"صفقة الغواصات" تثير غضب باريس وتتسبب في أزمة مع واشنطن
١٦ سبتمبر ٢٠٢١ألغت السلطات الفرنسية حفل استقبال كان مقررا الجمعة (17 سبتمبر/ أيلول 2021) في واشنطن على ما أفاد مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه الخميس لوكالة "فرانس برس"، بعد فسخ عقد تزويد غواصات فرنسية لأستراليا ما أدى إلى أزمة بين باريس وواشنطن.
وكان حفل الاستقبال سيقام في مقر إقامة السفير الفرنسي في واشنطن بمناسبة ذكرى معركة بحرية حاسمة في حرب الاستقلال الأميركية توجت بانتصار الأسطول الفرنسي على الأسطول البريطاني في 5 أيلول/سبتمبر 1781.
"طعنة في الظهر على طريقة ترامب"
ودخلت العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة في أزمة مفتوحة الخميس بعد إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات فرنسية واستبدالها بأخرى أميركية عاملة بالدفع النووي، ما دفع باريس إلى وصف الأمر بأنه "طعنة في الظهر" وقرار "على طريقة ترامب".
ومساء الأربعاء أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن إطلاق شراكة استراتيجية مع المملكة المتحدة وأستراليا، تتضمن تزويد كانبيرا غواصات أميركية تعمل بالدفع النووي، ما أخرج عمليا الفرنسيين من اللعبة. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إن "هذا القرار الأحادي، والمباغت يشبه كثيرا ما كان يفعله (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب". ولم يخف الوزير الفرنسي "غضبه" و"استياءه" إزاء ما حصل.
وتابع لودريان "لا تجري الأمور على هذا النحو بين الحلفاء"، وهو كان قد شارك في المفاوضات التي أفضت إلى "صفقة العصر" حينما كان وزيرا للدفاع في العام 2016، منددا بسياسة الأمر الواقع الأميركية، وتاليا الأسترالية، في ظل غياب أي تشاور مسبق.
وفي إطار التحالف الجديد مع واشنطن ولندن، أعلن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون الخميس فسخ أستراليا عقداً ضخماً بقيمة 90 مليار دولار أسترالي (56 مليار يورو)، أبرمته مع فرنسا في 2016 لشراء غواصات تقليدية.
توتر العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة
لكن أبعد من الخلاف الفرنسي-الأسترالي حول إلغاء صفقة الغواصات، أدى هذا القرار إلى توتر العلاقات بين فرنسا والولايات المتحدة، في حين كان يُعتقد أن بايدن يسعى إلى تعزيز العلاقات بين ضفتي المحيط الأطلسي بعدما سادها الاضطراب طوال أربع سنوات في عهد ترامب.
وقالت آن سيزال خبيرة شؤون السياسة الخارجية الأميركية في جامعة السوروبون في باريس "من المؤكد أن هناك أزمة دبلوماسية صغيرة على الطاولة". وتابعت "توجّه الولايات المتحدة مؤشرات متناقضة بعض الشيء إذ تطالب حلفاءها الأوروبيين بتعزيز حضورهم (العسكري) في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وفي الوقت نفسه تضع نفسها في موقع أوائل المنافسين لصفقات بيع الغواصات الفرنسية".
وتعهّد بايدن مواصلة "العمل بشكل وثيق مع فرنسا" التي وصفها بأنها "حليف أساسي" في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، إلا أن هذه التصريحات لم تخفف من الاستياء الفرنسي. والخميس قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن فرنسا "شريك حيوي" للولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
باريس تنفي علمها بالخطوة الأميركية
بلينكن أكد على "عدم وجود انقسام إقليمي بين مصالح شركائنا على ضفتي الأطلسي والهادئ"، وشدد على أن "الشراكة مع أستراليا والمملكة المتحدة تبرهن أننا نريد العمل مع شركائنا، ولا سيما في أوروبا، لضمان أن تكون منطقة المحيطين الهندي والهادئ حرة ومفتوحة".
من جهته قال وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتن إن أستراليا قررت التخلي عن الصفقة مع فرنسا لأن الغواصات الأميركية تناسب بلاده أكثر. وأوضح "نحن بحاجة إلى غواصة بدفع نووي وقد درسنا خياراتنا. وتبين لنا أن الفرنسيين لديهم نموذج لا يتفوق على ذلك المستخدم من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وفي نهاية المطاف استند قرارنا إلى مصلحة أمننا القومي".
وقال الأميركيون إنهم تواصلوا مع الفرنسيين قبل إعلان الرئيس الأميركي التحالف الجديد، لكن باريس نفت أن تكون قد أبلغت صراحة بشكل مسبق بهذه الخطوة. ولطالما كانت باريس متوجّسة من مواصلة بايدن نهج سلفه على صعيد الأولوية الاستراتيجية وخصوصا منافسة الصين، وإن اختلف الأداء شكلا.
ع.ش/ ع.ج.م (أ ف ب)