صحافيو مصر..أوجه عديدة للمعاناة خلال تغطية الأحداث الميدانية
٢٢ أبريل ٢٠١٤منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى اليوم سقط كثير من الصحافيين ضحية للإشتباكات ليعودوا إلى أهلهم إما بإصابات أو جثة هامدة. وخلال أقل من ثلاثين يوماً مضوا، قتلت صحفية جريدة الدستور الشابة ميادة أشرف أثناء تغطيتها لتظاهرات للإخوان في منطقة عين شمس وكذلك أصيب صحافي جريدة اليوم السابع الشاب خالد حسين أثناء تغطيته لتظاهرات بجامعة القاهرة. ويعيد ذلك للأذهان حادث مقتل الصحفي الشاب الحسيني أبو ضيف اثناء تغطيته لإشتباكات بمحيط قصر الإتحادية إبان حكم الرئيس السابق محمد مرسي. ولا يبدو وأن أوضاع شباب الصحافيين المصريين الإدارية في مؤسساتهم أفضل حالاً من أوضاعهم في الميادين.
إعتداء الأمن على الصحافيين معتاد
"تعرّضت للضرب في التحرير يوم 28 يناير من الشرطة بسبب تصويري للجرافيتي الذي كان على الحائط"، تروي آلاء سعد، الصحافية ببوابة الشروق، لـDW عربية أحد المواقف العصيبة التي تعرضت لها أثناء عملها الميداني. "الأمن الذي تعدّى علي خلع حجابي عن عمد خلال ضربي وبارك تحرّش لفظي منحط دون أي تدخل"، تضيف سعد. وتستطرد: "بل على العكس أكثر من 15 ظابطا وقفوا يشاهدون الأمن النسائي الذي ضربني و"المواطنون الشرفاء" الذين انضموا لهم دون حراك". الإعتداء على الصحافيين من قبل الأمن ليس بالشيء النادر. ذلك اثبته الصحفي أحمد دراز، صحفي جريدة الوفد، في شهادته على موقع الجريدة الرسمي بعدما تم الإعتداء عليه في ال26 من مارس الماضي. ورغم إعلان هويته لرجال الأمن وإبراز بطاقته الصحفية إلا أن ذلك لم يشفع له عند الأمن المركزي ليوقفوا سيل "الركل والضرب المصحوب بأحط عبارات السباب" على حد وصفه.
" الصحفيات زي الصحفيين..والجنسان لم يسلما من المعاناه التي يتعرضان لها في الشارع بسبب الاستقطاب ضدهم واصطياد السلطة لهم"، تقول سعد لDW عربية. وتضيف: "يزيد فقط على الصحافية (المرأة) إنها عُرضة أكتر لمجتمع مختل ولازال يحتقرها ويهمش كل شيء فيها إلا جسدها، فمستحيل أن تجد صحافية خرجت لتغطية بدون أن تعود بأكتر من واقعة تحرش مثلا". سعد قد تعتبر محظوظة بين أبناء جيلها من الصحافيين الشباب حيث توفر لها بوابة الشروق دورات تدريبية على كيفية التغطية الميدانية في أوقات الإشتباكات. فيما أكدت سعد أنه لا ضمان لأي تدريب إذا لم تكن محظوظا بمديريهتم بحمياية الصحفيين.
"إن كان تأمين صحافي بمفرده بهذه الصعوبة فما بالك بتأمين مراسل تلفزيوني يسير بميكروفون وخلفه كاميرا وفريق عمل من عدة أشخاص؟"، بهذه الكلمات تحدث محمد سماحة، مراسل قناة دريم التلفزيونية، لDW عربية عن صعوبة عمله الميداني. "نحن أكثر من يتعرض للخطر أثناء تغطيات أحداث العنف"، يضيف سماحة. المراسل الشاب لم توفر له قناته أي دورات تدريبية تتعلق بسلامة العمل الميداني وهو الذي عادة ما يكون حاضراً في مسرح الأحداث مع كل إشتباك بين الأمن والإخوان.
"تغطية تظاهرات الإخوان تجعلك عرضه لإعتدائاتهم"
"تغطية التظاهرات وأحداث العنف يعتمد في مصر على قدرات المراسل الشخصية وحنكته في التعامل"، يوضح سماحة. وعن توفر أدوات لتأمينه الشخصي كما في كل دول العالم التي تحوي إشتباكات مسلحة والتي عادة ما يرتدي فيها المراسل التلفزيوني درع واقي للرصاص وخوذة لحماية الرأس، فقد أجاب سماحة متعجباً: "هذه الأشياء لا توجد في مصر من الأساس". مضيفاً: "وإن وجدت فلن ارتديها حقيقة لأنها لن تحميني بل ستجعلني موضع استهداف".
ويروي سماحة خطورة تغطيته لتظاهرات الإخوان رغم عدم سماحهم للقناوات الخاصة المصرية بالتصوير وإعتدائهم على من ينتمون لتلك القنوات، حيث يتحايل على ذلك مندساً وسط الجموع مستخدماً كاميرا صغيرة شخصية أو هاتفه المحمول. "هذا خطر علي وفي بعض الأحيان قد يظهر عليك الفضول الصحافي فتقوم بحركة تكون بالنسبة للجموع من حولك ملفتة ومن هنا قد يبدأ الشك فيك"، يقول مراسل دريم. "حينها يوقفوك ويبدأون في التحقيق معك". أما عن أكثر موقف خطير تعرض له أثناء عمله التلفزيوني فيروي سماحة عن ظهوره على الهواء مباشرة من أمام قسم شرطة به قنبلة لم يكن الأمن قد أبطل مفعولها بعد.
رغم كل المخاطر التي يتعرض لها الصحافيون والمراسلون في مصر إلا أن كثيرا من جيل الشباب منهم غير منتسبين رسمياً لجهات عملهم أو لنقابة وغير معترف بهم رسمياً كصحفيين في الدولة. "لا يوجد عقد ولا تعيين..مجرد اتفاق وكارنية يثبت انتمائي للمكان في حين التغطيات الخارجية وتعريفي بنفسي للمصادر كصحفية ببوابة الشروق"، تقول سعد عن وضعها بوابة الشروق. وتضيف: "السبب غير مُتعلِّق على الإطلاق بمعايير مهنية أو كفاءة بيتم بحثها بشكل ما والتقييم على اساسها. في النهاية المؤسسات الصحفية بشكلها الحالي "تجارية" أو رأس مالية إن صح القول أكثر من كونه منبر تنويري يحترم رسالته ومهتم بتوفير الحد الأدنى لجنوده "المحررين" اللي بيستنذف جهدهم وطاقتهم بأقل تكلفة ممكنة".
الصحافيون في مواجهة إجحاف المؤسسات وتعقيدات النقابة
ولا يختلف الحال في العمل التلفزيوني حيث لا يملك سماحة أي عقد يربطه رسمياً بقناته. "النظام المتبع في معظم القنوات التلفزيونية هو "طالما تتقاضى راتباً فأنت تعمل""، يشرح سماحة وضعه في محل عمله. أما عن تسجيله بأي نقابة فيقول مراسل دريم: "لا نعرف ما هي نقابتنا فلا نحن ننتسب لنقابة الصحافيين ولا لنا نقابة تعبر عنا". سعد أيضاً لا تنتسب لنقابة الصحافيين. ويشترط للإلتحاق بالنقابة إفادتها بأوراق رسمية تفيد أن الصحافي يعمل تحت التمرين بإحدى المؤسسات الصحفية التابعة للمجلس الأعلى للصحافة وهو ما لا يمكن أن يتوفر طالما لا يوجد عقد بين المؤسسة الصحفية والصحافي.
وتتحدث صحافية الشروق عن شروط الإلتحاق بالنقابة والتي وصفها سماحة ب"التعجيزية" قائلة: "هذا الموضوع مُجرد التفكير فيه لصحافي خريج كلية الإعلام ويمارس المهنة ومُلتحق بمؤسسة هزلي وساخر وغير منطقي". وتضيف: "لست عضوة والنقابة لا ترحب بأي صحفي جديد وإن كان في صلب المهنة أن يكون منتسبا لها ويحصل على دعمها الذي هو في أمس الحاجة إليه في بداية طريقة".
مضيفة: "أيضاً، كون المؤسسات الإعلامية الرأسمالية المُجحفة وغير المهنية على الإطلاق تكون وسيط بين الصحفي وجهة من المفترض أنها عريقة وتحمي الصحفي حتى من إجحاف مؤسسته مثل النقابة فهو عبث". واختتمت سعد حديثها لDW عربية داعية إلى تمرد جماعي ضد ما اسمته ب"سياسات المؤسسات المجحفة" قائلة: " لن يتم الارتقاء بمهنية الإعلام ومازال الصحافي بيتسول من مؤسسته 40 جنية في اليوم ومضطر لقبول الأمر الواقع لكي يدرج بعد سنين في النقابة التي أصلا لا تدعم أحد وصورية ومُسيّسة في المقام الأول".