281111 Interview Stinner Ägypten Syrien
٢٨ نوفمبر ٢٠١١قرابة أربعين مليون مصري مدعوون للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات برلمانية بعد سقوط حسني مبارك قبل تسعة أشهر. وستستمر العملية الانتخابية لعدة أسابيع. وعاشت مصر أياما صعبة مؤخرا، بتجدد الاحتجاجات فيها ضد المجلس العسكري الذي مازال ممسكا بالسلطة. وبهذه المناسبة نحاول تسليط مزيد من الضوء على الأوضاع في مصر عبر اقتباسنا لما صرح به السياسي الألماني المخضرم، راينر شتينر، المتحدث المكلف بالسياسة الخارجية لدى الفريق البرلماني للحزب الليبرالي الألماني الشريك في الإئتلاف الحاكم، في مقابلة مع راديو ألمانيا (دويتشلاند فونك).
سؤال: سيد شتينر، أكثر من 40 شخصا لقوا مصرعهم في الأحداث التي شهدتها مصر قبيل هذه الانتخابات. ماذا يعني هذا بالنسبة لمستقبل الديمقراطية في هذا البلد؟
شتينر: للأسف، هذا أمر غير جيد. يؤسفني أن أقول بأنني متشائم حيال الوضع في مصر. خلال زيارتي هذا العام إلى مصر كان من الواضح أن هناك ثلاثة مجموعات مستقلة عن بعضها البعض. الأولى هي المجلس العسكري الذي لا يرتبط بالمجموعتين الأخريتين أبدا. المجموعة الثانية هي الأحزاب التي أسست مؤخرا والثالثة مؤلفة من الشباب الذين ثاروا على الأوضاع هناك. الآن أصبح هناك ارتباط بين هؤلاء الشباب وبين الأحزاب، حيث خرجوا معا للتظاهر في ميدان التحرير ضد المجلس العسكري. الآن أصبحت المطالب واضحة، بأن يتخلى المجلس العسكري عن الحكم ويسلمه لسلطة مدنية، وبسرعة. هذه المواجهة الحالية لا يمكن أن تنتهي هكذا، والانتخابات ربما تغطيها مؤقتا فقط.
بماذا تطالبون أنتم إذن؟ ما الذي يجب على المجلس العسكري في مصر أن يقوم به؟
أعتقد بأن الوقت قد حان لكي يدرك المجلس العسكري بأن هناك تغير في مصر، يريده الناس ومن أجل هذا التغيير خرجوا إلى الشارع. وهذا التغيير لن يكتمل إلا إذا سلم المجلس العسكري السلطة كاملة وبشكل حقيقي إلى حكومة مدنية. هذه هي مطالب الشارع، وأعتقد أن الأمور يجب أن تسير بهذا النحو.
ولكن هذه الانتخابات تجري الآن من أجل تحقيق هذا المطلب وفي العام القادم ستقام الانتخابات الرئاسية. أليس كذلك؟
نعم، ولكن الأمر غير واضح حول مدى استعداد المجلس العسكري للتخلي عن السلطة. وعندما يرى المرء المطالب التي يقدمها المجلس العسكري بأن تبقى ميزانية وزارة الدفاع خارج نطاق سلطة الحكومة المدنية، فإن ذلك يشكل قرينة على أن المجلس العسكري لا يرغب بالتخلي عن سلطته.
الكثير من المراقبين يرون بأن الإخوان المسلمين سيفوزون بهذه الانتخابات. وهذه جماعة إسلاموية. هل يمكن أن ألمانيا مثل هذه الحكومة؟
يفترض أن نتعايش مع مثل هذه الحكومة، ويجب علينا فعل ذلك. لقد رأينا في تونس بأنه ليس بالضرورة أن يكون الأمر سلبيا، إذا ما فاز الإسلاميون بالانتخابات. فالتجربة في تونس أوضحت بأن حزب النهضة الإسلامي في وضع يؤهله لكي يقدم مساهمة إيجابية. وفي مصر تشهد حركة الإخوان المسلمين تجزءا الآن. أي أن هناك مجموعات مختلفة داخل الحركة. لذلك أرى مبدئيا بأنه يجب علينا الانتظار لنرى ماذا سيغيرون في محتوى برنامجهم فعليا. يجب أن نعود أنفسنا على ألا نحكم على الحركات الموجودة في المنطقة من خلال العناوين والشعارات، وإنما أن ننظر إلى ما تريده هذه الحركات فعليا. لذلك أنصح بأن نتعاون مع الإخوان المسلمين أيضا، إذا كان ذلك ممكنا بطريقة أو بأخرى.
ولكن ألا يعني هذا بأن الأمور تمشي باتجاه عكسي في العالم العربي. أي أن تتسلم السلطة حكومات تكفل لمواطنيها حقوقا أقل مما كانوا يحصلون عليه في ظل الحكومات العسكرية أو الديكتاتوريات السابقة؟
هذا ما سنراه لاحقا. أعتقد بأننا لن نشهد هذا، على الأقل في البداية. ولكن هناك أمر بالتأكيد صحيح: يجب أن نعود أنفسنا، سواء أأعجبنا هذا الأمر أم لا، بأن الدين سيلعب في البلاد العربية في المستقبل دورا أكبر مما كان يلعبه في الأنظمة السابقة. هذا ما يقولوه لنا الجميع، وها ما تقوله حتى الأحزاب الليبرالية في مصر. ومهمتنا هي أن نقيم الأمور بشكل سياسي فقط، وأن ننتهي بالتالي من هذه المسألة.
كيف يمكن لنا أن ننتهي من هذه المسألة؟ وما الذي يمكن لنا أن نفعله لكي تسير الأمور في السكة الصحيحة؟
السؤال هو ماذا يعني "إسلاموي"، وهنا أرجو من الجميع أن يدققوا النظر. إننا نربط في ألمانيا بشكل تلقائي بين الشريعة والإسلاموية، والشريعة تعني، بالنسبة لنا (في ألمانيا)، أن الأمر لا يمكن التعامل معه. أنا أعتقد أن هذا تفكير قاصر. لقد تعرفت، في مصر وفي غيرها، على أنماط مختلفة ومتعددة من المفكرين والمنظرين الإسلاميين. في هذا العام قمنا بزيارة المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين. وأنا أنصح هنا بأن نقيم هؤلاء الناس من خلال أفعالهم وليس من خلال اسم الحزب وعنوانه.
ستستمر الانتخابات البرلمانية حتى منتصف يناير. فهل يقدم هذا الوقت الطويل أي مساعدة في هذا المجال؟
لا. أنا أرى بأن هذا الأمر مسبب لمشاكل كبيرة. التبرير لذلك بأن يقولوا: ليس لدينا القدرة لكي ننظم الانتخابات بمرحلتيها بتلك السرعة، لأننا نفتقد الكادر المنظم القادر على الإشراف على الصناديق الانتخابية في طول البلاد وعرضها، لكي تسير العملية الانتخابية دون مشاكل. ربما يكون الأمر صحيحا، ولكني أرى بأن ثلاثة أشهر لإنجاز عملية انتخابية هي مدة طويلة وستخلق مشاكل. فبين الانتخابات الأولى والثانية يمكن أن تحدث كثير من الأمور غير المتوقعة. وقد تظهر ظروف جديدة مختلفة كليا، وهذا ما سيؤثر طبعا على محتوى العملية الانتخابية. وما أستطيع قوله هو فقط بأن نأمل بأن تبقى الظروف على ما هي، رغم أني أشك بذلك.
أجرى الحوار: توبياس أرمبرويستر/ فلاح الياس
مراجعة: حسن زنيند