طلاب سوريا بين الخوف والإصرار على مواصلة الدراسة
٢ مايو ٢٠١٣التقت DW عربية بالعديد من طلاب الجامعات في دمشق وسألتهم عن وضع الدراسة في ظل الظروف التي تمر بها سوريا. وبحسب ما قاله "محمود" الطالب في كلية الحقوق، فإن الحرب عكرت أجواء الحياة الجامعية وبات يسيطر عليها الخوف والقلق. وأشار إلى انخفاض نسبة الحضور إلى أكثر من النصف، خصوصاً بعد سقوط قذائف هاون في مقصف كلية العمارة، وسقوط عشرين قتيلا وعشرات الجرحى نهاية الشهر الثالث من العام الجاري، وهو ما أدى إلى سفر العديد من الطلاب إلى خارج البلاد.
هكذا تبدلت أحاديث الطلاب من نقاش حول المقررات إلى حديث عن الأماكن التي تشهد قصفا في دمشق وريفها، كما أصبحت الساحات العامة للجامعات نذير شؤم للطلاب، ما اضطرهم إلى الاجتماع في أماكن مغلقة خوفاً من سقوط قذائف، حسب" نور" الطالبة في كلية الفنون. في حين قالت "سناء" لـ DW عربية إنها تشعر أثناء دخولها للجامعة، وكأنها تدخل "منطقة أمنية" نظرا للتفتيش الدقيق على الأبواب.
نزوح وخوف
" عبد الرحمن" نازح من إحدى بلدات الريف، لم يخف انزعاجه من المساس بأمن الجامعة التي يحلم بأن يتخرج منها كمهندس. وروى الأخير لـ DW عربية معاناته مع حالات الخوف التي أصابته مع العديد من رفاقه، فـ"بعد نهاية الخطاب الأخير للرئيس السوري بشار الأسد، بدأ عناصر الحواجز العسكرية المحيطة بالجامعة، بإطلاق الرصاص في الهواء احتفالاً بالخطاب. وكان الرصاص قريبا منا، ما اضطرنا إلى الاختباء في إحدى المكتبات لفترة من الزمن، ولم نخرج إلا بعد أن تأكدنا من عودة الهدوء إلى المكان".
ونتيجة لانتشار الحواجز العسكرية وعمليات الخطف في العاصمة، يتغيب العديد من الطلاب عن الحضور، وقال "محمد" الطالب في كلية الاقتصاد، "لم يعد بمقدورنا حضور جميع المحاضرات فأغلب الطلاب يحضرون ويعودون إلى منازلهم في وقت مبكر، خوفاً من اندلاع اشتباكات".
تراجع في المستوى الدراسي
في المقابل، أدت الأحداث الدائرة في البلاد إلى تراجع المستوى الدراسي للطلاب، وفق تأكيدات من قبل معظم المهتمين بالشأن التعليمي. وعزا "أحمد"، الطالب بكلية العلوم أسباب ذلك لـ DW عربية، إلى نزوح عدد كبير من الطلاب من منازلهم. وقال على سبيل المثال: "اثنان فقط من أصل عشرة من رفاقي هم غير نازحين، ومن الصعب دراسة المقررات ونحن نازحون عند أقربائنا، ويوجد في المنزل الواحد عشرون شخصاً بينهم أطفال. وأضاف "أصبح رفاق لنا في عداد الموتى، وبعضهم في المعتقل، فذلك أصابنا بالحزن وتشتت الذهن".
وبكلمات مخنوقة، أبدت "ريم" وهي طالبة في كلية الآداب حزنها الشديد، لرسوبها في امتحانات العام الماضي، لأنها لم تتمكن من الوصول إلى الجامعة لاجتياز الامتحانات، حيث شهدت المنطقة التي كانت تقطن فيها اشتباكات وصفتها بالعنيفة. وحسب "ريم" فإن الاشتباكات استمرت لعدة أيام قبل أن تتمكن مع أهلها من النزوح إلى أحد أحياء دمشق الآمنة.
بدوره، أظهر"عمر" طالب من الكلية ذاتها، إصراره على حضور المحاضرات، وقال لـ DW عربية: "صحيح إن الأوضاع الأمنية في العاصمة متأزمة، ولكن الأزمة أصبحت طويلة، وليس من المعقول أن أجلس وأنتظر ما الذي سيحدث".
طلاب الجامعات .. بين مؤيد ومعارض
وكما هي الحال في بقية المجالات، انقسمت المواقف من الأزمة السورية في أروقة الجامعات أيضا. فقد اتهم "براء" الطالب في كلية الحقوق في حديثه لـ DWعربية القوات النظامية بأنها قصفت كلية العمارة في دمشق، ورفض اتهام الجيش الحر بذلك، مبرراً بأن الأخير يعمل لحماية المدنين لا لقتلهم، مشددا على أن "المجازر اليومية ترتكب على يد جنود النظام".
أما صديقه "أيمن" المؤيد للنظام السوري، فيرى أن الجيش الحر هو المسؤول عن تدمير سوريا، وهو الذي يقصف الجامعات خلال قصفه للمراكز الأمنية المحيطة بها، مؤكدا أن سوريا تتعرض لـ"مؤامرة كبيرة".
ويبقى "مهند" بين المنزلتين، فهو يقول "لا يهمني من سينتصر في النهاية، وإنما ما يهمني أن لا يدمر بلدي أمام عيني، وماذا يفيدني ما يحصل الآن، وأنا أعاني الأمرين بعد النزوح من المنزل وخسارة والدي لعمله" .
الحرب تنال من العلاقات الاجتماعية
تبدلت علاقات الصداقة بين طلاب الجامعات عما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة، حيث قال الطالب محمد سعيد: "لم يعد بمقدوري التواصل مع من يؤيدون بشار الأسد، وأصبحنا منقسمين بشكل غير مباشر. المعارضون يجتمعون سوية، والمؤيدون سوية أيضا، بعيداً عنا". في حين، قال الطالب "معاذ": "لدي بعض الأصدقاء من آراء وطوائف أخرى، وعلى الرغم من ذلك مازال بيننا تواصل، وفي البداية كنا نحتد في النقاش نتيجة اختلاف الآراء، لكننا قررنا فيما بعد أن نترك السياسة لأهلها ونبقى أصدقاء على الرغم مما يحدث". من جهته، أبدى الطالب المسيحي "يوسف" عدم رضاه من تصرفات النظام الحاكم، مبديا خشية من المرحلة القادمة "فكل شيء غامض حتى الآن". وختم"يوسف" كلامه لـ DW عربية بالقول: "نعمل الآن في العائلة على تجهيز أوراق السفر إلى كندا" .