صحف ألمانية: تخلي الأكراد عن الاستقلال ليس واقعيا
٢٧ سبتمبر ٢٠١٧يرى الأكراد الذين يحكمون كردستان التي تتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق منذ الغزو الأمريكي في عام 2003، الاستفتاء أنه خطوة تاريخية في مسعى على مدار أجيال لإقامة دولة مستقلة. وتعتبر حكومة العراق الاستفتاء غير دستوري خاصة وأنه لم يقتصر على المنطقة الكردية فقط، ولكن أجرى في مناطق متنازع عليها تحت سيطرة الأكراد بشمال البلاد. وفي هذا السياق كتبت صحيفة "دي فيلت" تقول:
في حال اندلاع حرب أهلية في العراق، فإن المضمون هو سنوات قتال طويلة و أعداد قتلى لاتعد ول اتحصى، لأن المنطقة تشهد تقاطع خطوط دينية كثيرة، لشيعة في مواجهة السنة، وإيران في مواجهة السعودية والنفط المخزون تحت ساحة المعارك سيساهم في استمرار لهيب المعارك لفترة طويلة. ولهذا يجوز المرء أن يشعر بشيء من الهدوء عندما يسمع إعلان مسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان، حيث قال إنه في حال الموافقة الشعبية على الاستفتاء، فأنه سوف لن يعلن على الفور استقلال الدولة الكردية، بل سيتم التفاوض في هذا الشأن لمدة سنة أو سنتين مع بغداد. ويمكن أيضا التساؤل، لماذا كان الاستفتاء ضروريا. وإلى ما ستؤول إليه الأمور، هذا كان واضحا منذ البداية. البرزاني قد يخاطر بالكثير من خلال عمل رمزي. وهو يقوي الضغط الزمني. وعلى المدى الطويل يمكن أن ينزلق هو في وضع حرج. وإذا ركز الغرب الآن دبلوماسيته وأمواله على اعتدال التسوية لأكراد العراق، يمكن له على الأقل تفادي سقوط الكثير من القتلى مثل الانتصار على تنظيم داعش. نحن ندين بذلك لهذا الشعب ولأمننا الذاتي".
وعارضت الولايات المتحدة وكبرى الدول الأوروبية والجارتان تركيا وإيران قرار تنظيم الاستفتاء الذي وصفه البعض بأنه مزعزع للاستقرار في وقت يقاتل فيه الجميع تنظيم "داعش". إلا أن صحيفة "هاندلسبلات" الصادرة بدوسلدورف اعتبرت في تعليقها العكس، وكتبت تقول:
" في النهاية لا تكون زعزعة استقرارإقليم الكرد في صالح دول الجوار. فتركيا تحديدا انتفعت من الأكراد في شمال العراق. فالمنطقة المستقلة الكردية القائمة منذ التسعينات تُعتبر ملجأ للاستقرار. وميليشيات البشمركة التابعة للحكومة بزعامة برزاني تُعد شريكا فعالا في مكافحة ميليشيا داعش الإرهابية. والأمريكيون والأوروبيون أيضا لهم هذه الرؤية. والحكومة الألمانية تدعم البشمركة بالتكوين والأسلحة الناسفة للدبابات. وحتى الخلاف حول الاستفتاء حول الاستقلال لم يؤدي إلى حد الآن إلى وقف المساعدات العسكرية".
أما صحيفة "تاغستسايتونغ" فهي تساند في تعليقها تطلعات الأكراد للاستقلال، وكتبت تقول:
" ما يتم مثلا قبوله بديهيا للفلسطينيين بأي حق يتم رفضه للأكراد؟ فالأكراد لهم بخلاف الفلسطينيين لغة خاصة بهم. وهم ليسوا بخلاف الفلسطينيين عربا، بل شعبا مستقلا ومختلفا في المنطقة. وهم يملكون بخلاف الفلسطينيين ديمقراطية ناجحة جزئيا وطوروا مؤسسات حكومية ـ حتى بدون الدعم المستمر للاتحاد الأوروبي. وقيادة الأكراد أتمت تحفة استيعاب الأقليات التي هربت إلى منطقتها ومعاملتهم جيدا... وقد لا يوافق المجتمع الدولي حاليا على تطلعات الاستقلال. لا أحد يمكن له أن يفرح بأن ينقسم العراق. ولكن تصور أن يقبل الأكراد مجددا بالوضع القائم بعدما تخلت عنهم الدولة لوحدهم في محاربة تنظيم داعش وليس لها ما تقدمه لهم، فهذا يبقى غير واقعي".
واستبعد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عقد محادثات بشأن استقلال الأكراد، وهددت تركيا بفرض حصار. وفي هذا الإطار شككت صحيفة "راين بفالتس" في فرص نجاح تطلعات الاستقلال، وكتبت تقول:
"ليس فقط العراق وتركيا، بل حتى إيران وسوريا تجد نفسها بالنظر إلى المناطق الكردية فيها مجبرة على الرد على الاستفتاء في شمال العراق. فحمل السلاح في هذه البلدان لا يمكن استبعاده. وبالنظر إلى مئات الآلاف من الأشخاص من أصل كردي في ألمانيا وبلدان أوروبية أخرى يُتوقع أن تحصل مظاهرات في كولونيا وبروكسل. وهذا يجلب معه أيضا من جديد تشابكات دبلوماسية. كردستان بعيدة جدا، لكنها أيضا قريبة".
ر.ز/ م.أ.م