شليزفيغ-هولشتاين: محمية طبيعة ثرية بالتنوع الحيوي
٢٨ أكتوبر ٢٠٠٨كانت سمكة موسى تشكل أساساً مهماً لحياة سكاني الشواطئ الغربية من ولاية شليزفيغ-هولشتاين. وليس من عادة هذه السمكة المسطحة أن تخرج من المياه المنحسرة عن شواطئ بحر الشمال، لكن هذا النوع من الأسماك تحبذ أن تدفن نفسها في التربة الرملية على مقربة من الخلجان الصغيرة والأخاديد العميقة، التي يمر من فوقها الماء منحسراً عن أرض الساحل ومن ثم يعود من جديد ليغطيها بعد ذلك. ومن ثم تمكث ساكنة في الشمس منتظرة قدوم المد التالي من أجل الانزلاق في الماء من جديد. ويقول بوي بويسن إنه من الصعب رؤية السمكة المتوارية في الرمل بالعين المجردة.
ويضيف بويسن البالغ من العمر 65 عاماً وعرف الشاطئ وخباياه كما يعرف راحة يده: "ليس أمام المرء متسعاً من الوقت للدوس سمكة موسى من أجل تحسسها من ثم الإمساك بها باليد، إلا لنصف الساعة، التي تسبق الجزر، ونصف الساعة التي تعقب المد".
دليل للمتجولين في المناطق التي ينحسر عنها الجزر
حين كان بويسن طفلاً صغيراً دفع به الضجر ذات مرة إلى الذهاب مع رفاقه إلى جزيرة أولاند الصغيرة مروراً بجزيرة فور، التي تبعد مسافة ثلاث ساعات. وجزيرة أولاند واحدة من عشر جزر في منطقة نوردفريسلاند الشمالية.
وعلى خلاف الجزيرات الأخرى فإن الجزر الصغيرة تختفي تحت سطح الماء في حالة كون المد قوياً. ويعمل بويسن اليوم دليلاً، يجوب بالعديد من الزائرين عبر الأراضي الموحلة التي تظهر بعد أن ينحسر عنها الماء بفعل الجزر قبالة شواطئ شليزفيغ-هولشتاين. وتمتد هذه الأراضي على مساحة 4500 كيلو متراً مربعاً. وعلى الرغم من أن أسماك موسى قد هجرت هذه المنطقة منذ وقت طويل، فإن الصياد المحترف يشعر في بعض جولاته بإحداها تحت قدمه، ويظهر للزوار طريقة صيد هذه السمكة، تلك الطريقة التي باتت على وشك الانقراض.
ومنذ أن حولت هذه المنطقة إلى محمية طبيعية عام 1985، ازدادت الزيارات إلى هذه المنطقة، كما يقول بويسن. ويضيف قائلاً: "في الماضي كنت أقضي في كل عام ربما 14 يوماً في هذه المنطقة، لكني الآن بت أقضي أكثر من 1000 ساعة سنوياً". فقد تحولت الجولات في المنطقة الموحلة، التي تنكشف عنها المياه بفعل الجزر من الفعاليات التي يمكن ممارستها طوال العام، بل حتى في أيام عيد الميلاد يقود بويسن الزائرين إلى الجزيرات الصغيرة لأكل الكرنب.
أكل الكرنب على الجزيرات الصغيرة
لا يستطيع بويسن أن يعيل عائلته من خلال عمله كمرشد للجوالين في المنطقة الساحلية الموحلة، فهو كزملائه الذين يبلغ عددهم 250 دليلاً، يعمل في مهنة أخرى إضافة إلى عمله كمرشد. عن هذا يقول بويسن: "فرص العمل كمرشد تقتصر على عطلات نهاية الأسبوع فقط". ومن أجل ذلك يضحي هؤلاء بإجازاتهم السنوية. ويضيف بويسن، الذي درس في الأصل علوم الزراعة ويعمل الآن كمستشار في الشؤون الزراعية: "نحب الطبيعة والهدوء في المناطق الساحلة الموحلة والهواء الذي يعبق برائحة اليود".
وتعد المنطقة الساحلية التي يبلغ عرضها أكثر من 30 كيلومتراً، من أغنى مناطق العالم بالحيوانات والطيور، فتوجد فيها قرابة 60 نوعاً من الطيور، لأنها تشكل بيئة مثالية للحصول على الغذاء. وفي موسم هجرة الطيور في الربيع والخريف يصل عدد الطيور الموجود فيها إلى 1.5 مليون طائر.
الأصداف كمرشحات مائية
خلال جولاته يوضح بويسن إلى مرافقيه الذين يصغون إليه باهتمام، فوائد وأهمية الكائنات المتناهية في الصغر، فالرخويات والمحار تقوم بمهمة ترشيح المياه. وتقوم المحارة الواحدة على سبيل المثال بترشيح 2.5 لتراً من المياه في الساعة، كما يقول بويسن مفتخراً. ويضيف : "يساهم جميع المحار في بحر الشمال بهذه الطريقة في ترشيح كامل مياه البحر كل 14 يوماً".