شرودر وشيراك يؤكدان على التمسك بالدستور الاوروبي
بعد صفعتين متتاليتين تلقاها مشروع الدستور الأوروبي في فرنسا وهولندا وفشل حكومتي شيراك وبالكننده في إقناع شعبيهما بجدوى التصويت لصالح دستور أوروبا الموحدة، بدأت دائرة الأزمة السياسية التي يمر بها الاتحاد الأوروبي تتسع وباشر أصحاب القرار في "أوروبا العجوز" بالبحث عن سبل للخروج من الأزمة والسعي إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه: زيارات مكوكية وقمم طارئة. مطالبة بإعادة النظر في بدء محادثات الانضمام مع تركيا. تراجع شعبية الدستور في الدنمارك ولوكسمبورغ وحتى في التشيك. تهديدات بالاستقالة و و و.....
شيراك يلتقي شرودر في برلين
قال المتحدث باسم الحكومة الالمانية بيلا اندا أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الالماني غيرهارد شرودر يؤمنان بضرورة المضي قدما في عملية التصديق على الدستور الاوروبي رغم رفضه من قبل الناخبين الفرنسيين والهولنديين. وعقد شرودر وشيراك اجتماعا في برلين أمس السبت لبحث موقف الجانبين قبيل قمة الاتحاد الاوروبي هذا الشهر وبعد رفض الدستور في استفتاءين منفصلين في كل من فرنسا وهولندا الاسبوع الماضي. وقال اندا مجددا ان المانيا مستعدة لابداء مرونة للتوصل الى اتفاق بشأن التخطيط لميزانية الاتحاد الاوروبي على الامد المتوسط والذي اعاقته خلافات حول مقترحات بزيادة مستويات المساهمة. وابلغ المتحدث الالماني الصحفيين عقب اجتماع شيراك وشرودر ان "ألمانيا مستعدة لاحراز تقدم بشأن الميزانية وستطرح هذا خلال القمة التي ستعقد يومي 16.
تركيا "كبش الفداء" ؟
في حين تشهد المحافل السياسية في العواصم الأوروبية محادثات واجتماعات بغرض البحث عن آليات للخروج من أزمة الدستور، بدأ معارضو انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي يرصون الصفوف لتمرير مواقفهم الرافضة لدخول البلد المسلم إلى المجموعة الأوروبية. ففي مدريد فاجأ وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنجل موراتينوس المراقبين أمس الجمعة بالقول إنه يجب إعادة التفكير في بدء محادثات الانضمام مع تركيا. وأضاف أن نتائج الإستفتائين في فرنسا وهولندا لا يمكن إرجاعها فقط إلى أسباب تتعلق بالسياسة الداخلية في البلدين، مشيرا إلى أن عملية توسيع حدود الاتحاد كانت سريعة جدا، مما أدى إلى "إثارة مخاوف المواطنين"، على حد قوله. واسترسل موراتينوس بالقول إن أوروبا "تحتاج إلى فترة تفكير وهذا يخص دون شك محادثات الانضمام مع تركيا." تجدر الإشارة إلى أن إسبانيا صادقت في استفتاء شعبي نظم في 20 فبراير الماضي كأول دولة أوروبية على الدستور الأوروبي.
وفي ألمانيا جدد حزبا اليمين المحافظ معارضتهما لعضوية كاملة لتركيا في الاتحاد الأوروبي. وقالت رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض ومنافسة شرودر في الانتخابات التشريعية القادمة أنجيلا ميركل إنه يجب أخذ مخاوف الناس بالحسبان ووضع حدود واضحة للاتحاد الأوروبي، مؤكدة من جديد على أن حزبها يؤيد فقط ما سمته بـ "الشراكة المميزة" مع تركيا.
تحول في الدنمارك والتشيك
في غضون ذلك رهن رئيس وزراء لوكسمبورغ والرئيس الحالي للمجلس الأوروبي جان كلود يونكر مستقبله السياسي بتصويت شعبه بـ "نعم" الدستور، معلنا أنه سيستقيل من منصبه اذا صوتت بلاده في العاشر من يوليو/تموز القادم بـ "لا" على مشروع الدستور. يشار إلى أن استطلاعات الرأي في لوكسمبورغ بينت أن نسبة المعارضين للدستور ازدادت بنسبة 17 بالمائة مقارنة مع شهر أكتوبر/تشرين ثاني من العام الماضي. أما في الدنمارك التي تصوت على الدستور في 27 سبتمبر/أيلول المقبل فقد لاحظت معاهد استطلاع الرأي أيضا ازدياد نسبة المعارضين لمشروع الدستور. وحسب هذه الاستطلاعات فإن 39,5 بالمائة من الدنماركيين الذين شملهم المسح ينوون رفض الدستور، فيما أعرب 30,8 بالمائة عن موافقتهم عليه. وعلى ما يبدو أن أصداء الرفضين الهولندي والفرنسي وصلت أيضا إلى التشيك المتحمسة إلى أوروبا حالها حال دول أوروبا الشرقية التي انضمت حديثا إلى الاتحاد الأوروبي. وتقول استطلاعات الرأي في البلد الاشتراكي السابق إن 33,1 بالمائة من المواطنين التشيكيين يرفضون الدستور، بينما يقول 31,5 بالمائة منهم "نعم" له.
الألمان مع التعديل
وفي ألمانيا التي صادق برلمانها في 27 مايو/أيار الماضي على الدستور فقد أظهرت استطلاعات الرأي أن غالبية مواطنيها يؤيدون إجراء تعديل على الصيغة الحالية للدستور. وبين استطلاع قام به معهد "ديماب" للاستطلاعات أن 51 بالمائة من الأشخاص الذين شملهم المسح يؤيدون هذه الخطوة. من جانب آخر أعرب 20 بالمائة عن موافقتهم على إجراء استفتاء شعبي على الدستور في ألمانيا. يذكر أن قرار المصادقة على الدستور اتخذ في البرلمان "بوندستاغ" ولم يخضع لاستفتاء شعبي كما حصل في فرنسا أو في هولندا. على الصعيد ذاته حذر الرئيس الألماني هورست كولر من وضع مستقبل أوروبا موضع الشك. وقال كولر أمس الجمعة في برلين إنه " قلق من وضع الإنجازات على طريق الوحدة الأوروبية موضع الشك."، معتبرا ذلك خطأ أساسيا.
تقرير: ناصر جبارة