شارة "رابعة" الإخوانية المصرية تلاحق حزب بن كيران
١٩ يناير ٢٠١٤شارة "رابعة" التي أصبحت علامة لأنصار جماعة الإخوان في مصر، تخلق أزمة في المغرب. وذلك بعد أن قامت ناشطة في حزب العدالة والتنمية برفع شارة "رابعة" في أحد ملاعب كرة القدم المغربية، بالإضافة إلى اتصالها بالسفارة المصرية في الرباط أياماً بعد ذلك، لتقول لممثلي الدبلوماسية المصرية في المغرب بأنها "ترفض الانقلاب الذي حصل في مصر". وقد تطورت الأمور بتدخل المصالح الأمنية المغربية على الخط، حيث قامت باعتقال الناشطة في حزب العدالة والتنمية، بعد أن تقدم السفير المصري بشكاية ضدها متهماً إياها بتهديده.
خديجة المنصوري، عضو شبيبة حزب العدالة والتنمية، لم تكن تتصور أن ما أقدمت عليه، سيخلق أزمة استنفرت السفارة المصرية والمصالح الأمنية المغربية وأيضاً حزب العدالة والتنمية. DW عربية التقت خديجة المنصوري التي سبق وأن تم اعتقالها خلال مسابقة كأس العالم للأندية التي استضافها المغرب نهاية العام الماضي، بعد أن قامت برفع شعار "رابعة" وشعارات أخرى مكتوبة ضد الفريق أول عبد الفتاح السيسي خلال إحدى مباريات الأهلي المصري في البطولة.
تحقيق ماراتوني
وفي لقائها معDW عربية، حكت لنا الشابة المغربية التي تقطن في مدينة برشيد، قصة هذا الاتصال الذي كاد أن يخلق أزمة لحزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة. وبدت خديجة المنصوري خلال هذا اللقاء هادئة، بيد أن علامات التعب كانت واضحة على وجهها، بعد أن قضت يوماً طويلاً من التحقيقات والإجابة على أسئلة المحققين.
وعن كيفية اعتقالها تقول خديجة بأن رجال الأمن جاؤوا إلى العمارة التي تقطن فيها على الساعة السابعة والنصف صباحا. وقدم رجال الأمن أنفسهم على أنهم من الشرطة القضائية. وبعد ذلك طلبوا منها تسليم هواتفها النقالة، كما قاموا بتفتيش دولاب ملابسها والكتب التي كانت في غرفتها. بالإضافة إلى حجز حاسوبها الشخصي ومذكرتين شخصيتين.
وبعد سؤالها عن حقيقة الاتصال بالسفارة المصرية، تقول عضو شبيبة حزب العدالة والتنمية أن عناصر الشرطة طلبت منها تسليم شريحة الهاتف التي استعملتها للاتصال بالسفارة المصرية. ولم تكن خديجة تتوقع أن تطول مدة التحقيق معها، خاصة وأنها أُخبرت بأن التحقيق سيكون في مدينتها ومرافقتها لعناصر الشرطة القضائية لن تتجاوز نصف ساعة. وبعد أن قطعت سيارة الشرطة القضائية نصف المسافة، تم إبلاغ خديجة أن السيارة متوجهة إلى العاصمة الرباط. ورغم كل ذلك، تؤكد خديجة على أن رجال الأمن وكذلك المحققين تعاملوا معها "بمنتهى الاحترام والتقدير ولم يسئ لها أي أحد ولو بكلمة".
"أنا مواطنة أرفض الانقلاب"
التحقيق الذي استمر إلى غاية الساعة 11 ليلاً، تركز حول الأسباب التي جعلتها تتصل بالسفارة المصرية، وكذلك حول علاقتها بجماعات أو حركات إسلامية في المغرب أو خارجه. وعللت خديجة للمحققين سبب اتصالها بالسفارة المصرية بأنها "مهتمة بالشأن المصري و(اتصالها) هو رد فعل مواطنة مغربية رافضة للانقلاب". وتابعت خديجة "اتصالي لا علاقة له بعضويتي في حزب العدالة والتنمية. وخير دليل على ذلك هو أن أعضاء الحزب وأعضاء شبيبة الحزب لا علم لهم بأنني اتصلت بالسفارة حتى تفاجؤوا بقرار اعتقالي".
أما حول مضمون الاتصال الذي قامت به خديجة للسفارة المصرية فكان جوابها كالآتي: "إننا كمغاربة رافضين للانقلاب ونرفض تواجدكم في بلدنا كممثلين للسلطة الانقلابية في مصر". وتؤكد خديجة بأنها لا تعرف مع من تحدثت في السفارة لأن هدفها كان هو "التعبير عن رأيها الشخصي في الانقلاب الذي حصل في مصر". وتضيف "قد أكون تسرعت، لكن أوصلت رسالتي. وهذا بحد ذاته تعبير عن الرأي". وتقول خديجة بأنها طلبت من المحققين حضور محام لمساندتها "لأن التحقيق معها تم بدون حضور أي محام". واعتبرت كذلك بأن طريقة اعتقالها كانت غير قانونية "لأنهم لم يخبروني بادئ الأمر إلى أين سنذهب ولم يخبروا والدي بوجهتي"، تقول خديجة.
علاقة العدالة والتنمية بالإخوان
حكومة بن كيران الإسلامية مازالت تتعامل بكثير من الحذر مع ما يحصل في مصر، خاصة وأن بعض الأحزاب المغربية تحاول إسقاط ما حصل في مصر على تجربة حكومة حزب العدالة والتنمية الإسلامي في المغرب. فمثلاً، حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، يقول بأن "مصير حزب العدالة والتنمية في المغرب، سيكون نفس مصير الإخوان في مصر لأنهم ينتمون إلى نفس التنظيم العالمي للإخوان المسلمين".
لكن الباحث السياسي محمد ضريف يرى أن هذا التشبيه خاطئ. ويقول ضريف "لا يمكن اعتبار حزب العدالة والتنمية جزء من التنظيم العالمي للإخوان، لأن حزب العدالة والتنمية لا يتبنى المبادئ الإخوانية كما رسمها حسن البنّا". ويتابع الباحث السياسي المغربي "حضور الإخوان المسلمين في المغرب كان دائماً ضعيفاً، وحاول الإخوان تأسيس فرع لهم في المغرب عن طريق استقطاب عدد من رجال الحركة الوطنية ووجدوا صعوبات في ذلك".
ضريف ومن خلال تتبعه لمسار الإسلاميين في المغرب، يقول في تصريحه لـ DW عربية "سعد الدين العثماني وعبد الإله بن كيران، وهم قادة حزب العدالة والتنمية، كانوا يميلون أكثر إلى الفكر السلفي أكثر منه إلى الفكر الإخواني".
العدالة والتنمية في حرج
الملاحظ لتعامل حزب العدالة والتنمية مع الأزمة المصرية، يرى بأن الحزب لم تصدر عنه الكثير من المواقف الرسمية، باستثناء الإعلان عن التعبير عن القلق مما يحدث في مصر. هذا الأمر يفسره المحلل السياسي عبد الحفيظ إدمينو بأن "الحزب يتعامل مع الأزمة المصرية بطريقة براغماتية، نظرا للظرفية الإقليمية التي لا تشجع على التعاطف مع الإخوان المسلمين. كما أن الضغط الذي تمارسه الأحزاب على العدالة والتنمية من أجل إثبات علاقته بالإخوان المسلمين، يجعل من الحزب يتبع منطق التقية السياسية والكتمان".
من جهته، يقول عبد العزيز أفتاتي، عضو الأمانة لحزب العدالة والتنمية في تصريح لـ DW عربية أن ما يحدث في مصر "سيؤدي بالبلد إلى طريق مسدود". أما بخصوص اتهام الحزب بالتبعية للإخوان، فيقول أفتاتي بأن "هذا يدخل في إطار الخصومات السياسية". وتابع السياسي المغربي قائلاً: "نرجو أن تعود مصر إلى الاستقرار، ونحن نتمنى أن يقوم الغرب الإسلامي بقيادة وساطة لحل الأزمة السياسية في مصر".
ويستبعد عبد الحفيظ إدمون إمكانية تكرار نفس السيناريو المصري مع حزب العدالة والتنمية في المغرب. ويقول عبد الحفيظ إدمون في تصريحه لـ DW عربية "المؤسسة الملكية حسمت العملية السياسية في المغرب، وهي تتعامل مع الحزب على أنه حزب جاء بالانتخابات وتتعامل معه انطلاقا مما جاء به الدستور. أما ضغط بعض الأحزاب من أجل إقصاء الحزب الإسلامي فهذا يدخل في إطار المنافسة السياسية".
وهو نفس الرأي الذي عبر عنه الخبير السياسي محمد ضريف الذي يقول بأن "حزب العدالة والتنمية نجح في أن يبدد المخاوف التي كانت لدى المؤسسة الملكية حول علاقة الحزب بالإخوان المسلمين في مصر".