صحفيون حول العالم يتجهون إلى القضاء ضد المخابرات الألمانية
١٩ يناير ٢٠٢٠لولا ادوارد سنودن لما صدر القانون المعدل لجهاز الاستخبارات الألمانية في عام 2017. فقط من خلال ما كشفه المخبر الشهير، اصبح معروفا أن جهاز الاستخبارات الألماني متورط بعمق في فضيحة تجسس وكالة الأمن القومي الأمريكية/ NSA. وسنودن أكد بوثائقه الصادرة في عام 2013 كيف أن الوكالة تتجسس بمساعدة جهاز الاستخبارات الألماني على الاتصال عبر الانترنيت في جميع أنحاء العالم، وحتى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل كانت ضحية التجسس.
هذه الفضيحة اهتمت بها في السابق لجنة تحقيق تابعة للبرلمان الألماني اقترحت صيغة جديدة لقانون جهاز الاستخبارات الألمانية، لأنه فقط الألمان محميون في الخارج من المراقبة دون دوافع. ورفعت منظمة "مراسلون بلا حدود" دعوى ضد ذلك أمام المحكمة الدستورية العليا في كارلسروه. والمرافعة الشفوية بدأت الثلاثاء، ويُتوقع صدور الحكم بعد شهور.
وحتى بعض الصحفيين الأجانب العاملين في الصحافة الاستقصائية رفعوا دعوى دستورية. فهم قلقون على أمنهم الشخصي ومخبريهم. والمراسل المقدوني، غوران ليفكوف يتحرى عن حالات الفساد في وطنه. وفي الغالب في اتصال مباشر أو غير مباشر مع ألمانيا، كما يقول. وهو مرتبط في الغالب بمصادر يتواصل معها عبر الهاتف والإيميل أو خدمات ميسنجر.
غوران ليفكوف: "إنه خطر على حقوق الانسان الأساسية"
"إذا تم التنصت على محادثات المخبرين الخاصين بي، فإن مصادري ستبقى صامتة"، يقول ليفكوف، ولذلك هو يعتبر قانون جهاز الاستخبارات الألمانية "هجوما خطيرا على الصحفيين الاستقصائيين وبذلك على حرية الصحافة". وهذا الصحفي يضيف:" إنه خطر على حقوق الانسان الأساسية". والحكومة الألمانية ومعها جهاز الاستخبارات الألماني يعتبران هذه التخوفات بدون أساس، ويعتقدان أن المراقبة المكثفة للأجانب في الخارج لاسيما في الحرب ضد الارهاب ضرورية. ومن أجل ذلك يتم في حال الضرورة تخزين المعلومات وتقديمها لأجهزة استخبارات خارجية.
مكتب المستشارية: قضية حرب وسلام
رئيس المستشارية من الحزب المسيحي الديمقراطي، هيلغه براون أشار في المرافعة إلى توترات آنية مثلا مع ايران وفي العراق أو في ليبيا. فألمانيا تحتاج في غضون ساعات إلى معلومات موثوقة. "فالسؤال حول من يقف وراء هجوم قد يحسم بين الحرب والسلام".
وحقيقة أن يراقب جهاز الاستخبارات الألمانية في الخارج الاتصال بالإنترنيت يعتبرها المدعون مبنية على أساس، لكنهم يرفضون في الإشارة إلى حقوق الانسان العالمية التمييز بين الألمان والأجانب ويعتبرونه منافيا للدستور. كما أنهم يعتبرون من المستحيل لأسباب تقنية التدقيق بدون ارتكاب أخطاء في الاتصال العالمي عبر الهاتف والميل أو الدردشة. بكل بساطة يوجد وراء ذلك في كل مرة السؤال عن أي جنسية يحمل الشخص الذي يتواصل خارج ألمانيا؟
بلاز زغاغا: " الصحفيون على الجانب الصحيح"
الصحفي السلوفيني، بلاز زغاغا يحدوه نفس القلق لدى زميله المقدوني غوران ليفكوف الذي يفيد أنه ليس من الضروري أن يقوم أي جهاز مخابرات بمراقبة عمله الذي يقوم به في الصالح العام، مضيفا: "أعتقد أننا نحن كصحفيين نقف في الجانب الصحيح. إذن لماذا يجب أن يتجسسوا علينا؟" فالصحفيون الاستقصائيون يمارسون على كل حال عملا صعبا. "هناك ضغط كثير وتهديدات ومشاكل قانونية". والمراقبة المنهجية تضفي مزيدا من الصعوبة على عملهم، لأن الكثير من المصادر الممكنة ينتابها الخوف من التواصل معنا".
وهذا النزاع القانوني يتحرك في "نقطة تقاطع تطورات تطبع زمننا". وبهذا يشير إلى التوترات الدولية المتزايدة والنزاعات التي تحصل اليوم بشكل متزايد في المجال الرقمي. وفي الصلب يتعلق الأمر بالجواب على سؤال، كيف يمكن التكييف بين الأمن والحقوق الأساسية؟
مدعون يأملون في الدور الريادي لألمانيا
والمكلف بمتابعة المحاكمة من جهة منظمة "مراسلون بلا حدود"، بيان مويني يشعر بالأمل عقب المرافعة الشفوية الأولى. ويرتبط الأمر بضمانة أن تجد وسائل التواصل مبدئيا الحماية. والمحكمة الدستورية وجب عليها الآن تقرير ما إذا وجب على جهاز الاستخبارات الألمانية مراعاة "هذه الحماية إذا كان يلتقط في الخارج بيانات ومعلومات عن طريق مراقبته شبكة الانترنيت".
وحاليا بإمكان جهاز الاستخبارات الألمانية "لأهداف غير واضحة وبدون مبررات" التقاط الكثير من البيانات وتفتيشها ومعالجتها وتحويلها جزئيا بصفة تلقائية إلى أجهزة أجنبية. ويعتبر مويني أن هذا يتجاوز الحدود. فالألمان يتوقعون أيضا من وكالة الأمن القومي الأمريكية " أن لا تتجسس بكثافة علينا دون سبب". وسيقدم ذلك مساعدة كبيرة، لو أن محكمة بارزة " في بلد مهم تضع حدودا أمام جهاز الاستخبارات الألمانية". وبهذا يربط مويني الأمل في أن يتم في بلدان أخرى وضع عمل المراقبة لأجهزة الاستخبارات الأجنبية على محك الاختبار.
مارسيل فورستناو/ م.أ.م