صفقة القرن - حلبة صراع جديدة بين إيران والسعودية؟
٣ فبراير ٢٠٢٠لم يتمكن الاجتماع الأخير لمنظمة التعاون الإسلامي من جمع الخصمين السياسيين، السعودية وإيران، في قاعة واحدة، وذلك بعد إعلان طهران أن وفدها مُنع من حضور اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، لبحث الخطة الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط "صفقة القرن".
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية قالت في تصريح لها، إن السعودية ماطلت في إصدار تأشيرات الدخول للوفد حتى الساعات الأخيرة، مما يفتح المجال للحديث عن التصعيد بين البلدين، وإن "خطة السلام" قد تؤجج الصراع بينهما.
وعلى الرغم من أن المنظمة أعلنت عن رفضها خطة ترامب معتبرة أنها "متحيزة وتتبنى الرواية الإسرائيلية"، إلا أن التجاذبات بين طهران والرياض سبقتها إشكالات بين الغريمين حول الصفقة، خاصة بعد أن أعلنت الخارجية السعودية الأسبوع الماضي تقديرها لجهود ترامب، بينما اعتبرتها إيران "صفقة شيطانية"، وضعها "مجرمون ومحتالون".
ملعب جديد للصراع الإيراني والسعودي؟
كان الموقف السعودي، واضحاً في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، وذلك من خلال كلمة وزير خارجيتها فيصل بن فرحان، الذي دعا الدول الإسلامية للتضامن مع الفلسطينيين وقضيتهم. إلا أن توجه المملكة كان محط جدل منذ بداية الإعلان عن الصفقة، بعد تصريحها عن دعم مبادرة السلام وتأييد المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بالإضافة إلى تزايد تأييد بعض السعوديين لخطة ترامب.
هذا الموقف السعودي، قابله موقف أكثر وضوحاً من غريمتها إيران، التي أعلنت منذ البداية رفضها للصفقة كاملة، مما فتح المجال للحديث عن مجال لتقارب جديد بين الفصائل الفلسطينية وإيران، وفرصة "لا تعوض" كما وصفها محللون، لنقل الخلاف الإيراني-السعودي إلى الساحة الفلسطينية.
هذان الموقفان، وعلى الرغم من اختلافهما يثيران تساؤلات حول ما إذا كانت الصفقة أداة في يد كلٍ من طهران والرياض لمحاولة فرض المزيد من السيطرة في الشرق الأوسط، وفي هذا يرى المحلل السياسي مصطفى كامل السيد في حديث له مع DW عربية أن "هذا التفاوت من الممكن أن يكون بداية لصراع جديد ولكن ليس بالبارز"، معتقداً أن الحكومة الإيرانية لا تملك أدلة وحججا دامغة في مواجهة المملكة العربية السعودية بهذا الشأن، وحلها يكمن في "إثارة الحديث عن الصفقة فقط"، ولكن عليها ألا تعوّل على هذا، لأن كلا من السلطة الفلسطينية وحماس "حريصتان على علاقات طيبة مع السعودية" في ظل هذه الأوضاع، خاصة ضمن محاولتهما لحشد التأييد الدولي.
من جانب آخر فإن الصفقة فرصة سانحة لإيران من أجل فرض تدخلها في القضية الأبرز في الشرق الأوسط، وعليه فإن مهاجمة الموقف السعودي قد يشكّل نافذة لتحقيق هذه المآرب، وفي هذا يقول كامل السيد إن "إيران قد تتهم السعودية بتأييد الصفقة والتعاطف معها"، مضيفاً أنه من الممكن أن تستغل السلطات الإيرانية منعها من حضور المؤتمر للقول إن "السعودية متعاطفة مع خطط ترامب ونتنياهو".
"الصفقة...ليست ذخيرة فتاكة"
قد تجد "صفقة القرن" لنفسها مكاناً في الصراع بين السعودية وإيران، باعتبارها الموضوع الأبرز حالياً في العالم الإسلامي، ويؤكد كامل السيد أن الصفقة ربما تكون مادة ثرية للصراعات الأخرى، إذ أن توازن القوى بين البلدين "يميل بشدة لصالح إيران"، حسبما يرى المحلل.
مما يعني أن السعودية قد توجه اتهامات لإيران بالسعي للهيمنة على الشرق الأوسط وتدخلها في شؤون الدول العربية في حال الحديث عن الصفقة، مضيفاً أن الرياض تشجع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في صراعهما مع إيران.
من جانب آخر يرى كامل السيد أن صفقة القرن لا تضيف جديداً إلى قائمة الخلافات بين الطرفين، إذ أن جميع الدول الإسلامية رفضت الاتفاقية، مما يعني أنه يصعب على إيران اتهام السعودية، وبهذا ليس بيد حكومة طهران "ذخيرة فتاكة" في مواجهة المملكة على حد تعبيره. معتبراً أن "الحرب بالوكالة" بين الطرفين في اليمن ولبنان وسوريا والعراق تفوق ادعاءات إيران حول تأييد السعودية لخطة السلام.
"مزيد من التوتر" وصراع على الزعامة
عدم حضور إيران لاجتماع منظمة التعاون الإسلامي يفتح الباب للحديث عن الصراع على تزعم العالم الإسلامي، إذ سبق عدم حضور إيران قمة جدة، رفض السعودية آواخر العام المنصرم، حضور قمة مصغرة للدول الإسلامية في ماليزيا؛ شاركت فيها إيران إلى جانب تركيا وقطر.
وفي هذا السياق يقول كامل السيد، إن التعامل مع "صفقة القرن" سيكون وفقاً لقرارات المؤتمر، وبالتالي فإن موقف إيران لن يحدد كيفية التعامل مع خطة السلام، بيد أن مراقبين يرون أن إيران تنظر لصفقة القرن على أنها "أحد عوامل تقويض نظامها السياسي والعسكري"، وذلك بعد الحديث عن نزع سلاح حركتي حماس والجهاد الإسلامي المدعومتين بشكل مباشر من طهران، مما يعني أن إيران ستسعى من خلال الحديث عن الصفقة لإنقاذ مكانتها أمام العالم الإسلامي.
ويختم المحلل السياسي مصطفى كامل السيد حديثه مع DW عربية قائلاً إن "الصراع بين الطرفين أوجد ضغينة بين الدول الإسلامية، وساهم في تغذية التوتر بين السعودية من طرف وقطر وتركيا وإيران من طرف آخر"، مؤكداً أن كل هذه التحركات البسيطة السابقة تهدف إلى تواجد قطب دون آخر، مما قد يساهم في "إضعاف العالم الإسلامي".
مرام سالم