شبح الحرب الأهلية يخيم على لبنان في ذكرى اغتيال الحريري
١٤ فبراير ٢٠٠٦يحيي اللبنانيون اليوم ( 14 فبراير/ شباط 2006) الذكرى الأولى لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق الحريري. وُتقام بهذه المناسبة نشاطات سياسية وثقافية على مدى أسبوع تحت عنوان: الوفاء لرئيس الحكومة الأسبق. وتختتم هذه الفعاليات يوم الثلاثاء المقبل بتجمع حاشد وسط بيروت تحت شعار "الوحدة الوطنية". وبهذه المناسبة دعا سعد الحريري نجل الراحل رفيق الحريري وزعيم الأكثرية النيابية المواطنين اللبنانيين إلى المشاركة بكثافة في إحياء ذكرى اغتيال والده لمواجهة "محاولات إعادة لبنان إلى عهد الوصاية" على حد تعبيره. وقد حصلت جريمة الاغتيال في مثل هذا اليوم وسط بيروت وأودت بحياة أكثر من عشرين شخصا بينهم سبعة من مرافقي الحريري والنائب والوزير السابق باسل فليحان.
إعادة انتخاب فرسان الحرب
وقد أثار اغتيال الحريري صدمة لدى عدد كبير من اللبنانيين الذين تظاهروا على مدى شهور رافضين سلطة أقامتها دمشق ومطالبين بالحرية والديمقراطية. وقد أجبرت احتجاجاتهم وضغوط المجتمع الدولي سوريا على سحب قواتها من لبنان بعد نحو ثلاثة عقود على دخولها إليه أواسط سبعينات القرن الماضي. وعلى الرغم من استمرار عمليات التفجير والاغتيالات التي تتهم دمشق بها، جرت انتخابات تشريعية حملت إلى البرلمان أكثرية مناهضة لسوريا. غير أن سير الانتخابات على أساس قانون انتخاب طائفي أفرز عددا هاما من الزعماء السياسيين الذين لعبوا دور فرسان الحرب الأهلية التي راح ضحيتها أكثر من مائتي ألف مواطن لبناني خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
الموقف من دمشق محور للخلافات
تبعات اغتيال الحريري لم تقتصر على ما جرى في لبنان. فقد نُقلت القضية إلى مجلس الأمن الذي أصدر قرارا طالب سوريا بسحب قواتها منه ووقف تدخلها في شؤونه. كما شكل المجلس لجنة تحقيق دولية تهدف إلى الكشف عن قتلة الحريري. وقد ترأس اللجنة حتى نهاية العام الماضي القاضي الألماني ديلتيف ميليس. وقد أشار في التقريرين اللذين أعدهما إلى وجود أدلة على تورط الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية في قتل الحريري. وقد عزز ذلك من موقف المعارضين لسوريا الذين ذهب بعضهم أمثال وليد جنبلاط إلى حد المطالبة العلنية بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد في دمشق. وتلتف هذه القوى حول زعيم تيار المستقبل سعد الحريري. أما القوى المؤيدة لدمشق فترفض مثل هذه الدعوات وتصر على عدم استباق نتائج التحقيق الذي يتابعه القاضي البلجيكي سيرج براميرتس منذ أوائل العام الجاري. وتضم هذه القوى إضافة إلى حزب الله وحركة أمل العديد من الشخصيات اللبنانية أمثال الرئيس اللبناني أميل لحود والوزير السابق سليمان فرنجية.
شبح الحرب الأهلية
عدد من المعلقين يرون أن لبنان يواجه اليوم مشاكل صعبة وربما تكون الأصعب منذ انتهاء الحرب الأهلية التي استمرت نحو عقد ونصف قبل توقفها في عام 1989. المعلق الألماني بيتر فيليب يرى أن الآمال التي علقها عدد من اللبنانيين على المظاهرات الشعبية التي طالبت بالاستقلال الحقيقي وبديمقراطية جديدة بعد اغتيال الحريري خابت. وقد حل محلها حسب فيليب مخاوف وصلت إلى حد الخشية من اندلاع حرب أهلية جديدة. وتبدو الفعاليات السياسية اللبنانية اليوم أكثر انقساما من قبل. وحتى القوى السياسية المناوئة لسورية لم تعد متفقة. ولعل خير مثال على ذلك اصطفاف زعيم التيار الوطني الحر ميشيل عون إلى جانب حزب الله الموالي لسوريا. ويقول الخبير السياسي حسين آغا المدرس في كوليج سانت انتونيو في اوكسفورد إن لبنان يمر بفترة تواترات ضخمة وأنه فريسة صراعات مذهبية لا سابق لها منذ الحرب الأهلية.
دويتشه فيله + وكالات