان لإبقاء سوريا موحدة إذا انتظرنا فترة أطول." وقالت فرنسا إن قادة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا عبروا عن أملهم في أن يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قريبا. غير أن حسن منيمنه يرى أن "أن سوريا لم تشهد انقساما ولكنها شهدت انحلالا"، وأن المسؤولية في ذلك تعود لنظام لم يستمع لإرادة الشعبية ومتشبث بالسلطة كيفما كان الثمن.
من جهتها نددت الحكومة السورية بتصريحات جون كيري حول الخطة بديلة، محملة واشنطن وحلفاءها مسؤولية اندلاع الأزمة في البلاد. وأكدت أنها ستنسق مع روسيا لتحديد الجماعات والمناطق التي سيشملها "وقف الأعمال القتالية". وتعكس هذه اللغة الصعوبات التي تواجه استئناف جهود السلام، والإشكاليات العملية التي يطرحها وقف جدي لإطلاق النار العملية مع عدم إحراز تقدم في محادثات جنيف وفشل سابق لوقف للاقتتال أعلن في 12 فبراير/ شباط الجاري.
ميدانيا يرى حسن منيمنه أن "روسيا غير قادرة على الانتصار، ووقف إطلاق النار ما هو إلا مناورة روسية لفرز معارضة يمكن الانتهاء منها بدون قصف، ومعارضة تستمر بضربها، وحتى مع هذا الفرز لن تتمكن روسيا والنظام من حسم الموقف (..) على دول المنطقة أن تدرك أن لا روسيا قادرة على الحسم ولا الولايات المتحدة قادرة على الإقدام، وبالتالي لا بد أن يكون القرار على مستوى المنطقة".