شروط أمريكية للحوار المباشر مع طهران حول برنامجها النووي
٢٥ مايو ٢٠٠٦بعد أن شهد الملف النووي الإيراني حالات متعددة من التصعيد خلال الأشهر الماضية، يبدو ان هناك ثمة بوادر ترجح كفة الحل الدبلوماسي للازمة التي نشأت بعد إصرار طهران على المضي قدماً في نشاطاتها في مجال تخصيب اليورانيوم على أراضيها. ومازالت هذه النشاطات النووية تثير حفيظة ومخاوف الدول الغربية من سعي طهران إلى امتلاك القنبلة النووية، الأمر الذي نفته طهران مراراً، مؤكدة على حقها في استخدام اليورانيوم للأغراض المدنية. وتأتي هذه التطورات بعد إعلان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي يوم أمس الأربعاء على هامش زيارة لواشنطن عن استعداد إيران للتخلي عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم على أراضيها لعدة سنوات بموجب اتفاق شامل مع الدول الغربية. ووفقاً للبرادعي يمكن بموجب هذا الاتفاق أيضاَ تخصيب اليورانيوم الإيراني من قبل هيئة دولية خارج إيران. الجدير بالذكر أن البرادعي، الذي كان قد التقى الأسبوع الماضي المسئول عن الملف النووي الإيراني علي لاريجاني، أكد في مؤتمر صحفي عقد عقب اجتماعه مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس على رغبة الإيرانيين على استعدادهم كذلك للسماح بتعزيز عمليات التفتيش بعد استئناف المفاوضات حول برنامجهم النووي.
استعداد أمريكي للحوار المباشر
من الممكن اعتبار الخطوة الإيرانية الجديدة نوع من الانفتاح الإيراني تجاه واشنطن وخاصة الرسالة التي وجهها الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش. كما الجديد في الأمر هو أن هناك بوادر تشير إلى تخفيف واشنطن من حدة موقفها تجاه إيران، فقد أعلن المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية توني سنو عن استعداد بلاده للدخول في حوار مباشر مع طهران. ولكن استعداد الدخول في هذه المفاوضات رهين خطوة إيرانية إلى الإمام للتقرب من الحلول والمقترحات التشجيعية التي قدمها الغرب. وتضع هذه الخطوة التي تراها واشنطن شرطاً أساسيا للدخول في حوار مباشر مع الحكومة الإيرانية يتمثل في إيقاف إيران لعمليات تخصيب اليورانيوم. الجدير بالذكر أن الكثير من المراقبين لا يتوقعون التوصل على حل للأزمة النووية الإيرانية الحالية، ما لم تتجاوز الولايات المتحدة أكثر من ربع قرن من القطيعة التي بدأت بعد الثورة الإسلامية في إيران. كما أن البرادعي يعتقد من جهته أن بدء حوار مباشر بين طهران وواشنطن يمكن أن يقدم آليات جديدة لحل الأزمة.
خطوات إيرانية مثيرة للقلق
يرى خبراء المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن في تقرير حول التوازن العسكري أن إيران لن تتمكن من امتلاك الكمية الضرورية من اليورانيوم عالي التخصيب لصناعة القنبلة النووية البالغة من 20 إلى 25 كيلو غرام إلا في عام 2010. ولكن من جانب آخر قال مدير المعهد جون تشيبمن أنه بالنظر إلى التكتم الإيراني الشديد على حيثيات برنامجها النووي فإنه قد يكون من المحتمل أن تمتلك إيران هذه الكمية من اليورانيوم في عام 2008. وقد أعرب المعهد عن ان خطوات طهران في برنامجها النووي مثيرة للقلق. ويرى تشيبمن أن على الساسة أن يحتاطوا في تقدير الإمكانيات الإيرانية من خلال توقع "أسوء الفرضيات" المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني. فإن امتلاك إيران فعلياً للقنبلة النووية يمكن أن يلحق بميزان القوى في منطقة الخليج العربي "تغييرات دراماتيكية خطيرة"، كما يعتقد تشيبمن.
وتأتي هذه التطورات في وقت اجتمع فيه ممثلو الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا في لندن من أجل التشاور بشأن ثني إيران عن استمرارها قدماً في برنامجها النووي المثير للجدل والاختلاف بين دول الفيتو. وعلى الرغم من عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن أعلن متحدث باسم الخارجية البريطانية أن الدول الكبرى أجرت "محادثات بناءة وقيمة" وحققت خلالها "تقدماً كبيراً". ويتمثل هذا التقدم في الاتفاق على مناقشة بعض جوانب سياسة "العصا والجزرة" حيال إيران من خلال صياغة مجموعة من التدابير التحفيزية والرادعة لحمل ايران على التخلي عن نشاطاتها النووية الحساسة. يذكر أن الكثير من الدول الغربية تفكر بفرض عقوبات وتقديم إجراءات تشجيعية يمكن أن تحث إيران بموجبها على التخلي عن تخصيب اليورانيوم. لكن روسيا والصين تقف بمثابة حجر عثرة أمام هذه المساعي على الرغم من تصريحات ساستها المتكررة في اتفاقهم مع وجهة النظر الغربية التي تصر على ضرورة عدم امتلاك إيران لأسلحة نووية.