عقبات تنغص حياة المعاقين- فهل من سبل لتذليلها؟
٣ أكتوبر ٢٠١٢رغم أن بعض المناطق في ألمانيا قطعت شوطاً كبيراً في تسهيل الحياة اليومية للمعاقين، ما زالت مناطق أخرى غير معنية لسبب أو لآخر في تجاوز تلك العقبات. مثال على ذلك إحدى محطات الترام. حيث يتعرض المعاق إلى مشكلة كبيرة أثناء نزوله من الترام. ضيق الفجوة بين باب الترام والسيارة التي تسير بجانبه قد تعرّض حياة مستخدمي الكراسي المتحركة لخطر كبير.
السويد نموذجاً يحتذى به
أكثر من تسعة ملايين شخص مُعاق في ألمانيا يتعرضون لمثل هذه التحديات في حياتهم اليومية. في ألمانيا هناك العديد من القوانين والمعايير التي تتعامل جدياَ مع هذه الحالات وتقدم شيئاً من الحماية لهم. المثل الأعلى لبناء مجتمع خالي من الصعوبات بالنسبة لذوي الإعاقات لا يزال هدفاً مستقبلياً لكثير من الدول، وذلك بحسب توقع سيباستيان كلين، بطل أوروبا لفئة الشباب ولأربع مرات على التوالي في سباق الكراسي المتحركة. كلين يشارك في بطولات رياضية في بلدان كثيرة، جالساً على كرسيه المتحرك المصنع خصيصاً من أجل هذا النوع من السباق. فهو يرتاح بشكل كبير في السويد، حيث حقق هذا البلد إضافة إلى تسهيل الحركة للمعاقين في كل أنحاء البلاد، إدراج مشروع يهدف إلى المشاركة الكاملة للأشخاص المعاقين في جميع مجالات الحياة: "في السويد يتعامل الناس مع المعاقين بشكل اعتيادي." يقول كلين. أما في المدن الألمانية الكبيرة ما زال هذا المشهد يجذب إليه الأنظار. ففي كثير من الأحيان يحدق الناس بالمعاق وكأنه شيء غريب أو ينظرون إليه نظرة شفقة. لكن نادرا ما يتقبلونه كجزء من المجتمع.
مشروع ألماني لتذليل العوائق
من أجل بناء مجتمع خال من الحواجز، أسست بعض المناطق السياحية الألمانية سنة 2008 جمعية يطلق عليها "مناطق سياحية ألمانية خالية من العوائق ". وقد انظم إلى هذه الجمعية حتى الآن إلى جانب مدينة "ايرفورت" و"ماغدابورغ" سبع مناطق من الريف الألماني أيضاً، وهي منطقة "أوستفريزينلاند"، ومنطقة "آيفيل"، و"روبينرلاند"، و "لاوسيتسير زيه لاند"، و "سويسرا الساكسونية"، و "فرانكونيا زي هلاند".
يحاول أعضاء هذه الجمعية، في مدن ومناطق مختلفة، تجنيد السياسة بشكل أقوى لدعم مشروعهم النبيل. إنهم يعملون بانتظام ويتبادلون المعلومات والخبرات بين بعضهم البعض للتوصل إلى إزالة كل العوائق أمام المعاقين من أجل تسهيل حياتهم اليومية. منطقة "آيفيل" خير مثال على ذلك، حيث تقدم في برنامجها السياحي عن طريق الإنترنت عروضا خاصة بالمعاقين وخاصة بالمكفوفين ومعلومات تسهل عليهم السفر والسياحة. وسنة 2010 بدأت شركة السكك الحديدية أيضاً بالتعاون بشكل كبير مع هذه الجمعية، حيث تقدم على موقعها على الانترنت معلومات عن خدمات تخص المعاقين، وخاصة من أجل التسهيل عليهم عملية الصعود والنزول من القطارات.
هدف مشترك، منفعة متبادلة
في ألمانيا بدأ تنفيذ بنود اتفاقية الأمم المتحدة التي تُكفل الحقوق المشروعة للأشخاص ذوي الإعاقة منذ آذار2009. وقد كلف صياغة اتفاقية الأمم المتحدة، التي تحمي حقوق الإنسان بشكل عام ، جهداً كبيراً وكثيراً من الوقت وصل قرابة العشر سنوات. الاتفاقية هذه تنص على أن كل الناس سواسية في الحقوق والواجبات وفي كل مجالات الحياة، ويرفض فيها أي تمييز وأية امتيازات، ولا يحق لأحد أن يعزل أحداً لسبب تتعلق بالإعاقة الجسدية.
إيليا سايفرت، عضو في البرلمان الألماني الإتحادي عن الحزب اليساري تعرض قبل أكثر من خمسة وأربعين عام لحادث في المسبح. ومنذ ذلك الوقت يتحرك السياسي في كرسي متحرك. سايفرت يعتقد أن فكرة إمكانية بناء مجتمع خالي من أي عائق فكرة جميلة تصبو إلى رفاهية جميع الناس، حيث يقول: "إن بناء ممرات منحدرة لا تساعد فقط المعاق الذي يستعمل الكرسي المتحرك، بل أيضاً امرأة تجر أمامها عربة أطفال، أو عجوزاً يتكأ على عكاز."
تعتبر فكرة "السياحة الخالية من العوائق" بالنسبة لسيفرت ليس مشروعاً خاصاً بالأشخاص ذوي الإعاقة فقط، بل أنه مشروع مستقبلي يخص الجميع. وفي ظل التطور الديموغرافي في ألمانيا، هناك ارتفاع بمتوسط العمر عند كل الناس، هذا يعني أن كثيرين منهم سوف يكونوا في سن الكبر من ذوي الإعاقة. لذلك تأخذ هذه المسألة في ألمانيا أهمية أكثر من ذي قبل.