عفوا إينفانتينو..لم يكن أفضل مونديال في التاريخ!
١٦ يوليو ٢٠١٨اعتبر جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أن مونديال روسيا رياضيا وتنظيميا كان الأفضل في تاريخ تنظيم نهائيات كأس العالم، موضحا: "قبل أعوام قلت إن المونديال هذا سيكون الأفضل في التاريخ، ويمكنني أن أقولها اليوم بقناعة: هذه أفضل كأس عالم على الاطلاق". وأدلى اينفانتينو بتصريحاته هذه لأثناء مؤتمر صحافي عقده على ملعب لوجنيكي بموسكو قبل يومين من موعد مباراة النهائي التي فاز فيها "ديوك" فرنسا بلقب البطولة.
بطبيعة الحال، هذا الحكم الصادر عن المؤسسة الدولية المسؤولة عن كرة القدم، سيبقى وساما على صدر الروس الذين نجحوا في تغيير صورة روسيا السلبية خاصة في الغرب. وطيلة الأسابيع الأربعة للبطولة، شاهدنا أجواء مرحة وسط لقاء بين الشعوب والأعراق حول وداخل الملاعب. وساهم بقاء المنتخب الروسي في ادوار لاحقة للبطولة في إدخال البهجة بين الروس الذين هم أصلا لا يكترثون كثيرا بكرة القدم مقارنة برياضة الهوكي.
مع ذلك يجب القول إن حكم إينفانتيو هذا غير محايد تماما، وأن هذه الدورة لم تكن الأفضل على الإطلاق. وذلك لأسباب عدة.
أولا لأن صورة روسيا التي شاهدناها أثناء المونديال ليست بصورة البلد الحقيقية. هذا البلد الذي سيعود إلى واقع الاستبداد اعتبارا من يوم الاثنين (16 يوليو/ تموز)، تزامنا مع انطفاء كاميرات الصحفيين ومغادرتهم للبلاد هم وجميع الطواقم الرياضية الأجنبية. وكما كان متوقعا استغل بوتين المونديال لتلميع صورته وشغل الأنظار عن دوره في الحرب السورية والأوكرانية وضمه لجزيرة القرم.
غير أن هذه المعطيات وكما هو معلوم لا تهم الفيفا، فما دام أن لا شيء حدث خلال المونديال يجبر الفيفا على تذكير نفسه والعالم بالأسس الأخلاقية للاتحاد، فلا أحد يريد سماع دروس عن الديمقراطية.
يضاف إلى ذلك أن تكاليف المونديال دخلت مستويات خرافية لا يصدقها العقل، فيكفي أن ملعب "زينيت أرينا" بسان بيترسبورغ كلف مبلغ مليار يورو لترميمه، ليتحول اسمه بين الساخرين إلى "معبد البذخ". أما ثمن بطاقات الدخول فهي قصة أخرى، إذ أن سعرها ارتفع بنحو 70 بالمائة مما كان عليه الأمر في مونديال ألمانيا.
رياضيا؟! على المستوى الرياضي افتقد عشاق المدارس القديمة لكرة القدم إلى "اللعب الجميل"، الاسثتناء الكبير تجلى في نهائي البطولة بين فرنسا وكرواتيا والذي كان من أجمل مباريات المونديال.
عدا ذلك كان الرهان على ضربات الجزاء والضربات الحرة والركنية لتسديد الأهداف، كما شاهدنا مع منتخبات انجلترا وكولومبيا وفرنسا. وقد بلغت نسبة الأهداف المسجلة بهذه الطريقة 45 بالمائة مقابل 29,6 بالمائة صنعت من قلب الضغط الهجومي.
إلى جانب ذلك، اعتمدت الهجمات المرتدة والتي تلتها مباشرة العودة إلى الخلف كما كان الشأن بالنسبة لأوروغواي والبرتغال، إلى جانب فرنسا في بعض الأحيان.
أيضا "انهيار" أسطوري لكبار النجوم على غرار رونالدو وميسي وإينيستا، يضاف إلى ذلك الأدوار المسرحية المثيرة للجدل التي لعبها بشكل أساسي نيمار دا سليفا، لكن أيضا وفي فترات متفاوتة الفرنسي مبابي. وفي النهائي شاهدنا الشيء ذاته من قبله زميله أنطوان غريزمان عند سقطته المفتعلة والتي اخذ منها الحق في ضربة حرة، سقط منها الهدف الفرنسي الأول.
.