"شرطة الأخلاق" في إيران - ماهي؟ ولماذا تتمسك بها الحكومة؟
٢٤ سبتمبر ٢٠٢٢اعتقلت عناصر ما تُعرف بـ "شرطة الأخلاق" في إيران الشابة الكردية مهسا أميني بسبب ارتدائها ما اُعتبر بـ "لباس غير محتشم" لتدخل في غيبوبة خلال احتجازها لتلقى حتفها بعد ثلاثة أيام في المستشفى.
وقد أثار موتها موجة غضب كبيرة في إيران واندلاع احتجاجات مناهضة للحكومة في الكثير من المدن الإيرانية، حسبما وثقت لقطات مصورة على منصات التواصل الاجتماعي.
وعلى وقع اتساع رقعة الاحتجاجات، قامت الحكومة الإيرانية بنشر تعزيزات شرطية وأمنية في محاولة لقمع المتظاهرين فيما يسلط مقتل أميني الضوء على "شرطة الأخلاق" في إيران ويثير تساؤلات حيال دورها.
ماذا تفعل "شرطة الأخلاق"؟
يُطلق على "شرطة الأخلاق" في إيران اسم " غشتي إرشاد" أو "دوريات التوجيه" وهي وحدة تابعة للشرطة الإيرانية منوط بها فرض قوانين اللباس الإسلامي على النساء والفتيات في الأماكن العامة.
ووفقا للقواعد، فإنه يتعين على النساء والفتيات في إيران ارتداء الحجاب وملابس فضفاضة تعرف بـ "الشادور" في الأماكن العامة لكن دون تحديد السن القانوني الذي يُلزم على الإيرانيات تغطية الرأس.
وتضطر الفتيات إلى ارتداء الحجاب بداية من سن السابعة، بيد أن هذا لا يعني ضرورة تغطية الرأس في الأماكن العامة الأخرى.
وتستند قواعد عمل "شرطة الأخلاق" إلى تفسير النظام الإيراني للشريعة الإسلامية، ما يعني في نهاية المطاف ضرورة ارتداء الرجال والنساء "ملابس محتشمة"، لكن الواقع يشير إلى أن عناصر هذه الشرطة تستهدف النساء في المقام الأول.
واللافت للأنظار هو أنه لا توجد إرشادات محددة بشكل مفصل حيال وصف وتحديد ماهية "اللباس المحتشم" ما يترك مجالا كبيرا للتفسير الشخصي من قبل عناصر "شرطة الأخلاق"، وسط اتهامات ضدها باحتجاز النساء والفتيات في إيران بشكل تعسفي.
لكن كيف يسير عمل "شرطة الأخلاق"؟
تقوم عناصر "شرطة الأخلاق" بإخطار الفتيات أو النساء اللاتي جرى اعتقالهن أو في بعض الحالات يُجرى نقلهم إلى ما يُعرف بـ "مراكز التعليم والإرشاد" وفي بعض الأحيان "مراكز الشرطة"، إذ يُطلب منهن حضور دروس إلزامية حول الحجاب والقيم الإسلامية.
وبعد ذلك، يتعين عليهن الاتصال بأحد أقاربهن لإحضار "ملابس محتشمة" لتمهيد الطريق أمام إطلاق سراحهن.
ما مدى نجاح "شرطة الأخلاق"؟
ولا يتوقف الأمر على قمع النساء والفتيات اللاتي لا ترتدين الحجاب، وإنما تقوم الحكومة الإيرانية بترويج وتطبيق تفسيرها الخاص بالزي الإسلامي سواء في المدارس ووسائل الإعلام وحتى المناسبات والفعاليات العامة.
ورغم ذلك، فقد وجدت العديد من الإيرانيات سبلا وطرقا لتحدي قواعد اللباس شديدة التحفظ، سواء بارتداء ملابس ضيقة وحجاب ملون والكشف عن الكثير من الشعر خاصة وأنه لا توجد قواعد صارمة حيال مسألة مقدار الشعر الذي قد يظهر من الحجاب.
وقد كشف استطلاع للرأي نشره البرلمان الإيراني عام 2018 عن أن ما بين 60% إلى 70٪ من الإيرانيات لا يطبقن "قواعد اللباس الإسلامي" بالشكل الصارم في الأماكن العامة، فيما دشنت ناشطات حملات ضد الحجاب الإلزامي منذ عقود، ما أسفر عن اعتقال العديد منهن.
ومنذ تولي الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي زمام الأمور في إيران، قامت "شرطة الأخلاق" بتكثيف تواجدها في المدن الكبرى.
وعلى وقع ذلك، بدأت آلاف النساء في الخروج إلى الشوارع بدون ارتداء الحجاب بل قمن بتوثيق ذلك في مقاطع مصورة لنشرها على منصات التواصل الاجتماعي لتشجيع أقرانهن.
وقد تزايدت الدعوات لحل "شرطة الأخلاق" في إيران عقب انتشار مقطع مصور يُظهر أُمّا إيرانية تناشد عنصر من "شرطة الأخلاق" إطلاق سراح ابنتها المريضة في يوليو / تموز الماضي.
وعلى إثر ذلك، شرعت إيرانيات محافظات، في خطوة غير مسبوقة، في انتقاد الحجاب الإلزامي عبر الإنترنت فيما قامت نائبات محافظات في البرلمان بالتحدث ضد قانون "شرطة الأخلاق" وعمل عناصرها على أساس أن هذا يؤثر سلبا على الرأي العام حيال قضية الحجاب والدين بشكل عام.
لماذا تتمسك الحكومة بـ "شرطة الأخلاق"؟
الجدير بالذكر أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي تواجه أزمات خطيرة، لاسيما أزمات اقتصادية، مع ارتفاع التضخم بشكل كبير في ظل أن البلاد لا تزال تئن تحت وطأة عقوبات دولية ارهقت الاقتصاد فضلا عن أزمة المياه والتوترات مع بلدان الجوار الإيراني.
وقد أدى ذلك إلى تصاعد السخط الشعبي إذ شهدت إيران مظاهرات واضطرابات وأعمال شغب تخللتها أعمال عنف للتنديد بالأوضاع الاقتصادية المتردية في البلاد.
ويقول مراقبون إن الرئيس الإيراني الحالي ليس أمامه خيار سوى الحفاظ على "شرطة الأخلاق" من أجل إرضاء المتشددين نظرا لحاجته إلى دعمهم. ويرى محللون أنه في ظل أزمات إيران العديدة، فإن أعمال العنف والتظاهرات الأخيرة بشأن قواعد اللباس الصارمة شرارة لأزمة جديدة.
منير غيدي / م ع