شابات وشباب سوريا يتبارون في كشف مفاتن الجسد ولفت نظر الجنس لأخر
٨ نوفمبر ٢٠٠٩شبان يتمايلون بسوالف "الجزمة" وشعر طويل حتى الكتفين، وشابات يتمايلن بسراويل الخصر الضيقة أو ما يسميه السوريون "بنطال الخصر الساحلي"، الذي يظهر جزءا من منطقة الخصر، وبلوزة "بودي" بفتحة صدر كبيرة تظهر مفاتن الأنوثة، هذه المظاهر التي كانت غير مألوفة في الشارع السوري، أخذت تزداد يوما بعد يوم ليس في المدن الكبيرة كدمشق وحلب فحسب، بل وحتى في بعض الأرياف.
محمود الجاسم الطالب، في قسم التاريخ، يقول إنه يريد بمظاهر كهذه مجاراة العصر والظهور بمظهر لائق ومتميز يجذب الأنظار إليه. أما على دوريش من كلية الآداب – قسم اللغة الانجليزية بجامعة تشرين السورية، فيرى بأن الأشخاص الذين يجارون آخر صيحات الموضة ينالون في الغالب احترام الآخرين أكثر من غيرهم، ويلفتون النظر، لاسيما نظر الفتيات. ولهذا "ألبس البنطال الممزق عند الركبة وفي الأسفل وأقلّم سوالفي على شكل الجزمة".
"بنطال الخصر الساحلي" ـ لجذب أنظار الرجال
وبالنسبة للفتيات تبدو آخر صرعات الموضة أهم منها بالنسبة للشبان. وفي هذا الإطار بات من النادر رؤية فتيات لا يرتدين بنطال الخصر الساحلي أو "لويست". ويكمن سر الإعجاب به، حسب طالبة الثانوية العامة مروة صقر، في كونه يظهر مفاتن المرأة بشكل يجذب الرجال للاهتمام بها. ولا ترى مروة عيبا في ارتدائه حتى بالنسبة للفتيات اللواتي يعانين من السمنة في منطقة الأوراك. وبالنسبة للشعر لم يعد غريبا أن ترى فتيات مثل فدوى ع. بشعر قصير لا يتجاوز طوله بضعة سنتيمترات. وهناك من يتزين بالوشم في أمكنة مختلفة من مناطق أجسامهن أمثال منال م.
مجتمعاتنا تعطي للمظاهر أهمية مبالغ فيها
وينظر خبراء اجتماع إلى انتشار مثل هذه المظاهر في الشارع السوري كجزء من عملية العولمة التي قرّبت المسافات عن طريق الفضائيات والإنترنت. ومن جديد هذه المظاهر أن شباب اليوم لا يخشون من ارتداء الموضة التي تظهر السمنة أو عيوب أخرى في أجسادهم. وهو أمر كان يتجنبه جيل آبائهم حسب الدكتورة روعة دويلعي أستاذة علم الاجتماع في جامعة تشرين السورية، التي ترى بأن الشباب السوري يفضل شراء ملابس قليلة تماشي آخر صيحات الموضة على شراء أخرى من صيحات موضة سابقة. ومن فوائد ذلك برأيها إمكانية ارتدائها في مختلف المناسبات. كما أن الضائقة المالية لدى غالبية الشباب تدفعهم إلى اختيار ملابسهم بتأني وبعد بحث طويل نسبيا. فالطالب الجامعي ليس ميسور الحال في الغالب كي يخصص لكل مناسبة بدلة أو لباس خاص بها كما تقول الدكتورة دويلعي.
وينظر آخرون إلى المسألة من جانب آخر، حيث يرون بأن انشغال الشباب بصرعات الموضة إلى حد المبالغة كما هو عليه الحال في سوريا يعكس فراغا ما في حياتهم. وهذا الفراغ يكون ناتجا في أحيان كثيرة عن قلة فرص العمل وتوفر أمكنة ممارسة الهوايات الرياضية وغيرها. "البعض ليس لديه ما يفعله سوى الاهتمام بمظهره مما يجعله مشغول جدا بمظهره، لاسيما إذا كان لديه عائلة تساعده ماليا" كما تقول هند العقيبة، مدرسة في قسم علم الاجتماع في جامعة تشرين السورية. ويزيد من هذا الاهتمام "أننا أصبحنا نعيش في مجتمع يشكل فيه المظهر جزءا من قيمة الفرد، وهو الأمر الذي يدفعه للحاق بآخر صيحات الموضة"، كما تقول العقيبة. وتضيف: "باتت العلاقات التي تحم مجتمعنا معقدة ومتصنعة بحيث يكون المظهر فيها هو الحكم بغض النظر عن مدى قدرة الفرد على الإبداع والإنجاز، بينما لا تُعطى للمظاهر مثل هذه الأهمية في الغرب كون مجتمعاته منتجة أكثر مما هي مستهلكة".
مظاهر تثير غضب كبار السن
وإذا كان يحلو لعلماء الاجتماع تفسير الخلفيات الاجتماعية لظاهرة الموضة غير المألوفة، فإنها هذه المظاهر تثير حنق وغضب الكثيرين من كبار السن الذين يقولون بأنها تتنافي مع قيم المجتمعات الشرقية كالمجتمع السوري. "أحياناً تعتريني رغبة بتوبيخ كل شاب ذو شعر طويل أو فتاة ببنطال ذو خصر ساحلي، كما يقول أبو أحمد منصورة، الرجل السبعيني من ريف اللاذقية. وتوافقه أم أحمد الرأي، لأن شباب اليوم برأيها لا يعرفون حدود الحرية في اللباس. "على أيامي لم يكن مسموحا إظهار مفاتنهن هكذا، أما اليوم فلا تكتفي فتياتنا بذلك بل يقمن بشق سراويلهن الضيقة عند الركبة وفي ألأسفل وارتداء بلوزات ضيقة للغاية لإبراز نهودهن، وهذا ما يتنافي مع قيمنا الشرقية"، على حد تعبير أم أحمد التي ترى بأن الجمال هو بالأخلاق وليس باللباس.
عفراء محمد- دمشق
مراجعة: عبده المخلافي