شركة جوجل تهدد بالانسحاب من الأسواق الصينية بسبب القرصنة والرقابة
١٥ يناير ٢٠١٠يحتدم الصراع بين شركة جوجل والسلطات الصينية على الرغم من تمكن المستخدمين الصينيين في الوقت الراهن من الإطلاع على بعض الصور والمواقع، التي كانت السلطات الصينية قد حجبتها في الأيام الماضية. إلا أنه يبدو أن تخفيف الإجراءات الرقابية هذه لن يدوم طويلا، فالسلطات الصينية لديها وسائل متطورة لحجب ومراقبة موقع جوجل في فترة قصيرة للغاية. وقامت الصين بإنشاء هذه التقنيات لحجب المواقع على مدى السنوات الماضية. فقد أنشأت الجدار الناري العظيم The Great Firewall of China، وصار مصطلح "سور الإنترنت العظيم" على وزن "سور الصين العظيم" هو التسمية الدارجة لهذه التقنية.
وتتمثل هذه التقنية في مراقبة البيانات عبر الإنترنت التي تدخل و تخرج من البلاد والتحكم بها. وتفاصيل هذا النوع من المراقبة يعد من أسرار الدولة التي لا يعرفها أحد، إلا أن آلية المراقبة بشكل عام يعرفها الكثيرون. حيث توجد طريقتان للتحكم ومراقبة المواقع الإلكترونية ومحتوياتها.
مواقع مغلقة بأكملها
ويمكن للسلطات الصينية أن تحجب موقعاً بأكمله، فكل موقع له عنوان آي .بي IP Address، يمكن من خلاله للمستخدم زيارة الموقع. ولذلك تقوم سلطات الرقابة الصينية بتسجيل عنواين الـ"آي.بي" لمواقع معينة مثل مواقع منظمات حقوق الإنسان كمنظمة العفو الدولية Amnesty International . وبالرغم من أنه توجد وسائل للالتفاف حول منع المواقع على الإنترنت مثل حفظ موقع ما عبر موقع آخر يحمل عنوان آي. بي آخر أو باستخدام البروكسي أو وحدة الخدمة النائبة، إلا أن السلطات الصينية تمكنت أيضاً من حجب وإيقاف خدمة هذه الوحدات.
تصفية محركات البحث والمواقع من كلمات بعينها
أما الأسلوب الآخر الذي تستخدمه السلطات الصينية لمراقبة مواقع الإنترنت، فأكثر تعقيداً، ما يجعل استخدام الإنترنت في الصين أكثر بطئاً. فهي تستخدم مصافي Filters لتنقية المواقع من كلمات معينة. ويبدو وأن السلطات الصينية ليست متقدمة في استخدام مثل هذه التقنية لمراقبة جميع المعلومات والكلمات. لذلك تطالب الحكومة الصينية الشركات الأجنبية، مثل شركة جوجل، التي تسعى إلى تدشين موقع صيني لها بأن تستخدم تقنية المصافي لمنع استخدام كلمات معينة. وهي تقنية استخدمتها جوجل حتى الآن إلا أنها لم تحجب أو تنقي جميع الكلمات، كما كانت تريد السلطات الصينية. يُذكر أن موقع يوتيوب الذي تمتلكه جوجل، لا يمكن تصفحه داخل الصين.
اختراق حكومي للبريد الإلكتروني لنشطاء صينيين
وكانت جوجل قد أعلنت بداية هذا الأسبوع أنها اكتشفت أن "أطرافا" دخلت بشكل منتظم إلى حسابات عشرات من مستخدمي خدمة جوجل للبريد الالكتروني "Gmail"، وهم ناشطون صينيون في مجال حقوق الإنسان ويقيمون في الولايات المتحدة والصين وأوروبا. ولم يتم التجسس على حسابات البريد الالكتروني هذه عبر انتهاك إجراءات الأمان المتخذة من قبل جوجل، بل عبر وسائل قرصنة كلاسيكية. وبسبب هذه الهجمات وسياسة "المراقبة" التي تتبعها بكين، أوضحت جوجل أنها قررت الكشف عن الهجمات التي تعرضت لها لأنها تندرج في إطار "النقاش العالمي حول حرية التعبير".
ولا تقتصر تداعيات الأزمة بين جوجل والسلطات الصينية على الأبعاد السياسية فقط، بل تمتد لتشمل جوانب اقتصادي أخرى. فبعد أربع سنوات من تواجدها في الصين الذي يضم اكبر عدد من رواد الانترنت في العالم، باتت تسيطر جوجل على 30 في المائة من السوق في مقابل 61 في المائة لمحرك البحث الصيني بايدو.
وتريد شركة جوجل إرسال إشارة واضحة إلى السلطات الصينية بأنها لا يمكنها الانصياع الكامل لمطالب حكومة دولة ما. لأن ذلك يعني فقدها لثقة المستخدم وهو أمر يلعب دوراً كبيراً، فالمستخدم سيخشى أن تحفظ معلوماته لدى السلطات ما يدفعه إلى الاستغناء عن خدمات جوجل.
الكاتب: يورج برونزمان / هبة الله إسماعيل
مراجعة: عماد م. غانم