صورة إسرائيل في الكتب المدرسية الألمانية..إشكالية أكبر من عقل التلاميذ
٦ يناير ٢٠١٣قريبا تحل الذكرى الثامنة والستون لانتهاء الحرب العالمية الثانية وسقوط النازية في ألمانيا. وبالرغم من مرور هذه السنوات الطويلة إلا أن تعامل ألمانيا مع هذه الحقبة المظلمة من تاريخها مازال مسألة صعبة خاصة فيما يتعلق بمواضيع مثل المحرقة النازية (الهولوكوست) والعلاقات مع إسرائيل. وتشهد ألمانيا حتى يومنا هذا مناقشات جديدة حول الصورة التي يجب إيصالها للأطفال والشباب في ألمانيا عن إسرائيل.
وأطلق معهد غيورغ إيكارت الألماني لأبحاث الكتب المدرسية، مبادرة انبثقت منها في عام 2010 لجنة ألمانية إسرائيلية متخصصة في بحث الكتب المدرسية.
ويشدد ديرك زادوفسكي المختص في الشأن الإسرائيلي وأحد القائمين على هذه المبادرة، على أهمية الكتاب المدرسي كوسيلة لبناء الثقة.
واتسم التقييم الأولي للجنة بالسلبية إلى حد كبير بعد أول فحص للكتب المدرسية، كما يوضح زادوفسكي قائلا: "ثمة تجاهل للكثير من الواقع الإسرائيلي لاسيما فيما يتعلق بجوانب المجتمع المدني". ويرى زادوفسكي أن مؤلفي هذه الكتب المدرسية يميلون عادة لوضع إسرائيل "في صورة الجاني ووضع الفلسطينيين في موقف الضحية".
وقامت اللجنة بفحص ما يقرب من 500 كتاب في التاريخ والجغرافيا والعلوم الاجتماعية في ولايات شمال الراين ويستفاليا وبايرن وسكسونيا السفلى وبرلين.
اتهام بتصدير صورة سلبية عن إسرائيل
ومن بين ما لاحظته اللجنة وتحديدا في كتاب للتاريخ يدرس بالمدارس المتوسطة في ولاية شمال الراين ويستفاليا هو "وجود صورة لجنود إسرائيليين يصوبون سلاحهم تجاه مدنيين غير مسلحين علاوة على استخدام عبارة /الإرهاب اليهودي/".
وانتقد زادوفسكي ما سماه بـ "التوجه نحو اختيار صور لا تصب في مصلحة إسرائيل" في الكثير من الكتب المدرسية في ألمانيا علاوة على تركيزها على وضع إسرائيل في صورة العدو ، بحسب قوله.
إشكالية أكبر من عقل أطفال الابتدائي
يلمس العاملون في قطاع التعليم بألمانيا حساسية وإشكالية التعامل مع الموضوع من خلال الكتب المدرسية كما تقول كريستين تانهافن، وهي معلمة في برلين. وتقول تانهافن، إن كتاب التاريخ المعتمد في مدارس برلين للصفين الثالث والرابع الابتدائي والصادر عام 2008، يعد نموذجا سلبيا لما يمكن أن تقدمه الكتب المدرسية فيما يتعلق بالمعلومات التاريخية.
وتضيف المعلمة إن الكتاب على سبيل المثال يتحدث عن الحواجز الأمنية الإسرائيلية دون التطرق لخلفيات إقامتها. كما تنتقد المعلمة أحد التمرينات في الكتاب والتي يقوم التلاميذ من خلالها بلصق صورة لجدار فوق مجسم لإسرائيل وتقول: "يؤدي هذا إلى استياء عند التلاميذ من إسرائيل وقد يصل لدرجة الغضب".
ولا تؤيد تانهافن بشكل عام إقحام الأطفال في هذه القضايا السياسية المعقدة وتقول، إنها عندما تتحدث مع التلاميذ وتسألهم عما يريدون معرفته عن إسرائيل فإن كل ما يثير اهتمامهم هو نوع النباتات والحيوانات التي تعيش هناك أو الألعاب التي يلعبها الأطفال في إسرائيل.
وتضيف المعلمة: "لا أدري لماذا يتعين على طفل في التاسعة أن يتعامل مع هذه القضية السياسية الإشكالية المعقدة".
مطالب بالتطوير
ترى تانهافن، ويشاركها الرأي ديرك زادوفسكي، ضرورة ملحة لإجراء تعديلات على الكتب المدرسية، ويقول زادوفسكي: "يجب الاهتمام بتوجيه النظر بشكل أكبر إلى التعددية الديمقراطية والعدالة ودولة القانون في إسرائيل".
ورغم أن تعليقات اللجنة كانت سلبية إلى حد كبير إلا أنها أثنت على ولاية بافاريا، ففي الوقت الذي رصدت فيه اللجنة معدل تناول الشؤون الإسرائيلية في الكتب المدرسية في الكثير من الولايات وقدرته بثماني صفحات فقط، خصصت الكتب المدرسية في بافاريا حوالي 70 صفحة في المتوسط عن إسرائيل. وأشادت اللجنة بمحتوى هذه الصفحات ووصفته بـ"المتوازن".